أصطاد أعضاءها بصوتى

موقع الكتابة الثقافي writers 156
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

 

البهاء حسين

غريب أمر جسدى                                                          

يماطل المسرّات

فى الشارع

وينتظرها بلهفة فى الشرفة .

غريب أمرى

أتعلق بامرأة تغسل ملابس زوجها

من أجلى

وأخرى تمشى بعكاز

كأننى بقلبين

أنا غريب..

أراقب عاهات الناس

كل مرة

بإحساس شخص نجا وحده من كارثة .

،،

ليس من السهل أن نفهم الساق العاجزة

ولا الخطوة .

:

يبطل عمل الشوارع، شىء يندثر منها

كلما كفتْ ساق عن الحركة

تبدو شهيدة

كنافذة يغطيها التراب .

،،

أن نمشى بلا هدف

هذا ما يجعل الشوارع تفرح بنفسها

المشى زينة

عن نفسى لا شىء يشغلنى سوى المشى

لا شىء غيره

حبيباتى فى الذاكرة

والآن أقصّ جسدى على امرأتين

ومازلت قادراً على التدخين

ما من مجاملة أنتظرها من المستقبل

سوى المشى .

،،

سأظل أراقب جارتى

وهى تنشر الملابس

أراقب حبل الغسيل حين يتوقف مصيره على فتلة .

:

الحبال تحب الملابس الملونة

تعتقد أنها أطفال ، دباديب تلثغ مثلهم

تحب الحبالُ أن نمسح عنها التراب

تنتشى بالماء

بقمصان أم مريم التى وهبت نفسها للغسيل

لصوتى

جميل أن يصبح الصوت مصيدة

كميناً فى الهواء

إذ تخرج حين تسمعنى أسأل البقال من الطابق الرابع

عن أشياء لا يبيعها

أعددت قائمة بما لا أريد، لأستمر فى السؤال

دخنتُ آلاف السجائر

كنت أنفخ الدخان بقوة فى اتجاهها

كأننى أمد لسانى بين فخذيها

كأننى أبخّر بياضها

لكن صوتى لم يعد قادراً على استدراجها

فلمن أدخن .

:

وفى الصباح المبكر

والجيران ما زالوا نائمين

تكون عارية الذراعين ، أشبه بامرأة وحيدة

تجسّ الغسيل كأنها تصحّى أطفالها من النوم

ثم نتبادل التحديق كأننا نلضم الشرفتين بالنظرات

أو نُدخل الخيط فى الإبرة .

:

سنوات وأنا أقيس الوقت بحبال الغسيل

أحصى الماء الذى يتساقط منها

قطرة

قطرة .

،،

سأقعد الليلة أمام فيلم أجنبى

لأعرف كيف أقنع البطلُ جارته

فى المبنى المقابل

بأن تترك أردافها فى الشرفة .

،،

سأفكر فى صديقة تمشى بعكاز

أما الحبال السلك

فأتركها متقوّسة .

:

كبر عكاز صديقتى

ترمّل معها

حتى إن أحدهما لا يجرؤ على اجترار ماضيه دون الآخر.

:

انشرينى يا أم مريم  

علقى حاضرى جنب قميصك الأحمر

أو دعيه يسقط

كأنه مشبك .

:

هش هو الحاضر يا أم مريم

كفقاعة

مثل خرقة

ينسل بسرعة ويصبح ذكرى .

:

كيف حال أطفالك

لن يكون بوسعى أن أدافع عن حبالك حين يهزمها الصدأ

سأكون مشغولاً بنفسى

أدربها مقدماً على افتقاد المشى

سأخبرها أنه ضار

لأنه يعلم الأقدام الحنين.

،،

وأنت

كيف حال عكازك

لماذا تحبين القطط والبحر والموسيقى إلى هذه الدرجة ؟

:

قد يحدث ، وأنت مستغرقة فى الموسيقى

حين تتعرين من جسدك

أن يكون لك بيت فيه زوج وأطفال وأسرة

أن تصبح لك ساق سليمة

تتجول عنك فى الماضى

تقطع المشاوير التى لم تقطعيها

أو تلبس كعباً عالياً، تمشى بلا عكاز

أو خجل

قد نعرف خطة الله بشأن سيقاننا

وقد لا نعرف

المؤكد أننى أشعر بالحرج كلما رأيت أحداً يعانى أكثر منى

المؤكد أننى أفهم الوجه الذى تفشى فيه البرص

أعذر الفم إن لم يتسع للصراخ

المؤكد أن العكاز لديه أحزانه، فهو ليس بساق معوقة حتى

والقطط هى الأخرى

تشكو لنا حين تتمسح فينا

دون تفرقة بين عكاز وساق .

:

سأعير صديقتى ساقىّ هاتين

بحجة أننى مشيت بهما كثيراً

سأكون قطة تجرب فيها شعور الأمومة

شارعاً تمشى فيه حافية بدون حذائها الطبى

بشرط أن تمنع عنى أكياس القمامة

ولا بأس من لافتة عليها اسمى

وجرّة فخار تحت شجرة .

.

أريد أن أدلك ساقك

غير أنك نائمة

يا لحظّى

سأدلك عكازك

سأكفّ عن المشى

أنا وظلى

حتى تستيقظ ساقك النائمة.

                                                                    

                                                    

       

مقالات من نفس القسم

خالد السنديوني
يتبعهم الغاوون
خالد السنديوني

بستاني