علي بنساعود
تفاصيل
كان راكعا أمام جلاده، معرّى يتلوى والدم يلطخ الأرجاء…
يعلو الوجوهَ إعجابٌ…
تفنَّن في إظهار التفاصيل، همستُ،
لوحة نابضة بالحياة، أضفتِ…
لم أصدق عيني وأنا أراه يتحرك، يسدد سبابته ويطلق…
ترتد الخراطيش نحو التمثال، ينفجر خيط دم رفيع من رأسه، يتهاوى متشظيا يقهقه…
************
كمين
أحبته،
أحبت السير في الوحل،
أحبت الفرجة المختلفة…
هام بالعسس،
بالبصاصين والعساكر،
بالهراوات والقنابل،
بالمعارك والقتل والدماء…
خرج، لحقَتْ به، وجدَتْه يتهيأ لعرض رؤوس مجزوزة، وجثث مذبوحة، وأيادٍ صغيرة، وعيون نازفة…
يوم العرض، تهافت الجمهور على اقتناء أطراف فقدوها في الطريق…
************
اعتراف
لا طيف ابتسامة يطل…
منذ البدء، كانت ثمة أشباح تطارده، تفسد راحته، تربك حساباته، تغذي حياته بالمشاعر السوداء…
آخر مرة، خرج عاريا يصرخ:
ــ دونك، اليوم طويل، طويل لا حضن له…
في آخر فسحة، وجد ثلاثة عصافير سقطت من عشها، أخذها إلى زنزانته، بنى لها عشا قرب سريره، رعاها، ووفر لها الماء والطعام…
درَّبها على الخدع والطيران…
استيقظ… يعوق جناحيه هواء ثقيل…
************
حادث
حاولت مرارا…
آخر مرة، غادرَتِ المنزل خلسة، ألقت بنفسها من على جسر…
بعد أيام، انتُشِلت جثّتها من على سرير…
كانت عارية، يغطي وجهَها طيفُ ابتسامة،
لا أحد يدري كيف ولا متى لبستها…
أذْكُرها، كانت، دوما، تحكي عن بيت، على قمة هضبة، فيه ولدت وتربت، وإليه ستعود يوما، بحثا عن عرائسها، تمشط ضفائرها، وتجافيني…