لم أكن أريد أبداً أن افقدها، فكنت اجمعها كهواية جديدة أكثر اهمية من جمع الطوابع أو الجلوس لمتابعة عمل مفرش الكروشيه الذي كان دائرياً، ثم تحول بفعل سرحاني لمربع ثم شكل غير محدد، هل هو مُعين أم شكل مشوه من أشكال المستطيل.
الآن يمكنني أن اتخذهم كأصدقاء حقيقيين، فلن يعنفوني إذا فشلت في الابتسام لوجه الصباح الجديد، أو عندما تنحدر دموعي كلما وخزني الحنين لحبيبي الراحل، بل إنها ستسعد جداً عندما يعتصر قلبي الندم أنني عدمت أي وسيلة اتصال بأمي بعد رحيلها هي الاخرى للسماء كما يقولون.
الخيبات التي تعرف متى تتمدد وتغطي رؤيتي تماماً فلا أرى سوى اللونين الأبيض والأسود كحلم يصلح لكل الاوقات أتمرن على تأكيده بالاندماج مع أفلام الأبيض والأسود القديمة لأتماهى معها، وأكون “هانماً لبِك”، أي “بِك” يعاملني بإحترام وينحني وهو يفتح لي باب السيارة بتواضع وجمال، ثم يصطحبني للحفل الراقص الذي ينتهي عند الثانية عشر منتصف الليل لأركض إلى جنية اوهامي بحذاء زجاجي في قدمي اليمنى فقط ليجد البك او الامير او الملك نصفه الايسر ويعلن حبه على رؤوس الاشهاد فقط لانام قريرة العين.
الخيبات ليست سيئة كما يتناوبون القول، إنها لطيفة تحضر لتُذكرني انني يوماً ما كنت سعيدة وكانت لي احلام نحيفة ممشوقة ترتجف لسماع اسمي تردده ابنة لم تحضر قائلة: ماما، او انني كنت يوماً اعود لهويتي القديمة جدا مجرد فتاة تحلم بالزواج من تان تان لتلعب مع كلبه اللطيف مَيْلو للابد!
أنا أحب خيباتي التي تُقر وتعترف أنني كنت في حال وصرت إلى حال، فهي الوحيدة التي تؤكد دون قصد أنني لن أبقى في مرحلتي الانتقالية الأخيرة بلا نهاية، إنها تعرف كيف تصف لي وجعها الذي نقلته لي عبر شكوك الآخرين وعدم ارتياحهم المُدمر في أغلب الاحيان كي يقصوني من حيواتهم دون مناقشة ودون تأكد.
ماعليّ إلا انتظار رحيلها الذي سيؤلمني بالتأكيد، سأنتظر مُلوحة لها وهي ترحل تاركةً إياي أعيش افتقاد الأبيض والأسود حائرة بين الالوان التي ستغمرني، كموجة حياة طاغية تتوجني بالمَّد لتنسحب جذراً قد يكون نهاية او بداية.