أنا سكران وأنتَ سكران

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

اسمعْ : اليوم قابلني الشخص الثاني وكان يبتسم

قال لي خذْ قطعة الحديد هذه وأمضغها

ولأنّني من كهوف عميقة ، ومظلمة جئت

مِلتُ على الجانب الأيسر

أرسم مقبرة لشعب نفق بالكامل

في هذه الأثناء ، أشتقت لزجاجة نبيذ سوداء

لذا ، صفعتُ رجلاً حكيماً كان يَمد عنقه للجميع

وعندما نهرني ، تطرقتُ في حديثي عن العادات السيئة

التي أنوي تكرارها

كل هذا لم يحدث مرة واحدة

بل تكرّر في شتاءات كثيرة

وأنا ألاحظ زراعة الأسلاك الشائكة في حلق نيتشة

لأنني رسمت قناة عمومية في رأسه

وصرتُ أتحرّك منها إلى الشوارع التي داخت من رائحة البول والكراهية

هذا عوضاً عن أنني في مثل هذه الأثناء فارغ

أتنقل في جبهة رجل فقير لايعرف لماذا يموت الناس

وعلى الجسر

عند الحاجز الأمامي للعربات المسرعة

قابلت امرأة تكتب شعارها المفضل

واثناء الكأس الأخيرة ، بدأت تبكي

لأنّها لم تستطع أن تؤجل في حياتها شيء

لذلك ، حرصت يومها على التسجيل في معهد السباحة

وأغلقتْ هاتفها يومين

ثم جرفتني إلى حانة زرقاء

رقصت فيها ثلاث مرات

وفي كل مرة ، تسألني : هل مازلت جميلة ؟

تحدثت عن سنواتها الخمسين بتوتر

ثم اختفت خلف الليل والجسر

وأنا عدت من المنطقة الخالية

كي أدخن

وأشاهد ، كيف يكون الفراغ شاسعاً

ويبدأ من كل شيء

ولهذا السبب ، ناقشتُ توتر المرأة وحدي

وزّعته على افتراضاتي الذاتية

ووضعتُ مخططاً طويلاً كي أتحوّل إلى محلّل نفسِي

يبين لها

أن لاتخاف من الموت لأنه نوع من أنواع الحياة التي نجهلها

وأن لاتخاف من الشيخوخة لأنها تبرير لأختياراتنا الخاطئة

ثم عدت من جديد أضع مسودّة ، أعالج فيها

أعمَال الزمن في الجسد

بدأت بالتجاعيد الأمامية ، ومايظهر حول العنق

بدأ صوتها يأخذ نوعاً من أنواع الشخير

وأنا أدفعُ الجلد الميت في السنوات القادمة

ثم ، تدفقت من عينيها الدموع ، وهي تشاهدني أبتعد

أنا لم ابتعد نفوراً من التجاعيد

أنا ابتعدتُ ، كي أفحص المسافة الباقية لها ، تلك التي تستطيع أن تجذب يد ساخنة

لذا ، سألت عن دورتها الشهرية مرتين

وتأكدت من نوع (الأفروديزك) الذي تتناوله من حين إلى حين

قالت : لا أرغب في رجل ، بل في الشعور بالرجل

أنا أخطط للعودة غدا للجسر

ومراقصة المرأة في نفس المكان

والتحدّث باستفاضة عن قضايا مصيرية تؤرقها

لكن ، تغير الأمر

لم تظهر المرأة في تلك الليلة

بل وجدت شخصاً يبكي على حائط مبنى قديم

قال بأنّهُ محارب متقاعد

وأنّه كان يجب أن يكون بائع كتب

إلّا أن شيئاً أحال بينه وبين ذلك ، وهو لايستطيع أن يحدّده

وطلب مني أن أفهم معه مالذي يشعر به

وأنا تركته لأتعشّى مع روائي قرّر أن ينتحر في العام القادم

قال : أنّه كتب كل شيء يعرفه

لذا ، لالزوم للبقاء في هذا الفراغ

وفجأة جالستنا امرأة صغيرة في السن

وهي تتمتم بأن هيمنجوي أحمق

وأن هنري ميللر وهو يكتب مدار السرطان كان أمريكياً

ورفضتْ أن تأكل ، أو تشرب

قالتْ أنها اعتمدت الحرمان منهجاً في حياتها

وأخبرتنا أنها تركت الغناء مبكراً ، واكتفت بجمع ثروة كبيرة

والآن تُربي أنواعاً كثيرة من الكلاب في مزرعة خاصّة بها

خرجت المرأة وهي تعوي تضامناً مع كلابها ، وتنصحنا بعدم تضيع الوقت

صرت أردد في سري :عدم تضييع الوقت أربع مرات كل يوم

خصوصاً عندما أعود إلى البيت متأخراً

والجو بارد بعض الشيء.

…..

اركيولوجي : ردد الجالس أمامي وهو يشهق غليون رمادي

وأضاف ، لكي نفهم الأنسان .

شعرت بدوار أفقي يأتي على كل شيء

ثم شاهدته يضم حجارة بين يديه

ويوضح ، بطريقة معرفية ، نوع الخطوط المحفورة عليها ، وطريقة حساب الزمن هناك

فمر نادل سمين ويلهث

بصق على الحجر الكبير ، ثم شرع في الغناء بصوت لم أسمع في حياتي أجمل منه

وبعد الأغنية قال للمُحاضر : أنا سكران وأنتَ سكران .

……………………..

(أفروديزيك) : في الأساس يونانية مشتقة من أفروديت ، وهي المواد التي تشعل الرغبة .

 

مقالات من نفس القسم