آه يا خوفي من مرتب العطيفي

عبد الناصر العطيفي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

عاطف محمد عبد المجيد  

في كتابه اللي فضح فيه مرتبه وسمّاه ” مرتبي الغالي ” وصنّفه إنه من الأدب الساخر، من السخْرية مش من السُّخْرة طبعًا، يكتب عبد الناصر العطيفي مجموعة من النصوص والحكايات القصيرة جدًّا، وده مش نوع من التنمر بالنصوص لا سمح الله أكيد، إنما وصف لمقدار طول النصوص، اللي ربنا ينفخ في صورة كاتبنا ويقدر يطوّلها شوية في الكتب الساخرة اللي جاية لو كان فيه في الكتابة بقية إن شاء الله.

العطيفي بيهدي كتابه ده اللي جمع فيه 184 نَص وحكاية بتحكي كلها السيرة الذاتية بتاعة مرتبه والظروف المحيطة بيه واللي مخلياه، بدون تريقة، في حالة مفيش زيها حالة،  للساخر الكبير جلال عامر، داعيًا لأصحاب المرتبات صِغرتْ ولا كِبرتْ بالبركة ودوامها من الحلال الطيب. 

هنا بيكتب الأخ العطيفي عن مرتبه الغالي اللي وحَشه، وغيابه على عينه، متوسلًا إلى المرتبات الأخرى أن ترفق بمرتبه هو، لأنه يشبه القوارير، واللي بيرحل في ظروف غامضة، واللي غامت الدنيا بعد رحيله، ونعْيه استحوذ على صدر صفحات الوفيات بالصحف، واخد بالك أنت من استحوذ على صدر دي!، رغم قلّته إلا إنه أبهر العالم بتواضعه.

هنا يقول العطيفي إن ناس كتير تواصلوا معاه بعد رحيل مرتبه عشان يسألوه هو كان متزوج ولا لا، يقصد المرتب بلا شك، يا ترى بيسألوا عندهم عروسة له، ولا ناويين يشاركوا الورثة في الميراث!

طبعًا مرتب العطيفي لازم يكون مواكب للأحداث، فبعد ما تعافى من فيروس كورونا راح يتبرع بالدم، والناس شافته وهو بيوزع الكمامات على ركاب الباصات، كريم بقى ومش عارف يودي الفلوس فين.

مش كده وبس، ده كمان قرر مقاطعة شركات المحمول اللي بتنصب عليه، ورغم إن زوجته مش بتبطل تسخر من مرتبه، إلا أنه هيفضل يتفاخر بيه ويحطه فوق مرتبات الناس أجمعين، على إيه بس مش عارف، ده حتى بيقول إن مرتبه لما اتولد رضّعوه لبن سلاحف علشان يعيش، ومن يوميها وهو ماشي تاتا تاتا.

الغالي مرتب الأخ العطيفي اللي بينزل من الماكينة مفرهد وعنده فوبيا العيد، نِفْسه الناس تسيبه في حاله، خصوصًا وهو مرتب عصامي، مطلعدش على كتاف حد ولسّاه بيعافر علشان يثبت وجوده.

المرتب الغالي ده اللي احتفى بيه صاحبه وكتب عنه كتاب كامل عنده وطنية شديدة، ورغم الحرب الاقتصادية الشرسة اللي بيتعرض لها في الأيام دي، إلا إنه مصمم إنه ميتعاملش إلا بالجنيه المصري، فيه احترام وتقدير ومحبة للعملة الوطنية أكتر من كده؟!

هنا برضو نعرف إن مرتب العطيفي رغم تواضعه، إلا إنه برضو بيفكر في مساعدة مرتبات الغلابة وغير القادرين، مع إنه مغرم ببرامج الطبخ، وعاشق للنحو، وبيرجع كل يوم من الشغل متبهدل وهدومه متقطعة من ارتفاع الأسعار والديون اللي اتجمعت عليه ومسكْت في خناقه.

مرتب العطيفي اللي مبيحبش الكوسة بس بياكلها، رغمًا عنه، أخيرًا حد شافه وهو راجع من الشغل ومعاه كيس فاكهة، وأكبر ميزة فيه إنه مش بيعرف يطبل ولا يرقص ودايمًا اللي في قلبه على لسانه، وحساس جدًّا لدرجة إن وشه بيملاه العبوس أول ما يتخصم منه.

حكايات مرتب العطيفي كتيرة وعايزالها قعدة طويلة مع كوباية شاي مظبوطة، أصلي ماليش تُقْل على القهوة، عشان الواحد يمخمخ ويستمخمخ في الاتنين مع بعض، فيا إما الشاي يظبط الدماغ ويفهم حكايات المرتب الغالي ده، ويا إما دماغه تتقلب يا ولْداه من حكايات مرتب العطيفي بصولاته وجولاته.  

وأخيرًا أدينا مستنيين مرتب العطيفي اللي قرر إنه يكتب مذكراته الشخصية، ويا رب نشوفه وهو مالي هدومه وواقف زنهار مرفوع الراس بين مرتبات الناس التانيين.

وقبل ما نودّع المقال ده زي ما مرتب العطيفي بيودع ماكينة الصرف كل شهر،  لازمًا ولابد أوجّه التحية للعطيفي اللي عمل أول كتاب عن المرتب في تاريخ مرتبات البشرية.   

مقالات من نفس القسم