ألبير كامو وماريا كازارس: حب جارف

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 94
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

ترجمة:  سعيد  بوخليط

ارتبطت رسائل الكتَّاب الشخصية بسمعة سيئة سواء بالنسبة للناشرين الذين يعتبرونها،  بشكل عام،  ذات مردودية ضعيفة من الناحية التجارية، وكذا في نظر الجمهور الواسع الذي ينظر إليها في أفضل الحالات، بناء على كونها مجرد مضمون حكائي نسبي جدا،  ثم في أسوأ الحالات مثل تلصص مشبوه،  بالولوج صوب دائرة حميمة ليست من شأنه مبدئيا،  ولا تنتمي إلى دائرة اختصاصه وسيبدو له  اهتمام من هذا القبيل تافها.  

مع ذلك، سنة 2016، عرفت رسائل فرانسوا ميتران إلى عشيقته آن بانحو، نجاحا كبيرا في المكتبات،  فألهمتنا درسا مفاده أن الاحتفال بهذا النوع من النصوص يتعلق كذلك بطبيعة الشخصية التي كتبتها، بالتالي يتعلق الأمر برئيس جمهورية يحظى بأهمية بالنسبة للتاريخ السياسي الفرنسي ثم تحديدا المستوى  الأدبي لرسائل ميتران، وفق إقرار أجمعت عليه أغلب الآراء.  

سنة 2017،  أصدرت كاترين كامو لدى  غاليمار، كتابا ضخما يتضمن رسائل كثيرة تبادلها أبوها،  ألبير كامو مع الممثلة ماريا كازارس، ثمانمائة وخمس وستين رسالة، عرضها الإصدار على امتداد ألف وثلاثمائة صفحة. عمل أثار صدى مدهشا أكد نفس الارتسام نحو عمل ميتران.

بالفعل وابتداء من تاريخ 6 يونيو 1944، موعد أول لقاء جمع بين كامو وماريا كازارس في باريس،  عند ميشيل ليريس، بمناسبة لقاء محوره قراءة في قطعة فنية لبيكاسو، غاية فترة 30 دجنبر  1959، حينما بعث كامو إلى عشيقته رسالة تحدد الموعد القادم في باريس. لقاء لن يتحقق قط، نتيجة الرحيل التراجيدي لكامو بعد حادث السيارة المفجع،  يوم 4 يناير 1960.

لم يمكث عشق كامو وكازارس صامتا، بل تبادلا فيما بينهما مئات الرسائل، واندفع أحدهما نحو الثاني عبر شغف حقيقي بفن التراسل، إلى درجة أنهما كتبا رسائل عدة خلال اليوم الواحد. مسألة تبدو اليوم غريبة جراء الاختفاء الفعلي للرسالة الورقية، وقد عوضتها كلمات مقتضبة وفورية، كما الشأن مع الرسائل الاليكترونية والقصيرة والصوتية.  

شكَّل في نهاية المطاف، هذا المجموع الهجين بين الرسالة التقليدية،  والمذكرات الشخصية،  وحكايات الأسفار ثم الحماس الممجد للرغبة،  رواية مرتكزة على علاقة إيروسية قوية لم نكن ننتظرها أصلا من كامو.  رجل فاتن،  لكنه متحفظ في ذات الوقت وقليلا ماينزع إلى البوح عن أسراره الشخصية، نفس الحقيقة تنطبق على كازارس بل وبامتياز، وقد لاحقتها شهرة كونها ممثلة صاحبة مزاج حاد. فأن يشتركا في تدبيج هذه الرسائل يمنحها مشهدا مسرحيا يشبههما معا.  

خلال تلك الحقبة، انكب كامو كثيرا على الكتابة والاقتباس المسرحي، في حين باشرت كازارس مهمة فوق خشبات المسارح، بحيث صارت إحدى أكبر الممثلات بالنسبة  لأفراد جيلها.  

حينما تعارفا لأول مرة،  بلغ كامو سن الثلاثين،  وكازارس قاربت العشرين. يعيش كامو وحيدا في باريس لأن زوجته لم تغادر وهران،  وأنهى نشاطه الصحفي النضالي في جريدة ”نضال”، كي يبدأ مغامرة جديدة:  ”نضال حر ”صحبة باسكال بيا،  وقد أضحى حينها كاتبا مشهورا بعد إصداراته المتمثلة في: ” الوجه والظَّهر”(1937)، ثم  “الغريب”(1942)،  وعضوا ضمن هيئة القراءة في غاليمار،  بالتالي راكم وضعا رمزيا معتبرا ككاتب ومفكر.  

بدورها ابتدأت كازارس خلال تلك الحقبة، مسارا مسرحيا بدا مشرقا. سنة 1948،  تاريخ البداية الحقيقية لعلاقتهما، عرف كامو نجاحا هائلا بفضل روايته الطاعون (1947)،  ثم انطلاقا من شهر أكتوبر  1948، ستلعب كازارس دورا في مسرحيته: “حالة طوارئ” .    

هكذا شرعا انطلاقا من تلك السنة، في خوض غمار حياة هائمة، ثم في ذات السياق حصل كامو على جائزة نوبل سنة 1957، أما كازارس فقد شاركت في فرقة الكوميديا الفرنسية وكذا المسرح الوطني الشعبي تحت إشراف جان فيلار، مما يشكل أقصى درجات الاعتراف بمؤهلات ممثلة مسرحية. يجوب الاثنان العالم، يقدم كامو ندوات، في حين كازارس ملتزمة بمواعيد جولات مسرحية حماسية. خلال الآن نفسه، نسجا دون توقف سجالا، حول إنجازات متواصلة، سباق جامح كي يلتقيا ثانية أمام طاولة بينغ بونغ دراماتيكية،  وفق المعنى المسرحي للمفهوم، خلف الأبواب المغلقة. هذا الخطاب الغرامي المهووس والرتيب قليلا،  يعكس ترقبا دؤوبا أكثر منه انتشاء سعيدا.  

بهذا الخصوص،  يمكننا التحسر عن غياب تسلسل تاريخي مضبوط بخصوص لقاءاتهما طيلة تلك السنوات. غالبا،  جاءت الرسائل فضفاضة، تفصل بينها شهور عديدة بناء على قطائع  غامضة،  لاتمكن القارئ من اقتفاء تفاصيل حيثيات لقاءاتهما،  المتعددة لكنها معقدة بالضرورة،  بحكم طبيعة ظروف كامو: أسروية نتيجة حالة زوجة مكتئبة،  ولادة طفلتيه (توأم) كاترين وجين،  سنة 1945، ثم حجم انكساراته العديدة، فيما يتعلق بصحته الهشة.  خضع كامو لعلاجات رئوية في مراكز متعددة مثل كابريس بجوار مدينة كان، ثم بلانيت في هاوت سافوي، وكذا جزيرة سور- سورغ، وكذا أمكنة أخرى، حيث كتب باستمرار إلى عاشقته.  

مقابل الحرية المتحمسة والسخية لكازارس، نلاحظ ترددات كامو جراء عذاب الإحساس بتأنيب الضمير كزوج خائن وكذا مخاطر صحية أضعفته منذ سن السابعة عشر.   بالتأكيد، هناك جهاز يجدر الانتباه إليه أقصد إشارات هوامش الصفحات المنطوية على معلومات دقيقة حول مختلف الشخصيات الواردة، والوقائع  المذكورة وكذا الأعمال التي أحيل عليها عبر مختلف فقرات الرسائل، بحيث ترصد باستمرار أنشطة أدبية، مسرحية، مقالات صحفية، تعود إلى تلك الحقبة. توخينا تركيبا تاريخيا، وفق نقط استدلال واضحة على ضوء المؤشر  الذي اختتم به  المجلد وقد وثَّق جيدا أشخاصا وأعمالا محددة،  ثم تلك الملاحظات المتناثرة على امتداد الأيام، يعيد بكيفية موضوعية صياغة مالم يسمح به الاختلال المضطرب لتبادل الرسائل، مثل الطريقة التي اقترحتها غاليمار بمناسبة إصدار الرسائل المتبادلة بين كامو وروني شار (2007).  

نشعر كما لو أن روح الثنائي كامو/ كازارس، تعيش خارج الزمن التاريخي،  يسكنهما اضطراب، جراء حوادث تلك السنوات:  حروب خارجية،  كما الشأن مع حرب الجزائر،  انطلاقا من سنة 1954، وقد عاشها كامو بكيفية مؤلمة جدا، ولم يلمح إلى أمره سوى نادرا،  التدخل السوفياتي في هنغاريا سنة1956، ثم أحداث ماي 1958، مع عودة الجنرال ديغول وتأسيس الجمهورية الخامسة.  كما تضمهما فقاعة، نفقد أثرهما  قليلا وسطها.  

يلزم تأمل عن قرب أكثر السيرورة الكرونولوجية لهذه الرسائل كي نلاحظ بأنها تبدأ سنة 1944 بواحد وعشرين رسالة عكست بالدرجة الأولى مناجاة كامو لنفسه،  دون تفاعلات من طرف كازارس. صدفة التقيا ثانية سنة 1948، في الحي اللاتيني، لكن رسائلهما افتقدت حينئذ للوتيرة السابقة كما لو أن كل واحد منهما يعيش حياته مستقلا عن الثاني.  

لكن،  سنة 1950، كشفت عن أوج علاقة حبهما، بمائتي وسبع وخمسين رسالة تبادلها كامو وكازارس، وأيضا سنة 1951،  بتسعين رسالة. تواتر تلك الرسائل خلال السنوات اللاحقة، تأرجح بين ثلاث وستين رسالة،  وتسع وثلاثين. ثم ارتفاع سنة (1957) بعدد ناهز مائة وتسع وثلاثين. خلال العامين الأخيرين(1958 -1959)، تراجعت مابين سبع وثلاثين  وثمان وأربعين رسالة، مما يعكس تراجعا واضحا بخصوص اندفاع أحدهما نحو الثاني، وإن انبعث ثانية، نتيجة مفعول السعادة التي أثارها لقاء جديد في باريس شهر دجنبر 1959.  

صحيح، فيما يخص كامو، أحطنا بحقيقة هذا الحب(وعلاقات أخرى كما الشأن مع الممثلة كاترين سيليزر ابتداء من سنة 1956)، بفضل السير الرائعة ل هيربرت لوتمان: ألبير كامو(1985)،  أوليفيي تود: حياة ألبير كامو(1999)،  فيرجيل تاناز:  كامو(2003)، آلان فيركونديلي: ألبير كامو، ابن الجزائر(2010)، ثم بفضل السيرة الذاتية التي ألفتها كازارس تحت عنوان: مسكن مميَّز(1980))، حيث أكدت عبر صفحاتها بأنها اعتبرت كامو: ”أحيانا أبا، أخا، صديقا،  عاشقا، ثم ابنا أحيانا أخرى”. مع ذلك،  تبرز لنا قراءة هذه الرسائل مزيدا من الحقائق حول شخصيتهما، وأحوالهما النفسية،  في لحظات قوتها وهشاشتها. التبلور الحميمي جدا، لهذه الرسائل،  يؤكد المعطيات الموضوعية للتحريات الموسوعية أو السرد الذاتي من طرف الفنانة المسرحية.  

تبرز لنا قراءة هذه الرسائل رؤية عن كامو يفترسه ارتياب وجودي دائم، نتيجة تعب جسدي ومعنوي يخنقه باستمرار، يكابد عزلة مقلقة لم تمنعه رغم ذلك كي  يشتغل دون توقف فيما يتعلق بكتابة نصوص جديدة وكذا عشقه للمسرح بالتأليف أو اقتباسه لنصوص أخرى مشهورة. يكرر كامو بلا كلل اعترافات إلى مخاطبِه من قبيل:  “أشعر هذا الصباح بأني منخور”، “الحقيقة أني أهذي،  بحيث ألاحظ أني أكلم نفسي وحيدا”، “أختبر ذروة ورطتي”، أو”أنا فارغ و أجوف ”، ثم يرى نفسه بمثابة “قارب عتيق،  قذف به تراجع الموج،  عند شاطئ شنيع”، “أحس بوحدة فظيعة فقط ترافقني مسؤولياتي وكذا سوء الحظ”(1953)،  “أعيش حالة ضعف كلية مضجرة، وقلق كئيب”(1954). سنة 1959، استدعى كامو، بكيفية محذرة، خلال مناسبات عدة موته، كتب”أقتفي أثركِ خطوة خطوة غاية القبر”، أما خطابه الأخير، يوم 30دجنبر  1959، بعد أن اتصل بكازارس هاتفيا،  فيقول:  “أيتها الرائعة، أنا سعيد جدا جراء فكرة أني سألتقيكِ،  لذلك تغمرني الابتسامة وأنا أكتب إليكِ”. يليق بهذه المناسبة عشاء مشتركا الثلاثاء المقبل في باريس: “ينبغي مبدئيا،  تخصيص حيز لطوارئ الطريق”. نلاحظ دائما عند كامو هذا التداخل بين المبهج والمأساوي.  

مع ذلك وإبان سنوات الشك تلك، أبدع كامو سنة 1949، مسرحية تحت عنوان:   “العادلون”، وعهد بالدور الرئيسي إلى كازارس التي روت عبر عشرات الرسائل التعديلات المفاجئة الذي عرفه كيفيات تشخيصها للدور. كما أنهى كامو:  ”الإنسان المتمرد” (1951)،  واهتمامه بالتعليق على مختلف السجالات التي أثارها هذا النص، ويعيد تجميع سلسلة مقالاته الصحفية بين دفتي كتاب: ”وقائع راهنة” (1953)، ويتطلع منذ 1951، إلى الكتاب الكبير الذي سيختار له عنوان:  “الرجل الأول”، يستحضره باستمرار(يقول عن موضوعه:  ”الوحش الذي أنتجه خلال هذه اللحظة”(1959) )، كما أنهى  رواية ”السقوط”(1955)،  التي حملت بداية،  حسب علمنا،  عنوان:  “الصرخة” !أيضا،  أكمل قصص عمله:  ”المنفى والملكوت”(1957)،  وبصدد اشتغاله على مسرحية ”كاليغولا”،  كما يقتبس مسرحية:  “الممسوسون “.  

تظل كازارس الطرف المحيط بتفاصيل هذه المشاريع، وتحتفي بها، يهمس لها كامو  بمختلف هواجسه وتصاميمه، وبفضلها ولجنا وجهة كنه تبلور هذه الأعمال، وكذا الورش السري لتحضيرها، مع تشجيعها الدائم لكامو قصد مواصلة عمله. إذن، التقاسم كلي وعميق،  يجابه مختلف التجارب، بين فتاة الجمهوريين الإسبان المنفيين بعد الحرب الأهلية، وكذا الجزائري الذي استقر قي باريس لكنه يسكنه حنين إلى بلده الأصلي.   

يدوِّي بينهما شغف جسدي يشي عن نفسه وفق جميع الإيقاعات. يكتب كامو: “أقبِّلُكِ يا أرضي الجميلة،  يا ساحتي،  ونظرتي الوضاءة”، أو: “أقبِّلُكِ بلذة،  أيتها السمراء المليحة، بشوق وشغف”، أو: ”الحياة بدونكِ مجرد غيوم أبدية، لكن معكِ،  فشمس الظلمات،  تغدو ندى الصحراء”(1951).  و: ”يا عشقي الكبير والجميل”،  ”أقبِّلُكِ،  ياهويتي وبهائي، أحبكِ”، “منذ خمسة عشر سنة لم تشاركيني حياتي، فأنت حياتي”، “أقبِّلُكِ وأقبِّلُكِ،  على امتداد تفاصيل جسدكِ الصيفي، وكذا جوف الصِّدغين حيث مكمن العذوبة”، أو: ”أنت ياحلوتي وملاذي،  جميلتي وحبيبتي الغالية”(1958).  لم نتعود على كامو، يتكلم أو يكتب على هذا المنوال !

ثم تتجاوب معه كازارس حسب نبرة غنائية أكثر فأكثر: “عشقي الفاتن،  حبيبي الغالي،  و يا أميري الوسيم،  وسلطاني الأثير جدا”،  أو: ”أحبكَ، أحبكَ. أنتظركَ. فلتأت سريعا” أحبكَ،  أعبدكَ،  أحترمكَ،  مولعة بكَ”،  “أنتظركَ بلهفة مثل نمر جائع ينتظر طعامه داخل القفص”(1950)، أو أيضا: ”ياعشقي العذب والناعم والساطع”.  كأنهما يرفضان باكرا أغنية ”عاشقان قديمان”لجاك بيرك(1993 )وكذا العذاب الملازم لحكايات البوح بالحب !مع ذلك يحوم حول هذا الشغف تهديد يستحضر دائما حقيقة استحالته: “يحب أحدنا الثاني مثلما القطارات التي تتقاطع عند مفترق طرقها نحو المحطات”يكتب كامو بحزن سنة 1951.   

بعد وفاة كامو(عن سن السادسة والأربعين)، ارتبطت كازارس عام 1976، في إطار زواج مصلحة، مع صديق قديم اسمه أندريه شليسير. حينما مات الأخير سنة 1985،  استقرت في منزلهما  المتواجد وسط منطقة ألوي(شارونت) غاية وفاتها سنة 1996، عن سن السادسة والسبعين، بعد أن أمدت  كاترين كامو (ابنة كامو)، عن طريق الشاعر روني شار، برزمة تطوي جل مراسلاتها مع ألبير كامو.  أيضا، تنازلت عن بيتها لصالح بلدية ألوي بهدف  تحويله إلى بيت للممثل.

أكدت كازارس بهذين الموقفين، أن كامو يمثل الحب الكبير لحياتها وبأنها امرأة نبيلة.  إنها إحدى أكبر الفنانات المسرحيات خلال حقبتها، مع ذلك يبقى أثرها المسرحي محتشما أمام أدوار سينمائية تظل مترسخة أكثر في الذاكرة الجماعية (أطفال الجنة،  سيدات غابة بولونيا،  المنزل الريفي في بارما،  أورفيوس).  

كذلك بفضل قيمة هذه المراسلات مع كامو، نستعيد تاريخ المسرح الفرنسي ومحطات مثيرة للاهتمام خلال فترة مابعد الحرب عبر سرد لكازارس مستفيض وجذاب،  بخصوص جل مغامراتها المسرحية ومختلف العلاقات التي جمعتها مع كبار الممثلين ومدراء الفرق المسرحية وقد رسمت لهم بورتريهات ممتعة.  

تتيح الرسائل المجال أمام قراءة لاغنى عنها بالنسبة للباحثين، عددهم كبير بالتأكيد،   كي يدركوا بشكل أفضل أن كامو الرمز، المتواري خلف هالة رسمية جراء التتويج بجائزة نوبل، يمثل أيضا رجلا هشا، مفرط الحساسية، وعطوفا. لاتقف هذه الرسائل عند أي من مستويات السطحية، بل تعتبر تتمة لتلك الرسائل الأكثر كلاسيكية، التي تبادلها كامو في نفس التواريخ مع شخصيات مثل جان غرينير (الصادرة سنة 1981)، روني شار(الصادرة سنة 2007)، باسكال بيا(الصادرة سنة 2011 )، روجيه مارتين دو غار(الصادرة سنة2013 ) لويس غيو(الصادرة سنة 2013 )، أندريه مالرو(2016).  

أخيرا، إنها مفاجأة سعيدة بأن نكتشف الشخصية الحقيقية لماريا كازارس، التي اختزلت في أغلب الأحيان  في النهاية إلى دور عاشقة  لكامو، لقد جمع بينهما هذا المجلد من الرسائل ضمن نطاق ماشكَّل أجمل نجاح لهما، شغف محكوم بالاستحالة،  لكنه مع ذلك،  أمضى بأحدهما نحو الثاني طيلة فترة تجاوزت اثنتي عشرة سنة. أيضا،  يمثل هذا العمل استحقاقا كبيرا لكاترين كامو بأن امتلكت الشجاعة والجرأة وكذا الإرادة فيما يتعلق بإخراج هذه الرسائل من السرية، وقد اتجهت بدورها من خلالها إلى البحث عن الوجه الحقيقي لأبيها.   

…………

*مرجع المقالة:   

Diacritik:    09- 03- 2018.     

 

مقالات من نفس القسم