“أرني ظهرك.. أرني ظهرك.. حقلاً أنثر فيه بذور أحقادي”

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

نظرت إلى علام، وهو يركب السيارة، دوّر رأسه باحثًا وسط الجلبة عني، عنّي أنا، ورماني بنظرة مشروخة قبل أن يزجّوه في السيارة، هبط لمرآه قلبي حتى غاص بين فخذي وقفز كزنبرك مضغوط.

أتذكره الآن حين اقترب مني مرة وقال: “سنصير منشفة بماخور لتمسح فيك أيدي الداخلين، والخارجين!”، فأرني ظهرك.. فأنا ظهرك، أنا من كان عمودك الفقري.. أنا المؤتمن بكل ثمن.. لا أبيعك، ألستُ من آواك حماك احتواك رفعك نزّلك من علياك؟ أرني إياه أشكّله ثانيةً، هذه المرة على طريقتي، أنتزع منه الرصاصات وأسد الكوى التي خلّفتُها بمعجون من الشيد، ثم أسوّيها بيدي حتى تستوي مع سطح ظهرك الكريم، ثم أرسم بألوانك الزيتية على امتداده ألف لوحة فنية، ألف تجلٍ للجنة، ألف تجلٍ للجحيم، ألف جسدٍ عارٍ  يهمّ بالطيران، على حوافه أكتب ألف قصيدة ألف أوبريت، ألف ملحمة شعرية، ألف معزوفة، ألف نظرية أكتبها والكثير من القرآن، كسقف كنيسة ظهرك كحيطان مسجد. فتعال وأرني ظهرك أقبّله نزولاً فقرة فقرة، صعودًا فقرة فقرة. تعال اخلع قميصك عنك وارمه عليّ يرتد بصري إليّ، أيا قميص يوسف في أجفان يعقوب، لن يصير دمك –بين عينيّ- ماءً! لن أنسى رداءك، لن ألبس –فوق دمائك- ثيابًا مطرزةً بالقصب، دعني أشم ريحك بنيّ، كي أراك من جديد، كي تريني ظهرك الحبيب! رجلاً وحيدًا كنتُدونك أجري وراء نعشٍ خالٍ، حتى جئت أنت، وها هو النعش قد امتلأ. أنا الذي ملأته، أنا الذي ملأته، أنا الذي قتلته، أنا الذي قتلته!

ــــــــــــــــــــــــــ

مقطع من رواية “تغريدة” الصادرة عن دار ميريت بالقاهرة

 

اقرأ أيضاً

“تغريدة” .. “كولاج” ملوّن لفنان يريد أن يطير !

مقالات من نفس القسم