“لم نعهد هذه القسوة في كتابتك.”
أصيب بالإحباط، ولم يعد ذهنه إلى رشده. ولأنه لا يحب مغادرة المنزل، لم يضطر إلى فعل ذلك إلا حينما اتصلت به فتاته، لتخبره بأن هناك رواية صدرت لكاتب غير معروف. أرادته أن يقابله، لعله يساعده على نشر قصصه.
***
كانت فتاة قصيرة نحيفة، لها شعر أسود وبشرة فاتحة. تبسمت حينما رأته قادماً. صافحها ثم دخلا المكتبة ليحضرا حفل التوقيع.
ظل واقفاً بعيداً يراقب الكاتب وهو يوقع كتب الحاضرين. لم يكن يختلف كثيراً عن الذي يكرهه. كان سبعينياً له بشرة سمراء وقوام نحيف، ولم يتوقف عن ممازحة الفتيات.
كان هو الآخر، ينشد اللون الزهري.
راح المبتدئ يفكر؛ فقد أخبرته صديقة ذات مرة بأنه وسيم، وأخبرته أخرى بأن صوته عبر الهاتف يعجبها، وأخبرته أخرى بأن قصصه مميزة. ولكن من هو، الآن، وفي هذا المكان؟.
بعد أن انتهى الحفل، طلب الكاتب منه أن يجلسا بمقهى ويتبادلا الحديث. فوافق. وهناك أوضح له كمأنه كان قاسياً على شخصيته الأخيرة. لكن كيف عرف بشأنها، أو بشأن قصته من الأساس؟.
كان الكاتب يتحدث بنبرة من هو مُعاقب بالحياة.
سأله المبتدئ عن سبب غمه، فأخبره بأنه هو الكاتب الذي كتب عنه. لم يتعجب المبتدئ الموهوب، فهذه ليست المرة الأولى التي تنتزع فيها شخصية من شخصياته الحياة. حتى سارة، كانت من قبل مجرد فكرة.
أخبره الكاتب بأنه لا يطيق شخصيته هذه، ويكرهها جداً. فهو كاتب تافه، يكتب كي يصطاد الفتيات. وأنه لو كان الانتحار هو الحل، لما تردد في الإقدام عليه.
إلا أن النهاية لا تكون إلا بقرار من المبتدئ.
طلب الكاتب منه أن يمسح القصة، ولكنه رفض مبرراً ذلك بأنها أسرت روحه.لكنه لم يفهم قصده. هدده بالاستيلاء على فتاته. وكان المبتدئ يعلم أنه أمر سهل جداً، لأنها ساذجة.
ازداد عناده، فغضب الكاتب وأرسل له يقول.
“أنت تكرهني لأننا واحد.”
***
شعر المبتدئ بأنه صار مفضوحاً. كما أنه لم يكن في حاجة إلى التأكد من أن الرياح قد أخذت فتاته بعيداً. فمسح القصة.
اختفت شخصيتاه.
واختفى هو الآخر.