خمس قصائد

موقع الكتابة الثقافي writers 118
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

أديب كمال الدين

* قصيدة عن الذاكرة

حينَ حذفوا قصيدتَكَ التي كتبتَها عن الحرفِ القتيل

ووضعوا في مكانِها إعلاناً لإزالةِ الذاكرة،

لم يحتجّ القرّاء

ولا مُحرّر الصفحة

ولا حتّى أنت.

أنتَ الذي تألّمتَ قليلاً

ثُمَّ ذهبتَ لتمشي،

كما تفعلُ كلّ يوم،

في شارعِ المدينةِ الوحيد،

الشارع الذي ينتهي بحفرتين كبيرتين في الذاكرة.

*********

* حفلة الأقنعة

حينَ دخلتُ الحفلةَ في آخر لحظة،

وجدتُ القومَ يلبسونَ مُبتهجين

أقنعةً للقِرَدَة

وأقنعةً للفِيلَة

وأقنعةً للكلابِ وأخرى للفئران.

سألتُ عن سرِّ الحفلةِ أو مَغزاها،

فضحكَ القردُ،

أعني مَن يضعُ قناعَ القردِ على وجهه،

وقال: الفلوسُ يا مَنحوس!

وسخرَ الكلبُ وقالَ بصوتٍ مبحوح:

النسوان.

وغمزَ لامرأةٍ عاريةٍ مَرّتْ

وهي تضعُ قناعَ غزال.

وسألتُ الثعلب

فتبسّمَ وظلَّ يلتهمُ اللحمَ المشويّ

بشهيّةِ ثعلب.

حتّى قادتني قدماي إلى أسدِ الحفلة

فصاحَ بوجهي مُبتهجاً:

مُبارك لكَ جائزة الحفلة!

انتبهت الأقنعةُ جميعاً

وأجابتْ بالتصفيق،

بعاصفةٍ مِن تصفيقٍ وصُراخٍ وصَفِير.

قلتُ له:

أنا لم أضعْ قناعاً.

هذا هو وجهي!

ضحكَ وقال:

كيف؟

ممنوعٌ أنْ تدخلَ للحفلةِ من دونِ قناع!

قلتُ بصوتٍ مُرتبكٍ:

هذا هو وجهي من دونِ قناع.

فضحكَ ثانيةً

وصاحَ بصوتٍ عال:

مُبارك لكَ جائزة الحفلة.

فأنا منذ دهورٍ ودهور

لم أرَ وجهَ الإنسان!

************

* بالأبيض والأسود

كتبَ لي من كهفه البعيد:

اعملْ بحياتِكَ شيئاً!

لا تنفق العمرَ وأنتَ تتأمّلها فقط!

مَن كتبَ هذا؟

أظنّه ناقد السذاجةِ والطيبةِ المُفرطة:

ذاك الذي يقرأ الحرف

فلا يتأمّله لحظةً واحدة.

لم يكنْ يعرف ذلك الساذج

أنّ حياتي تشبهُ مُلاكماً

خرجَ للتوّ من الحلبة

مُثخناً بمئاتِ اللكماتِ والكدمات

خرجَ لينهارَ في الممر

فيما يعبرُ الجمهور

جسدَه المُلقى على الأرض

دونَ أن يلقي عليه نظرةً واحدة!

******

* ربّما

في الليلةِ التي وجدتُكِ فيها

تبيعينَ للسَحَرَة

حرفي بدراهم معدودة،

هل قامَ الموتى من القبور؟

– ربّما.

هل طعنَ بعضُهم بعضاً بالسكاكين؟

– ربّما.

وحينَ نمتُ مُجهَداً كجبلٍ مُنهار

وأفقتُ فلم أجدكِ بجنبي أبداً،

هل تساقطتْ أذرعُ السّاعاتِ على رأسي؟

– ربّما.

هل فاضَ الفراتُ حتّى غرقتُ

وطافَ جسدي؟

– ربّما.

وأخيراً: هل أنا حيٌّ حتّى الآن؟

– نعم، أعني……………….. ربّما!

*****

*ألم

الألمُ شاعرُ قصيدتي

أنا حرفهُ العاطلُ عن النقطة.

الألمُ مُطربُ قصيدتي

أنا حرفهُ المُصابُ بالصَمم.

الألمُ طبيبُ قصيدتي

أنا حرفهُ المُصابُ بانفصامِ المعنى.

الألمُ قائدُ قصيدتي

أنا حرفهُ الذي عَوّقته الحرب.

الألمُ مَلِكُ قصيدتي

أنا حرفهُ المَهووسُ بالتمرّدِ والعصيان.

الألمُ ساحرُ قصيدتي

أنا حرفهُ المُحترقُ مع البخور وعظام الموتى.

الألمُ جلّادُ قصيدتي

أنا حرفهُ الذي يسوطُ بهِ ظهري العاري

ليلَ نهار.

مقالات من نفس القسم

خالد السنديوني
يتبعهم الغاوون
خالد السنديوني

بستاني