عبد الرؤوف بوفتح
لي حبيبة
تقول بالعادات
وتُحبّ سيرة الدّلو..
والحبل على الغارب..
وزهرة عباد الشمس
تَأْنَسُ..
لكل قنديل قديم
أو بقايا قمح
تناثرت من قصب السنابل
عند خطاها
وآثار القوافل
والفطر الفاسد في حقل مهجور.
– هي تأنسُ..
لدفء العشيرة التي..
حدّثونا عنها بالمقلوب
لكل العتبات التي أتَتْنا منها الرياح
لكل الغزاة الذين سَبّونا
أخذوا منا..
الماء والأحلام
والجذور والبستان
والسماء والتراب..
كل ما نَقَلوه لنا..
أشعار الحماسة
والنخاسة والشرف وعشق المجانين
ومواقف “النّفَرِي” وشطحات
“الحلاج” و”السّهْرَوردي” ..
وكل أسراب الدراويش.. والمُريدين.
وبيارق الدم والنكاح..!
– لي حبيبة..
لها من العلم..والفطنة ..
وأصناف الفِرَاسة
ما يغنيها عن فزّاعات التأويل
وَصديد الأقاويل
وبضائع المتجولين المَضْرُوبة..
لكنها ..
لا تريد أن تبدل القماش الذي ..
لم يعد يحتمل
خيط الإبرة
وهَوْدج “هند”.
تُرَى..
هل يوجد حقا ..
إمَام عادل صادق
وأمير للمؤمنين
وحاشية لم تتسرب إليها
رائحة الخَلّ
وضحكات الجواري
وفضائح التفاح.
ولم يلمسها ذباب الخطأ والنسيان
أو الغفلة والهذيان..؟!
– هي..
تظن أن كل ترْكتنا ليس بها عفن
ليس فيها رُقَع الاحتيال
وآثار التزوير
والسَلْخ والمَسْخ..
وأوساخ الأظافر
وظلال الرماح والسيوف
يعني: صافية/ لَبَن
– أُمَازحها أحيانا، أقول:
يا ابنة “علي”
لا تصدقي كل الذي أتانا
كل الذي أسقطته الرياح من خَرَاج حرام
في مَمْشى حدائقنا
وفي أطراف الأطلال
ومداخن الغربان
وتخوم القبائل
– كذب “الأصمعي”
و”حماد الراوية ” ..
و”عيسى بن هشام”..
وغشّوا “الشريف الرضي”
بعد قرون من الدسائس.
وقبل ذلك.
ذُربٌة : “حَدّثنا فُلان
عن عِلّان .. عن عبدائيل” ..
يعني ..
قُطعان من الأفّاقين
والسذّج وأهل الفَيْءِ والسَّبْي
ولصوص الدين
بإضمار..وتَرصّد..
أكثر مما يستوعبه عاقل..
كذبتُ “حَذامى”
لا يوجد ” سُلَيْك بن سلْكَه”
ولا سماء ..
في عيون” زرقاء اليمامة”
كل أمجادنا بالسماع
وكل أعراسنا..ظاهرها الطبول
وتحت خيماتها
وخلف أسوارها..
الحرائق..والأحزان والعويل.
– هل تصدقي يا “حبيبة”
أن كل صعلكة
وأهازيج الشعراء
ووقار.. وأقوال الخلفاء
علّبوها في وقتها.
ثم عَقّموها .. حتى تصل
إلى أعماقنا
طازجة.. لذيذة ..دون روائح.
حتى أشرطة التسجيل
تبْلَى مع الأعوام.
– بالطبع.. لم يكن لديهم
مفتاح واحد لركوب الزمن ،
وحفظ الأصوات والكلمات ..
والحكمة والجَمَال..
غير “سُحب سليمان”
وتسخير أُمّة الطير والنّمل
وقميص يوسف
ومِرْوَدَ امرأة العزيز.
وأحاديث الذئب والغدران.
والأبابيل..
كل أكوام المحصول
فيها..
سطو لصوص المناجل
وبصمات الليل.
– إنّ ” كتاب ألف ليلة وليلة”..
هو الوحيد الذي
أتانا عاريا.
دون إمضاء… ولا شهود.
لأنه كتاب ..
تداول على صياغة أساطيره.. وتحرشّه
وبديع زندقته ..كل مسافر عاشق
وكل غريب مقهور ..
وكل قرصان.
كم حقّقوا
كم تسابقوا
كم دقّقوا..
لكن..
لم يصل أحد إلى فكّ بصمة الحِبْر
ومَرْبط المأساة
والفكر الذي صاغ..
بُهْتان “شهرزاد”
واليد التي تكلّمت..
عن بلاهة المَلِك
وخديعة الديك..!
(أَلَا تَرْين شهوة وخلوداً ومتعة هذا النص اللقيط.. والوحيد في غرابته .. وغموض نَسَبه ..بالرغم من كون الجرائم الانسانية الجميلة التي تحتويه… أحالوها.. ضد مجهول.. وبالرغم من كون النسخة الاصلية التي تخدش الحياء.. لم تصل إلى رفوف العرب.. إلى يومنا الأزرق هذا..).
– لي حبيبة.
تغضب جدا..
حين أنكر لها..
أن تلك الحكمة..
لم يقلها اصلا “علي”
أو ” حمزة” أو ” عمار بن ياسر”
أو غيرهم ..
من الموعودين بالجنة
– إلا نحن-
أو الإمام المزعوم الموهوم
وأن أمير المؤمنين..
هي خديعة الحاشية
وبطانة الذئاب..
ووساوس ” السقيفة”
وكل أقبية الحكام الماكربن
التي تلتها.
وأن كل الذي تخيلناه مقدسا
لا يعدو أن يكون سوى
رجع صدى.. وشبيه صهيل.
من الذي ابتدع الشيعة .. والسُنّة
والخوارج.. والمعتزلة.. وكل هذا الرهط ..من الخناجر والحناجر.. والنعيق.. والسيوف.. والحقد الاسود.
– لم يكن الرسول الكريم يقود أُمّة
أو يعرف كل هذا التيه
الذي أوصلونا اليه
كانت تمشي خلفه أمّة..!
لماذا لم يصحب كل نبيّ طوفان..
لماااذا..؟؟
– نحن أمة لا تكتب يا “حبيبة”..
فهل نقبل بسهولة مثلا..
أنه بعد مائة عام..أو أكثر
قال سيدنا الإمام..كذا وكذَا..
– وان ذاك القول
وصل الينا غير منقوص
او مدسوس
او مقصوص
بالتاكيد.
هو منقح .. او مَزيد..
من طرف ” عَمرٍْو او ” هريرة”..
او يزيد”..!
صدقيني
لا مطر.. او رذاذا…!
– كل ما في الامر
انه لا بد من لجَام للدّواب..!
– لي حبيبة –
تغضب جدا
حين أمازحها
أو أقول لها..
فات زمن التداوي بالاعشاب.
وان عود القرنفل – مثلا-
لم يعد يصلح لطرد الجراثيم
وعدوى القطيع
وأن السّواك..
لم يعد يصلح لكل فَمٍ أَبْخر..!
وأن القمر ليس كما نراه مضيئا
وليس به شجر المٍسْك
او عود الأقمار.
تعاظمت الامراض فينا
الكثير منها.. نحمله بالوراثة..
ولا جدوى من كل تلك الحشائش
والتمائم..!
– يجوز يا ” حبيبة”
– انّي اعددت لك القهوة
في انية الاكل
هكذا كانت تفعل امي أحيانا..
وكانت قهوتها لذيذة..
– قد اكون احضرت لك ..
باقة ازهار بعد منتصف الليل..
فأنا أحب ” الستر” في العشق
حين اكون حزينا..
وحتى لا يراني احد.
– قد أكون – في ظنك –
تجاوزت حدود بالله
او جانبتُ ترتيب أركان الايمان..
قد أكون….!
– يا كيف أفسر
حبك للناس..
ياا حبيبة.
– فقط ..
اضحكي طويلا..
وسُبّيني في قلبك – سرّا –
لكن..
أرجوكِ..
قليلا.. قليلا..!
……………………
– شاعر من تونس