أزهار القرنفل لا تجد من يجمعها

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

إسلام علي حسن

 

عندما حادثتني بالهاتف كانت تتكلم بسرعة لدرجة أنني لم أستوعب ماذا تقول ..  بعد لحظات فهمت أنها تلقت رسالة من صديقتها التانزانية التى سافرت لألمانيا الصيف الماضي وقد أرسلت إليها هدية قيمة ــ على حد قولها ــ من جانب المقهى أدركت مجيئها .. كانت تهرول و كأنها تريد أن تشاركني المفاجأة .. دخلت وهي تحمل صندوقًا صغيرًا .. فلنقرأ رسالة ويني أولا .. ردت .. لا .. الفضول يقتلنى لأجل فتح الهدية .. لنر ما بها ثم نقرأ الرسالة .. فتحت الصندوق كانت زجاجة ويسكي .. تهلل وجهها فرحا .. لقد توقعت ذلك .. تأملت العلبة التى شدت انتباهي لكثرة الزخارف بها .. كانت مقسمة إلى أربعة أقسام .. الأسد فى الجانب الأيمن فى طرف العلبة .. السيفين المتقاطعان مع الدرع في أسفلها و قيثارة فى الجانب الآخر مكتوب فى وسطها شيفاز ريجال 12.. كنت أسمع دقات قلبها ينتفض فرحًا .. أود شربها الآن .. ليس بالمقهى طبعا لم أكن مهتما بشرب الخمر مطلقا لكنها كانت تحب الويسكي كثيرا لذا فرحت جدا بالهدية .. فتحت الإيميل الخاص بها لتقرأ رسالة ويني .

صديقتي العزيزة ..

أعرف أنك تبتسمين الآن .. إنى على يقين أن الهدية قد أعجبتك فهو نوعك المفضل .. إنه موسم القرنفل و الأصدقاء السكارى ياصديقتي فكونى سعيدة فى هذه اللحظة الذهبية .. وصلتنى أخبار سيئة من تايتوس .. لا أريد إفساد مزاجك بسببها .. موسم الحصاد قد حضر و يوجد مشاكل فى بيع القرنفل .. نحن خائفون فى تانزانيا .. أخى تايتوس لم يعد لديه أموال لسداد أجرة العمال لأنه لم يبع شيئا بعد والقرنفل لا ينبغى أن يظل فوق الاشجار لفترة طويلة وإلا أصابه العطب ..  لا عليك .. كيف حال صديقك الذي حدثتني عنه .. أعلم أنه كانت توجد مشاكل بينكما .. هل قدم لك خاتم الزفاف كما كنتى تتمنين قبل سفرى  أم أنه نكث بوعده كما كنت أقول لك دوما لا تتعلقى بهذا الشخص .. إنه لا يحبك يا صديقتي .. أتذكرين حينما كنا فى النادي اليوناني وقد أسكرته الخمر و قام بضربك بقسوة لأنك سألتيه عن تلك الفتاه الشاحبة التى رأيته معها .. إنكم فى مصر سمر البشرة .. من أين أتت تلك الفتاة بهذا البياض .. البلاد هنا جميلة جدا لماذا لا تفكرى بالانتقال والدراسة .. الجامعات هنا تقدم منحا .. أظن أنك تستطيعين الحصول على واحدة .. إني أكتب رسالتى تلك و أنا فى بار قريب من السكن بعد يوم شاق .. أتعلمين بماذا يسمونني ؟ يدعونني بفتاة القرنفل  .. أعلم مايدور فى ذهنك الآن .. لا لم أخرج مع شاب ألماني بعد .. يا صديقتي بعد تجربتين فاشلتين في تانزانيا و تجربة مريرة فى الأسكندرية لن أخوض فى علاقة بهذه السرعة لا تقلقي فى المرة القادمة  سوف أحرص على ألا يكون وغدا .. وحتى هذه اللحظة أود أن تشاركيني كأس شيفاز ريجال .. اه نسيت .. مرفق مع الزجاجة  بعضا من بذور القرنفل .. اعتنى بها و بنفسك .. فى صحتك يا صديقتي

محبتي ..

ويني .

انتهينا من قراءة الرسالة .. لم أستطع منع صديقتي من فتح الزجاجة و هي تطلب كأسا .. شربت بعضًا منها .. أمسكت بذور القرنفل و خرجت من المقهى تنثر البذور فى كل مكان .

 لما غابت صديقتي عن ملامح المدينة و البحر و المقهى  وقتها كنت أجلس وحيدا متظللا بشجرة قرنفل تنتظر من يجمع أزهارها .. ألتقط واحدة و آخذ نفسا عميقا.

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 قاص مصري، من مجموعة "دفاتر البنت والحكايات" الصادرة مؤخرًا عن الهيئة العامة للكتاب

 

 

 

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون