لم يحب أحدٌ الحديث عن الرفاق الميتين

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

أجيد الحديث كشخص بارع

لكنّي أفضل رواية كل شيء بعجالة

لأن الحزن يطفح مع المزيد من الثرثرة

وأنا أحرص على إبقاء بئر قلبي مقفولًا..

في الماضي،

عثرت على صديق عرفته تحت جسر

وقد اختار البقاء،

على الرغم من كونه أحد أولئك الذين ينتحرون يافعين..

قال: “هنا أو هناك، سأظل أتألم دومًا.”

وعلى عكس الذين علقوا أنفسهم أو قفزوا في النهر

وجدنا طريقة للسيطرة على أحزاننا

كانت تنبح في الليل وأحيانًا تنطلق هاربة في أحلامنا

إلا أن ظلها لم يكن ليتجاوز العتبة

 حتى حين يكون الباب مفتوحًا..

مشينا طويلًا، أكثر مما نحتمل وأقل مما نريد

اعتبرنا أنفسنا أحرارًا، على الرغم من كوننا ضائعين.

امتلك كل منّا ذكريات يصمت أمامها

عن طفولة سيئة وأب لا نحب تذكره

وعن حفرة في القلب تبتلع كل شيء أمامها

وأصدقاء ماتوا من شدة اليأس

وقلنا: سافروا مع البحر..

 وعن الحنين للمراكب، والأجنحة، وكل ما يحمل المرء بعيدًا.

لم نعرف الثرثرة، واعتدنا أن نكون وحيدين في أحزاننا..

مرة أشرت إلى يراعة تمر، ونظر بدوره إليها

ومرة راقبنا سويًا ظلالنا، وهي تطول وتقصر، وبدا علينا السرور..

وفي بعض الليالي

حين ننتهي مبكرًا من التجول داخل رؤوسنا

يبدأ – كل بمفرده- بتذكر الأروقة المظلمة

والمراهقات المكتئبات اللواتي يتضاجعن بيأس

والعيون المثبتة بهلع على مثيلاتها أمام المرايا

وصرخات الفزع حين يلمسنا شخص ما خطأ

والأصدقاء الذين يحقنون أنفسهم – بوهن- أمام عيوننا، ولا يتفوه أحد.

لم يحب أحد الحديث عن الرفاق الميتين

وغالبًا فضلنا لو أنكرنا وجودهم

لم نعتبر الموت بطولة ولا الحياة أيضًا

وامتلكنا أقدارًا متساوية من اليأس والحزن والضجر

كيلا نغمض أعين الجثث المستلقية تحت أقدامنا، أو نصرخ حين اكتشافها..

وسخرنا أحيانًا من موتانا الذين امتلكوا أحدًا يبكي عليهم

واتفقنا على اعتبار الجنائز نوعًا كريهًا من الترف

فيما راح كل منّا يتمنى بصمت لو يحظى بواحدة..

تأخرنا في الخارج لوقت طويل، لأننا لم نملك منازل نعود إليها

 وتحلينا بالصمت لوقت أطول، لأن أحدًا لم يسبق وسألنا عن أحوالنا.

 

11 يونيو 2017.

…………….

*نقلاً عن مدونة “ كَظلٍ يتمدَّد عَلى جِدارْ”.

مقالات من نفس القسم