أنزوي في ركن على أريكتي البنيّة

أنزوي في ركن على أريكتي البنيّة
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

نهى أحمد

" وبأنى أتملّص منبين ذراعيه و أخطف قبلة سريعة وأهرب.. "
أنزوي في ركن على أريكتي البنيّة.. جسد متكوّم بلا هيئة واضحة، أبحث عن نظارتي ثم أتذكر أنها مكسورة من أسبوع.. أنت لا تعرف أن الطبيب سخر من عيني، أليس كذلك؟ اهلا أقصد انه سخر من صنع الله لكنه تعجّب كيف تتسع عيناى الصغيرة هذه لرؤية الخارج بملامحه كاملة،فضحكت، قلت أنى أرى كلالأشياء،في أفق ضيق قريب وأن رموشي دائما تظلل على الأحداث، في أعلى المشهد .. أخبرتالطبيب أنى أرى كل شيء، السماء والنخل  والأرصفة والناس والمتاجر...  سألنيعنك، قلت أنك تبدو الآن بعيدا وأن الرؤية لا تحملك إلى عيني.. فابتسم حين ابتسمت وأكدأن النظارة قد تساعد لكنه لا يضمن لي انك ستظهر قريبا فى الصورة.. وبارك لي على الوميض الخاطف الذي ظهر حين سأل عنك، وان كان لم يتفحّصمعناه




نحن عادة لا نستعين بصحبة التلفاز إلا هربا من صحبة أخرى، كفترة الامتحانات مثلا أو المشاريع المفروضة عليك أو الواجبات المملة التي لا خلاص منها، أورغبتي القاتلة التي تلّح علي بأن أرسلها إليك، بسيطة وسريعة كهذه ” افتقدك بصورة سيئة ” أحاول أن أبحث بداخلي عن كلمة أكثر طيبة لكنى لاأعرف كيف أصف الأمورحين ينقطع النور فجأة وأنت الغريب.. أو لا بل حين ينفصل شاطرك عنشاطرك فتهنن الأيام أن مرّي.. ما دليلك أن المسافر سيعود حتما إلا بانقضاء الأيام.. ؟
كأن الروح تشكو من هجرة صاحبها
تعرف أنى أسير على غير هدى، وأنى ليس لمرة واحدة انتبهت للتعليمات المحذرة، تعرف أنى غالبا ما تعلوقدماي حين يلوّح لي وصف الحياة التي نتحدث عنها بكلشغف وحنين.. كأني أقول لها انتظري، سيحضر حالا ونحتفل بقصتنا على أرض الواقع.. كأننا امتلكناها في زمن ما وعدنا لاسترجاعها معا..
ألعب بخصلات شعري المجعّدة وأنا أفكّر كيفأني لا أخططلشيء.. فوق الأرض بشبر ولم تدعونيالسماء أبدا.. أتقدّم صفا جديدا لا يقف فيهغيري.
أخبرنى أحدهم ذات يوم – ولا أذكر أين قابلته – أنه يحق ليزيارةواحدةللسماءشكرته على أمنيته اللطيفة هذه وهززت رأسى قائلة ليتنى كنت طيفا اذن .. البشر لا يصعدون الى السماء .  
دائما ما يتكرر هذا الحلم، أنا أرقص أنا أطير، ألف ساقى اليمنىعلى اختها فى حركة دورانية الى الأماموأفرد ذراعيملأ وسعهما.. أمر على السلالم واثبة فى خفّة غريبة عن جسدى وأنطلق كحمامة متمرسةأتوحّد مع الكون و ينسجم معى.. فأكون لأول مرّةفتاة البالية التى تشكّل الهواء و يشكّلها..  
و هى أكبر نعمة قد أتلقاها يوما.

طلقات الرصاص التى تدوى فى الحى ليلا لتملأ نفوس بعضنا بالفزع وبعضنا الاخر باللاشىء، أمى تحذرنا من الوقوف بجوار النافذة، تخاف ان تستقر – يلطف بنا وبكم الله – طلقة ما فى أجساد بناتها العذراواتأو تثقب – لا قدّر الله – رأسى.. تقول أن رأسى ليست فى حاجة الى مزيد من الخبل والثقوب، فأقبّلهاوألاحظ ممر يمتد من مقدمة رأسى حتى اخرها، أطمئن حين أرى فرصة جيدة لممارسة الخبل معك؛على أصله.
ليل بلادنا كئيب وصباحه مهلك، لكن لنيضير أبدا اذا صنعنا ليلنا نحن وصباحنا نحن، نصفه من كآبتنا ونصفه من كآبة بلادنا.

فورة الحنين التى تستمر فى إرسال الترجّيات بأن خاطبهم الآن.. ولو قالوا ” سلاما ” ؟  سترتد كرة النار 
فى قلبى ، سأفكّر فى مئات الأعذار من فصيلة.. لا أدرى كلظنونى شريرة ولا أجد أعذار.
حين أشتاق لك.. أفكّر فى الخناق معك، لكنك تستقبل كل شىء بحيادية تجعلنى أتسائل عن وهج نفسك ومن أطفأه ان لم أفعلها أنا… 
ظهر لى الخطأ الأكبر الذى يقع فيه ابن آدم، استمد منك كل أقباص الحياة فحين تغيب.. أتوحّش أنا لا إراديا.

لو خيّرنى الله لأخترت مرّة ثانية ان أكون فتاة 
– الفتيات فى بلادنا يتعرّضن لأبشع معاملة
الفتيات فى المرايا يدركنلبهن الطيّب ويبتسمن – رغم كل شىء – لبراءة أعينهن
الفتاة التى تنزوى فى ركن على الأريكة أو تنزوى بنفسها فى حمّام العائلة كى تبكى وكلما انتهت تعاود فى غيظ.. وقلّة حيلة.. الفتاة التى تمسح على كتفها بأن ” لا بأس عليكِ “
لكن عزيزى.. البأس كل البأس فى شوقها اليك.
غاضبة ؟ نعم
جائعة؟ جدا
لو أمكن لصفعتك على وجهك لكنى صدقني أخاف عليك من الحزن أكثر ما أخاف
ما رأيك أن تأتى اليوم؟ اليوم فقط..
تعالا اقرأ لى ترجمة الشاشة أوغنّى معى على وقع الطلقات أو أعد ترتيب كتبى المفضلة حسب ذوقك أنت.. تعالا قبل أن يرتفع ستار الجمود ونختبئ خلفه..
تعالا وسأشعل عود بخور كنت انذره سرّا لقدومك..
 
الممر في رأسي.. الذي تركض فيه ضحكاتنا وحديثنا وشعورنا.. سأركض أنا منه وأفتح مسار جديد أرتمي فيه في أحضان صديقتي، سأثرثر بشأن حياتك السخيفة حتى.. أتخلص من ضرورة مرورك علي كل ليلة وأتخلص من شحنة احتياجي لوجودك. تعادلنا.
” .. وبأن عاطفته جفّت وبأن اللهب يعبث بجسدي وحده.. “
كم سيكون الأمر مفجعا حينها..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 كاتبة مصرية 

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون