قبلت فتاة لأول مرة
تحت ظلالها
واثقا.
أنها لن تشي بكما
أن تعود لدخول بيتك القديم
بعد هدمه
وصيرورته بناية هائلة
ومجالسة أبيك
تحت وقع تأنيبه
واختزال سنوات للقاء جدك
الذي مات بمرض السرطان
تماماً كأبيك
ومثلك أيضاً
كنت في السبعين وقتها
على ما أذكر
ربما تجاوزتها بسنوات
حين ابتسمت الشمس
لإيقاع موسيقى
عادة ما يجذب القمر
وتسلل الجبل من الشوارع الجانبية
وتوقفت القطارات
عند جلوس الأشجار على المقاعد
أنا رأيت ذلك
و لا أثق فى مشاهداتي العابرة
كنت أتصور أنني سأترككم
بعد ثلاثين سنة من مولدي
أيتها الشوارع
التي تتعثر بين قدمي
كنت أشاهد وجوهي في المرايا
وملابسي
مثل زي عسكري .. قمصان ملونة
حذاء صغير لا يتقبل خطوتي
حقيبة بها كراسات متسخة
أوراق شخصية جداً
ورغبة مؤكدة
فى التخلص من نظريات مراوغة
أفكر فى الوثوق بها
و ها أنا أعود لكم
كلص محترف يعبر الحوائط
أو يتسلل من الأسقف
كمخبر محنك يراقب أفعالكم
لا يهمه من تكونون
و هو يجالسكم
دون أن يشعر احدكم بانتقامي
أنا اللحظة شبح
يفتش عن أبناء أعدائه
ويتأهب لإفساد حياتهم
لست شريراً
أنا ضحية الخونة والحاقدين
أنا الطفل البدين
محط سخرية الآخرين
العاجز عن حراسة المرمى
و المريض غالباً
غير المنسجم مع الكارهين لإذاعة المدرسة
والرافضين لتفوقه
أنها الهزائم الصغيرة التي تواجهني
كحزمة من السنوات
تقف على حافة النافذة
توشك على السقوط
ولا املك إمساكها
أنا صاحب حياة سرقها الرفاق
و أحلام حطمتها الشوارع
أعود لكم بحرائق محمومة لن تنطفئ
كمجنون محترف
يلطخ أحلامكم بالسموم ذاتها
ويعيد لدمائكم أمراضها السرية
و يوقع العداوة بين أبنائكم
أيها الخونة
كنت متسامحاً كسلحفاة لا درع لها
وهذا ما يكفى لتعذيب العالم
وإخراج العواصف من قماقمها
و لا مانع عندي الآن
من ترك عظامكم طعاماً للقطط الشاردة
و إطلاق سرب من الجرذان المتوحشة
على بيوتكم
فالعداوة لن تنتهى
والأنين طازج تحت جذوة لا تخبو
يخترع الأمكنة
ويبتكر الشوارع
حين يعيد صياغتها
بلا مبالاة لجدران لا تعرف النوم
لعزلة الهواء
للمصابيح المطفأة و الكلاب الضالة
لحدائق معطوبة لا يمكن إصلاحها
كيف أتجاوز كل هذه الحكايات العادية ؟
لدى أنواع جديدة من الآلام
لا تحتاج
حقن المسكن وزجاجات المحاليل
التي أفلت منها
ومضيت تاركاً
صور الأشعة ونتائج التحاليل
و احتمالات تتداول فى حجرة الأطباء
لحظتها كان النهار يمد ابتسامته
ويديه
وبخطوة واحدة يكون الطريق
بحجر غير مصقول تتشكل المدينة
بنقطة من غيمة تائهة يبدأ النهر
و من لعبة الإختفاء تكون العودة
لست روبين هود
لتتسلل البهجة من أصابعي
للنائمين فى الأكواخ
و المنفيين فى الحقول
و لست شريراً كذلك
أنا مالك جروح لا حصر لها
أمشى بلا غيمة معى
أنا الهزيمة حين تتجسد
لا ظل لي
ولا عبارات تتناسب معى
الحروف انتهت
و الجثث المعلقة بالمسامير
تعرفونها
سرقت لأجلها الحوائط
انظروا للأبواب وهى تنزف
والنوافذ التائهة فى صراخها
سامنح الشكوك بهجتها
والقسوة سطوعها فى براحة الخواء
وكملاك شارد أعلم الخديعة
وأكشف للصغار عن طلاسم الآباء
لينتشوا بالوجود فجأة
ويظهر ما ساء لهم
ثماراً لا حدائق لها
وظلالاُ مكبلة اختلسها الليل
لتنفجر الكوابيس من التأملات الساذجة
وبدون مجهر
احدد نقطة البراءة الأخيرة
واضع فوقها ركام من الليل
لدى الآن القدرة على التشكل
مرة كنت شجرة
تراوغ ظلالها المارة فى الصيف
وتجلدهم فروعها
وهى تنفض الطيور بعيدا
قبل أن تتجول فى إشارة المرور
وهى تطأ السيارات
وتتحرك بثقة إلى الأرصفة المزدحمة
سوف أخبركم بأشياء أخرى
فأنا لن انتظر كوبًا من الشاي
وسجائر محشوة بالبانجو
فالأشباح لا تخاف رواد المقاهي
و لا تفزعها صيحات الجرسونات
تحب تراكم الطاولات فى جانب مظلم
وجمع المقاعد فى لفافة لتطوحها كبالون
تاركة فقاعات هائلة من الشجار
وجراح لا أقدام لها
و الأشباح عادة
ما تفكر فى وسيلة لمحاذاة الفراغ
وكيفية إطفاء نجوم مزعجة
سطعت على جانب من النهر
ووحده الفتى المراهق
يطل من نظرتي
لإمرأة لا يعرفها
شاركته أدخنة الحشيش
واقتسمت بطراوتها
فراشه وذاكرته
أيتها الخيانات المعلقة
بحبال من النار
كيف تنفى الوجوه فى المرايا
ويصبح الزجاج محايداُ
والشراشف كاذبة
والفتى يتبخر
بين خناجر أصدقائه الصدئة
والضربات العشوائية التي لا مكان لها سواه
كان يأمل أن يكون قاسياً
قبل أن يكتشف قدراته الجديدة
على مصاحبة ملاك
لمصحة خاصة جدًا
وتسجيله كنزيل بدار للمسنين
و التقاط روائح الأشباح النائمة
وتقييدها على أسطح البنايات
او إلقائها لأسماك ملونة
تراوغ السحابات الصغيرة
خدعته جدته حين قالت :
الأشباح لا تترك أثراً
وغير مزعجة
الحقيقة أنها ليست كذلك
بضجيجها وهى تعبث بكروت الذاكرة
فى لعبة مسلية
تنتهى بخسائر فادحة للنائمين
وتشكيل مجموعات من العقول الباطنة
لتزيين شجرة عيد ميلاد مطفأة
لم أكن غبيًا
حين أفرغت الرؤوس الصغيرة من أحلامها
و منحتها إشارات أخرى
تصلح لتحريك روبوت تائه
لأمكنة مجهولة
فلدى ألعاب مثيرة للضجر
وقبضة صالحة للخنق
عندي مسامير صدئة
لتثبيت الجثث
على ألواح من الخشب المسمم
وأملك أكاليل الشوك
لست شريرًا
حين أرافق مليكة على العشب
على وعد خادع
لتترك ممالك أبيها
أو عندما أحرك الشوارع قليلاً
وأترك الميادين فى الصحراء
والمحيطات فى المزارع
لم أكن قاطع طريق
حين دخلت التجربة
سجيناً لعلبة السخرية
و منكمشًا من اغتيال الضجيج
ونكهة الظلال التي تتابعني
قيل وقتها عن ميراث من الرعب
وجنية ذبيحة على باب البيت ….
قطط بعيون زجاجية
وشجرة كافور سقطت من عجوز
فى ليلة باردة
أنا من سدد ديون العائلة
أعرف الحقيقة الآن
ولعبة الثأر كتسلية وحيدة
فمن كان يعتقد فى إمكانية تحريض أرجوحة
لتقذفني ؟
إلى حيث أدوية حساسية الصدر
وحقن الكورتيزون
أو منح العصافير بنادق صيد
لتترصد تسلقي لشجيرة ماكرة؟
غرست أشواكها بالأمعاء الدقيقة
لمن أحمل تاريخه
لمن يترصدني كشبح لرجل طيب
عاش عزلته بين أحضان خادم دميمة
تستكشف مراهقته
وحبيبات غادرن أحلامه على عجل
آآآآآه لا تمسح بقماش متسخ هنا
وضع فناجينك ذات الأذن الواحدة بعيدًا
دع المقهى مثلما هبطت عليه
بكائناته المزعجة
فلن تشاهد ذاكرة غائمة
بين حبيبات البن
وأنت يا جندي المرور
لماذا تلون إشاراتك ؟
وتلوث بالأبيض الأسفلت ؟
عقارب الساعة لن تقف
حاول استخدام دفتر المخالفات
فى تسجيل أرقام العواصف
وتحرير محضر
لطائرة لم تعبر الشارع
و أنتن كيف تتحول أردافكن
لكرات تبحث عن ملعب صالح للموت
أيها الجالسون خلف مكاتبكم الحمقاء
أشعلوا النار
فى الأوراق التى بين أيديكم
فى غرف الحفظ
ودفاتر قيد المواليد والوفيات
ليس هنالك من يستحق ملكية ما
ولا من يجب اغتياله
سوف أحلق حولكم
لست سوبرمان
ولا صاحب بساط سحرى
يصنع حواديت الأمهات
رغبتى لا نهاية لها
و ذاكرتى لا تحفل بالطيبين
والبخار الذى اقتنصته
لم يكن لشجرة وديعة على نهر غائب
فلا تصدقوا الأساطير عن أشباح ثلاثية الأعين
أو سداسية الرؤوس
فالمعادلات الهندسية عدو خائب
كثيراً ما يذكرنى بميسو صديق كامو
الذى دفعه مع صخرة سيزيف
فى لحظة ضجر لا تنتهى
فالمعادلات نسبية كالمسافة بين إصبعين
ولا تظنوننى مجرد هواء عابر
يشرخ المرايا
أو لعبة شيقة تحرك أثاث المنازل
وتحب البراويز الفارغة
وتخطف السجائر المشتعلة
أنا قادم للثأر
و لا أرغب فى التدخين هذه اللحظة
غير مشتاق لرؤية ذوى المناصب الكبيرة
أو الحرس الخاص لشخصية ما
كتمهيد لانفجارقنبلة فى موكب محاط بالسرية
كل ما يهمنى من التماثيل
عودة الصخور لمنازلها
والقضاء على الأزاميل
لست بحاجة لمعاول
لتنهار مصابيح المدينة فجأة
سأقول لكم عن حادث شهير جدًا
لقد ذهب شخص ما ليقفز من برج الجزيرة
و حظه السئ يترصده
بإنبوبة غاز فارغة
وطلقة معطوبة فى بندقيته التى كسرها
قصة حدثت منذ سنوات لرجل كان يشبهنى
يسير فى هذه المدينة جواركم
ويدون كل ليلة وصيته
على هامش جريدة
ينسى أين تركها
إن مثل هذه القصص
لايمكنها قياس كثافة الهواء
أو تحديد المسافة بين ميت وشبحه
الجالس معكم
إنه ليس مرعباً بدرجة مقبولة
تظنون دائماً أنه صاحب أنياب معدنية
يضع الصغار فى عصارة الفاكهة
والأمهات فى مطحنة البن
ويقذف بالمصعد خارج البناية
لديكم توقعات خائبة
عن العداوة الأبدية
شبيهة بخيانتكم الحمقاء
وعندى ما يدفعكم لهاوية
تطابق أمنياتكم القديمة لى
ــــــــــــــــــــــــــــــ
شاعر مصري