أحمرٌ داكن

راما غيث
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

 راما غيث

بوابة حديدية معلق عليها لوحة لمحت بعض رتوشها، حاولت تجاهلها وأكملت خطواتي، نظرت مرة واحدة للخلف تجاه اللوحة؛ أخفيت اضطرابي، غاصت خطواتي الحذرة بداخل الممر، في آخره حقل صغير من الزهور ذات اللونين الأصفر والأحمر المبهج، كلما تعبت قدمي من السير على الأرض الطينية جلست لألتقط أنفاسي بين الزهور صاحبة الألوان الصريحة الزاهية, ضوء شمس العصاري يفترش الأرض، لفت نظري أرض جانبية عميقة ينتصفها ضريح قديم، بعد عدة أمتار توقفت متسمراً أمام تمثال ضخم لامرأة عارية في وضع القرفصاء، شعرها الأحمر الداكن مقصوص, عضلات جسدها منحوتة ببراعة, عيناها واسعتان ملونتان بالأسود، لون التمثال قريب لحد كبير للون البشرة البيضاء الكالحة، ساقاها منفرجتان على آخرهما وبين فخذيّ التمثال بوابة لكهف شديد الظلمة، ترددت للحظات، وبعدها وجدت نفسي أتحسس الطريق للداخل..

وصلت للمنتصف تقريبًا، وجدت إضاءة خافتة ساقطة من فوق باب خشبي، اقتربت لأرى بجانبي لافتة مكتوب عليها (هنا ستجد مصيرك من فتاة تعرت في قصيدة من أجلك) انكمشت ملامحي اندهاشًا، أكملت القراءة فوجدت شرط فتح الباب؛ هوأن أشرب فنجان القهوة المتروك لي على منضدة صغيرة مكانها في أحد الأركان، بعدما رشفتُ ما بداخل الفنجان، فُتِحت البوابة بشكل آلي، مذاق القهوة أزال التوتر بعض الشيء, أعبر لأجد كل شئ بالداخل يبدو حيًا، الإضاءة حمراء خافتة, الجدران مبطنة بما يشبه الإسفنج, الأرضية بها حصى مكسر وله ملمس الرمال الناعمة, على الجانب الأيمن بار عليه زجاجات من عصائر العنب والتفاح وبجانبهم زجاجة من الويسكي، و كأس وحيد من الكريستال، صنعت كوكتيلا مخلوط بالويسكي لأجربه، بينما أتذوق ما صنعت؛ التفتُّ إلى اليسار وجدت سريرًا ذو أعمدة حجرية، تجلس عليه سيدة عارية شبيهة بالتمثال الذي دخلته، ولكن تلك عودها ملفوف، وقد اكتسبت بشرتها إحدى درجات اللون الأحمر الخفيف، قامتها متوسطة الطول، جلستها متربعة، تتأمل بين يديها الفنجان الذي شربته - قبل فتح البوابة الخشبية - , تحجرت مكاني أمامها كقضيبي المخفي خلف سروالي..

رفعت عيناها عن الفنجان ونظرت إلي, أخذت تقهقه بصوت امرأة لعوب, هرب الدم إلى ذلك الكائن المتمدد بالأسفل، تركت الفنجان وتحركت من موضعها, نبضاتي تزداد رغبة كلما اقتربت, لعقت حبات العرق من على وجهي، داعبت شعري الأسود، شبَّكت أصابعها في كفي، جذبتني إلي سريرها، رفعت ذراعيّ ببطء وهي تتمدد فوقي وتشم رائحتي؛ أثناء ذلك كانت تخلع التي- شيرت الأزرق الداكن عن صدري، استرخت كل عضلاتي وأنا أشم رائحة الفُل المنبعثة من جلدها، بينما كانت تقيد معصم يدي اليمنى؛ كانت أناملي تمسح نعومة بشرتها، أقرصها فتتأوه، زاد توتري عندما رأيت نهديها يهتزان قرب أنفي، فتسللت يدي لأسفل بطنها الأملس، فتلوَّت، حدقت في عيني بعينيها الواسعتين، ابتسمت ولثمت شفتي المرتعشة، يدها سحبت يدي، أحكمت ربط اليد الثانية، انسحبَت من فوقي وهي تلحس ملامحي، قبَّلت بشرتي السمراء إلى منتصف الجثمان الهائج، أغمضت عيني وأنا ارفع جسدي لتخلع عني بنطالي، عادت لنعومة مداعباتها، مسَّدت كل ساق من الأعلى وصولا لأصابع قدمي فلعقتهم إصبع تلو الآخر، فتحت كل ساق على آخرها، ربطت خلخال كل قدم بحبال في أعمدة السرير الأخرى..

 لحظات مرت ووجدت نفسي عارٍ ومقيد، ما هي سوى ثوان وفتحت جفوني المسدلة فزعًا، عندما سمعتُ سوطا يُضرب به في الهواء, أنفاسي أصبحت سريعة كعداء يسابق منافسين كُثُر؛ دنت مني همست في أذني بصوت يبدو كالفحيح، تذكِّرني بلوحة ممنوع الدخول التي تجاهلتها، انتفض جسدي المحبوس، اتسعت عيناها وتحولت كعين الأفاعي؛ التي غلب عليها اللون الأصفر، وقتها انتبهت إلي أن السوط ما هو إلا نصفها السفلي, أما لسانها الذي لعق جسدي النحيل بالكامل مشقوق من عند الأطراف وحتى منتصفه، بكائي مكتوم، حروف صراخي كلها متلعثمة؛ كلثغة الثاء التي لازمتني طيلة حياتي, التفَّت حولي بكاملها، فتحت فكيها وسال لعابها لزجًا، فأغمضتُ عيني, ارتفعت حرارتي, فجأة شعرت ببرد يجمد جبهتي فانتفضت، كل ما أتذكره هو إني صرتُ كارهًا للأحمرِ بدرجاتهِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

قاصّة مصرية 

مقالات من نفس القسم

تشكيل
تراب الحكايات
موقع الكتابة

قلب

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون