فتحي سليمان
كانت لقاءاتي بالدكتور أشرف الصباغ من اللحظات التي حرصت عليها بشدة خلال إقامتي في روسيا. بعد انتهاء مهمتي في مدينة كازان، والتي استغرقت رحلة القطار حوالي إحدى عشرة ساعة، عدت إلى موسكو. وبين موعد سفري ووصولي إلى العاصمة الروسية، لم يكن يفصلني سوى يوم واحد وليلة.
لم أتردد في الاتصال بالدكتور أشرف، الذي لبى دعوتي على الفور، قادمًا من مكان إقامته الذي يبعد قليلاً عن قلب العاصمة. جمعنا لقاءٌ في وسط مدينة موسكو، كان بمثابة متعة خالصة بالنسبة لي، سواء كان اللقاء في القاهرة أو في موسكو. كنت تواقًا لرؤية موسكو من خلال عيني الدكتور أشرف، الذي كان ينقل لنا صورة حية عنها في أحاديثه وكتاباته وعمله كمراسل في قناة “آر تي روسيا توداي”.
كانت تلك السهرة من أجمل السهرات التي قضيتها في موسكو، حيث تبادلت الحديث مع أشرف الصباغ، الإعلامي والروائي والقاص والإنسان الذي عاش تجربة فريدة. أشرف الصباغ، إلى جانب قامات أخرى مثل أشرف سرحان والدكتور أنور إبراهيم والأستاذ شريف جاد والدكتور محمد نصر الجبالي والدكتورة مكارم الغمري، أولئك الذين أطلق عليهم دائمًا لقب “أبناء السيدة البيضاء”، أي أبناء روسيا، المصريون الذين أحبوا روسيا ودرسوا فيها، والذين أضافوا لمصر الكثير من خلال المسيرة التي أتيحت لهم في بعثات جمال عبد الناصر.
في تلك السهرة، استذكرنا الشيخ عياد الطنطاوي، سفير المصريين في روسيا في الحقبة القيصرية، قبل أن تصبح الاتحاد السوفيتي، ثم تعود بحمد الله إلى روسيا. الدكتور أشرف قارئ للتاريخ وباحث متمكن، يتمتع بمعلومات غزيرة في مختلف المجالات.
تطرقنا إلى الحديث عن روسيا وعن قراءته لروايتي “متريوشكا من أسوان”، وتبادلنا الآراء حول تاريخ العلاقات بين مصر وروسيا، والصداقة المتينة التي جمعت بين البلدين في عهد الاتحاد السوفيتي، والتي استمرت حتى اليوم. كما استعرضنا قصص نجاح المصريين في روسيا، ولم يغب عن حديثنا الوضع الراهن والحرب الأوكرانية، حيث عبرت عن حبي لروسيا وتمنياتي لها بالخير، وتشاركنا الأمل في أن يتوصل الشعبان الشقيقان إلى سلام عادل.
أشرف الصباغ، عندما يكون في مصر، أحرص على اقتناء أحدث أعماله الأدبية، التي تتسم بالإبداع والتجدد. لقد كان نشطًا للغاية في السنوات الأربع الأخيرة، حيث أصدر رواية ومجموعة قصصية، ثم رواية أخرى، محافظًا على معدل إنتاج طبيعي لأي مبدع حقيقي.
أشرف الصباغ من النشطاء الأدبيين الذين يساهمون في إثراء المشهد الثقافي. محبتي له تجعلني سعيدًا جدًا بالمشاركة في هذا الملف الذي يسلط الضوء على قامة أدبية وإعلامية رفيعة مثله.
……………
* كاتب وروائي