آخر العمر

موقع الكتابة الثقافي art 11
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

أحمد سعد

يحلو لي أن أداعب خصلات شعرها المنفلت من تحت حجابها. لأزحزحها من علي جبينها وأديرها بجوار أذنها.

تلمع عينيها, فأطبع قبلة طويلة علي رأسها, وأعود لأتأملها, فتستند برأسها علي صدري, وأحيطها بذراعي, وأضمها إلي. تحتويني بحضنها الدافئ، وددت لو ظللنا هكذا طول الأمد.

 

تخلع عني ثيابي, و تمر بشفتيها علي أنحاء جسدي , ليتلاقي جسدينا في وهج اللذة, وأغفو قليلا, وأفيق علي يديها تمر علي صدري, وتربت عليه ,تأخذ بيدي. تجذبني إلي الحمام لنقف سويا تحت المطر.

تنطلق ضحكاتها وهي تجففني, فأخذ البشكير منها, وألفها به محتضنها. تلف شعرها في منشفة صغيرة بينما ارتدي ملابسي لأغادرها.

تري ذلك فتتبدل ملامحها و تشيح بيدها وهي تلوي وجها عني.

–        حسن…….. أنت ماشي.

–        عندي مشوار لازم أخلصه.

أقترب منها. أحاول أن احتضنها. تنفلت مني بخطوات مبتعدة.

ألمس بيدي كتفها، أوقفها .

–        هاجي تاني ….. كلها ساعتين تلاته وراجع.

تنفلت دمعة من عينها

–        هو الليل فيه كام ساعتين تلاته ……………. ده أنا مبقتش أشوفك خالص.

–        اعذريني ……… ضغوط العمل.

–        ما هو انا كمان زهقت من قاعدة البيت …………..وا … و أنت محرج علي الشغل…..

اشعر برعشة خفيفة في يدي اليسرى، وأحاول أن أزيل تجاعيد جبهتي التي ترتسم وقت غضبي

–        أنتِ عاوزه ترجعي الشغل .

محاولا أن أقولها بحيادية اخفي منها استنكاري

–        لا أبدا …. لكن …. أنت زعلت ..

–        …………………………

أكمل ارتداء ملابسي وأتناول مفاتيحي من علي المائدة واتركها واصفق الباب بشدة خلفي.

 

***************

أركب سيارتي، أديرها و انتظر قليلا ، انظر في المرآة لأجد عيني محمرة بشدة أتناول القطرة و أضع نقطتين .

–        يخرب بيت كده …….. عاوزة ترجع الشغل ………ما هو ………. .

و انطلق بالسيارة

ما الذي يربطني بها هكذا. أدمنها لا ابرح أن ابعد عنها حتى اشتاقها وددت أن اتحد بها فلا نفترق . أن تحل روحنا في جسد واحد . كنت أظن الزمن سيبرئني منها . إني كلما اقتربت منها سأزهدها. و يقل تولي بها . جربت البعد عنها فلم استطع . ظلت تلاحق خيالي . كانت صورتها مطبوعة في عيني . أريد أن أراها. هناك شئ غامض يجذبني إليها . سنوات مرت و لا أزال متعلق بها  . لم يخف حنيني إليها .

بعثها الي احد المتعاملين معي لكي أجرب  المحترفات لان الصديقات مهما برعن لن يصلن لروعتهم . و لكن السر لم يكمن في إنها تتقن كل شئ . لقد جربت بعدها غيرها, و لكني أظل متعلق بها. لا ادري العلة كان الأمر في البداية مجرد تعلق. فاعتياد. فإدمان. لو كان اخبرني احدهم انه يعشق مثلها لسخرت منه. لم أكن أتوقع أني سأقع في حبها. أنا أحبها …. لا أنكر علي نفسي ذلك لا أنا مَتُووّل بها.

تيت تيت تييت

ترااااك

ـ حاسب يا عم .

ـ انا اللي أحاسب

ـ معلش

ـ معلش أنت ……….. و يتركني ويغادر عندما يدرك إنها سليمة

أتناول هاتفي اتصل بسيد دوكو و اطلب منه ان يجئ يأخذ العربية ليستعدل الرفرف .

 

********************

تجلس هبة القرفصاء علي السرير واضعة رأسها بين ركبتيها تحدث نفسها بصوت مسموع

– مش عاوز ينسي   …….. و لا مش قادر ينسي ………. وهيه دي حاجة تتنسي …… ما هو هو برده ….بس يابت .

ترفع راسها و تمد قدميها . تنزع المنشفة عن رأسها . تنزل من السرير ينزلق البشكير المحيط بجسدها . تقف امام المرآة و تتناول المشط . تتأمل نفسها في المرآة . تلمس منبت شعرها .

–        كبرت …. بس لسه معجزتش .

ترفع بكفيها ثدييها المتدليين تحاول ان تعطيهما استدارتهما القديمة .

–        لا ….. انا فعلا كبرت …………. لو رجعت الشغل تاني محدش هيعوزني .

ممكن عيال ثانوي ………… بس مبيبقاش معاهم فلوس …….. ملهاش لازمة هو انا هشتغل عشان الفلوس ………..

تخبط علي خدها …………..

–        أحيه ………….. ارجع للبهدلة تاني ……… لا …….

بس انا زهقت م القاعدة لوحدي …………. أيه ده أتجنيت خلاص ……. بكلم نفسي ………. ماهو كده مينفعش لازم  أشوف ناس ….. اكلم ناس ……. بدل اللي انا فيه ده .

بس برده مينفعش ارجع الشغلانه ديه ……. و برده الشغل مش … لو كنت بس جبتلي حتة عيل و لا بت كده بدل ما انا وحدي كده .

تلملم شعرها في كحكة من الخلف و تعيد فحص منبت شعرها لتري بياضه الذي زالت عنه الصبغة . تتناول الروب الحريري و ترتديه . تتجه الي غرفة المعيشة و تقلب في القنوات . تتوقف عند قناة أوربية تذيع أفلام إباحية و تتابعها و تعلق عليها بين حين وأخر متقمصة دور البطلة .

–        قومي من عليه جتك نايبة …… هو فيه زي البلدي ……… صحيح بنات ماسخة ملهاش طعم… البلدي يوكل.

تتناول هاتفها المحمول . تقلب في الأسماء ……….. سعاد …….. تضغط زر الاتصال و تلغي الاتصال في ذات الوقت….

–        محرج عليا اكلمها لا هيه ولا غيرها ……..عاوزني انسي زمان.

هو عامل انه نسي …….. نسي ……… بينسي اللي علي مزاجه و يفتكر اللي في مزاجه .

 و تمصمص شفتيها .

– هو صحيح بقي بيه ……… بس……..

وتتسرب إلي شفتيها ابتسامة الرضا و تعلو رأسها قليلا فتلقي الهاتف بعدم اكتراث بجوارها و تعاود الانتقال بين المحطات الفضائية و تقف عند الدراما لتابع المسلسلات و يغلبها النوم أمام التلفزيون .

 

****************

يعود حسن من الخارج . يغلق التلفزيون .و يحاول حمل هبة فتفيق لتستند عليه و ينقلها إلي السرير . تقبله و هو يضعها و تدعوه إليها . تنتظره و هي في نصف وعي تغفو و تصحوا لتجده نائما بجوارها تحيطه بذراعها و تنام متوسدة جسده . تحلم بيه . تراه و هو يبعد عنها تصرخ في الحلم لتفيق مذعورة فلا تجده بجوارها.

يدخل عليها .. مبتسما .  – يالا الفطور جاهز .

يتناولا فطورهما يرتشف حسن من فنجان قهوة رشفات بطيئة يستعذب بها طعم القهوة في فمه ثم يسألها.

–        هو أنت لسه مبتكلميش سعاد .

تهتز شفتيها و هي تعيد في مخيلتها ما حدث أمس هل اتصلت بها أم اكتفيت بالبحث هل ضغطت زر الاتصال و فحص الهاتف فوجد إنها اتصلت بها ……..

–        أيه مبترديش ليه

–        لا أبدا بس أنت كنت محذر عليا اتصل بيها .

يبتسم وهو يتأملها بهدوء .

–        طب ما تكلميها كده شوفي أخبارها ايه ….

تذهب عينيها يمنة و يسارا . تحاول أن تركزهما في الطبق أمامها و تبتلع اللقمة غير الممضوغة بصعوبة.

–        ليه هو فيه حاجة ….

–        يعني ……. صحبتك  …. و يبقي فيه حد .. . و يبتر الكلام ولا يكمله

تأخذ نفسها …… و تتوجه بعينها نحوه .

–        بجد .. هي تحك طرف انفها .

يومئ برأسه و في عينيه لمعة ما.

تدرك انه جاد فيرتفع حاجباها و تتسع عينها و تقوم إليه لتحتضنه .

ثم يقبلها و يستعد للخروج

–        هتيجي تاني أمتي

–        يومين تلاته كده ……… هتصل بيكي قبليها .و هو يهز كتفه إلي اعلي .

و ينصرف

 

*****************

تلتقط هبة الهاتف و تتصل بسعاد

–        ايه يا مضروبة ……… وحشاني .

تنصت لردها و تنطلق منها ضحكة عالية .

–        لا .. مش وحشاني كده …. و حشاني بجد …

–        ……….

–        أخبارك ايه ……. فين دنيتك دلوقتي …….. لسه يخرب بيت عقلك

–        ……………..

–        مع حسن هاروح فين يعني ………مطرح ما يروح معاه .

–        ……….

–        أحسن منك ………. بس أنت تيجي و لينا سهرة مع بعض محصلتش .

ماشي يا قمر … وقت ما تحبي ……… علي طول كده … النهاردة ….. اتفقنا

يا بكاشة …….. راحت عليا خلاص ……..

هستناكي ……. سلام .

 

*********************

تفتح هبة الباب لسعاد التي تحتضنها

–        وحشاني

ترددها سعاد

–        و انتي اكتر

و تجذب سعاد من يديها داخلة بها . يجلسا سويا حول سبرتايه نحاسية صغيرة موقدة علي كنكه قهوة متروكة لكي تغلي بهدوء . و يتبادلا أحاديث يتذكرا بها أيامهم سويا وكيف كانا .

يتطرق الحديث الي ابنة سعاد فيشوب وجه هبة شئ من الاحمرار و تحاول ان تخفي اصابعها و هي تنقر بها علي ركبتها . ولكن سعاد تنظر الي اعين هبة مباشرة

–        ايه مالك

–        ابدا مفيش . وهي ترفع كتفها و تقطب جبينها

سعاد تعرف رغبة هبة في التحدث الدائم عن ابنتها و كيف صارت الأمور و سماع قصة كيف أخرجت الأوراق و اختارت اسما و من أبيها. هبة تريد أن تسمع هذه الحكاية. لأنها كل مرة تكون القصة مختلفة ولم تريحها أبدا بأي قصة حقيقية و ربما أعطتها بعض الملامح الحقيقية و لكنها لم تصدقها أو مرت كأنها احدي تلك الحكايات غير الحقيقية.

تنهض هبة و تغير من ملابسها و تعود .

–        أيه هنروح فين . تسألها سعاد بصوت يناشدها البقاء

–        أي حته المهم اخرج م الحبسه ديه .

يخرجان و هما متشابكي الأيدي و يركبان سيارة سعاد أمام العمارة .

و تلمح سعاد فتاة ترتدي ملابس ريفية تأخذ شيئا ما من البواب . فتهمس لهبة .

– البت دي جامده .

– ملكيش دعوة بيها ……. سيبيها فحالها……… معندكيش واحدة من دورها كده

– ماهي عندك اهيه

– لا دي بتيجي في الصيف بس و بترجع بلدهم ع المدارس

– اشوفلك

– عاوزها تكون كويسة كده و نظيفة

– اتفقنا

– علي فين

– أي حته علي مزاجك …. بس عاوزين نتبسط.

 

*******************

حسن يهدي هبة مجموعة من الأساور الذهبية و  يحتضنها

–        لسه مخلص موضوع جامد أنت وشك حلو عليا

و يحتضنها و يطبع قبلة علي جبينها

–        طيب كده لسه.

–        لسه ايه..

–        ليه عندك خروجه.

يصمت حسن و يقطب جبينه و تشرد عينه قليلا

–        نفسي اخرج معاك بقالنا كتير مخرجناش سوا …….. ايه مش عاوز .

–        لا عاوز طبعا ….. اه . و مرر يديه على أذنه ساحبا إياها .

–        امال مالك ساكت زي ميكون الكلام مش عاجبك.

و تلمع عين حسن ويعتدل و هو يبتسم

– أيه رأيك نقضي أسبوع سوى في قبرص او مالطة

– يا ريت ……… و ترتمي في حضنه و يقضيان ليلة لا يخفيان فيها جمرات الحب.

 

***************

يجلس حسن في مكتبه يتابع أعماله يرن هاتفه يري اسم هبة علي الشاشة يرد عليها

–        صباح الفل …… صاحية بدري يعني

–        ………..

–        معلش مشغول شوية.

–        …………….

–        لا صعب خليها الأسبوع الجاي .

–        سلام

يبحث حسن في أنحاء المكتب عن شئ ما , يدعو مديرة مكتبه لتساعده في البحث ، يقلبان في الأدراج و الأرفف بلا فائدة . تدخل السكرتيرة تذكره بجدول مواعيده ، و أن هناك موعد بعد عدة دقائق و أن مجدي بك جاء قبل موعده بساعة. يدخله و يظل يتحدث الرجل و لا يرد عليه سوي بتمام وان شاء الله .إلي حين أن ينتهي الرجل من حديثه , و يوصله للباب و هو حريص علي التأكيد بان هذه الزيارة لا تحسب لأنه مشغول البال وان يحدد موعد أخر يعيد عليه فيه ما دار بينهم . يخبر مديرة مكتبه بإلغاء كافة المواعيد اليوم لانشغاله و يترك شركته و يخرج مسرعا.

 

******************

يقف حسن بباب شقة هبة يدير المفتاح فيلف ولا يفتح الباب يبدو انه مغلق من الداخل. يضغط زر الجرس عدة مرات و ينتظر يستند بذراعه علي الباب ثم يستدير للجانب خطوتين و يستند بظهره علي الحائط  وكل عدة ثواني يعيد الضغط علي الجرس و يفرد ذراعه بكفه المبسوط ليدق علي الباب خبطات متتالية . ينظر إلي سقف الطرقة و يخرج الهواء المحبوس في صدره بصوت مسموع . ويعيد الكرة فيرن الجرس و يخبط علي الباب

ثم يهبط بجسده ليريحه علي الأرض و يخرج المحمول و يتصل بها رنين متواصل ولا تجيب . ترد عليه في الثالثة ..- ألو ……… بصوت يكسوه الخمول كأنها نائمة .

–        ايه انتي نايمة ……

–        ………

–        طب قومي افتحيلي الباب اللي متربساه انا واقف بره .

يقف علي قدميه و يواجه الباب . تفتح هبة و هي بلا أي ملابس يدفع الباب و يغلقه خلفه بعنف

–        متربسة الباب ليه

–        عادي

–        مين جوه

تخرج عليه سعاد من الداخل

–        ايه يا حسن … و تندفع إليه لتحتضنه … واحشني …….

يصدها بيديه – أزيك عاملة ايه

تدفع يده و تحتضنه – بقولك واحشني .

يجلس حسن أمام التلفزيون يقلب في قنواته بينما هبة وسعاد بالداخل تخرج سعاد من غرفة النوم متوجهة لباب الشقة يسعي اليها عارضا عليها استعداده لتوصيلها تبتسم و تشكره و تصمم ان تنصرف بمفردها .

يدخل غرفة النوم ليجد هبة مستلقية علي السرير وأعينها شاردة .

–        هو أيه اللي جابها

–        أيه صاحبتي و جايه تزورني .

–        يا سلام ……. مش كانت انقطعت الصحبية دي .

–        ما أنت اللي رجعتها …….. قوام نسيت.

ينكس رأسه و يتابع خطوط و نقوش السجادة المتداخلة

–        أيه …….. ساكت ليه ………….. متكونش بتغير

–        أنا …….       – فاغرا فاه

–        أمال مالك .

 

يتابع تأمل نقوش السجادة مرة أخري

–        أنا ماشي ……

–        الله …….. هو أنت لحقت تقعد .

–        سلام ….

 

******************

–        ألو …….

–        ……..

–        أنت زعلان .

–        لا أبدا .

–        أمال مبتجيش ليه …….. بقالك أسبوعين محدش شافك .

–        معلش مشغول شويه .

–        هاتيجي النهارده .

–        مش هقدر مسافر الصبح .

–        مسافر.

–        شغل .

–        هتغيب .

–        شهر كده

–        ياااااااااه ….شهر …. طب حاول تيجي نشوفك قبل متسافر .

–        مش هينفع في حاجات بجهزها للسفر .

–        براحتك

–        سلام

 

****************

حسن عاد من السفر بعد اقل من أسبوع ,  و أثناء تخليص أوراقه يخبره احد الضباط بأنه مدرج علي قائمة الترقب و الانتظار, و انه مضطر لمرافقته لمعرفة الأمر ,يتصل حسن بمعارفه ليعرف السبب قبل الدخول و نقله لمقر التحقيق ليعد إجابته ,أو قد تفلح اتصالاته في إنهاء الأمر قبل تفاقم الأمور وقبل التحقيق . يوعده احدهم بالاستفسار و معاودة الاتصال به. ليبلغه انه متهم بقتل امرأة له علاقة بها تسمي هبة .

 

عودة إلى الملف

 

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون