ثم إنها لم تستطع أن تنقذ نفسها من الضياع. كيف ستنقذني إذاً؟ الكتابة، والألوان، والكروشيه، والأفلام، والكتب، والأصدقاء، والأحلام والبكاء… كل هؤلاء مطالبون بإنقاذي، بينما تخبرني «غادة» أكثرُ ذكاءً من تلك التي تكتب الآن، أنّ عليّ أن أرسم خريطةً لهم، أو أن أتجاهلهم جميعاً وأبدأ بإنقاذ نفسي، أو أن أستيقظ وأسمح للبحر بأن يأخذني بلا خوف، أو أن أعيش كما أحب بلا خرائط أو طُرق. هذه العاصفة التي تمرُّ بي كل يوم، لا ترغب في انتظاري كي أفهم. لا أنشغل كثيراً بوضع تصوراتٍ عن الكتابة. أكتب فقط وأبتهج بالنصوص الجديدة. أصطدم كل يوم بنصوص جديدة لأصدقاء ولآخرين لا أعرفهم.
أحيانًا تأخذني نصوصهم إلى عالم جديد. ومعظم الوقت أشعر بأنني أقرأ ما سبق أن قرأته. أحبّ النصوص التي تعيد تشكيل اللحظة وتلتقط الصورة من زوايا قريبة ومختلفة. منذ فترة طويلة، لاحظت أنني غير معنية بالأجناس الأدبية. أفرح بالنص فقط من دون أن يزعجني المسمّى الذي يندرج تحته. بعد القراءة الأولى، أعرف إن كنتُ أحببتُ النص أو لا. لكنني أحتاج إلى قراءة ثانية كي أكتشف لماذا أعجبني/ لم يعجبني. أفرح حينما يخبرني أحد أنه وجد نفسه داخل كلماتي، وحينما يخبرني الأصدقاء لماذا يفضلون هذا النص أو لماذا لا يعجبهم. أخاف أن تجبرني الحياة في ما بعد على التوقف عن الكتابة، أو أن يحدد أحدهم كل هذا البراح الذي أتحرك داخله وأكتب. لكنني أكتب لتسقط المسامير التي تثبتني بالأرض… أكتب لأشبه نفسي قليلاً. حتى ولو ظهر الألم مختبئاً بين السطور معظم الوقت.