قَرْيَتُنَا اَلْمَنْسِيَّةُ وَذِكْرَيَاتُ حَرْبِ أُكْتُوبَرَ

محمد سعد عبد اللطيف
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

مُحَمَّدْ سَعْدْ عَبْدِ اَللَّطِيفْ

 تَقَعَ قَرْيَتَنَا بِالْقُرْبِ مِنْ اَلْقَاعِدَةِ اَلْجَوِّيَّةِ وَتُحَاطُ بِهَا قَوَاعِدُ لِلدِّفَاعَاتِ اَلْجَوِّيَّةِ. وَبَعْدٌ نَكْسَةِ عَامِ 1967 م أَصْبَحَتْ مِنْ مَنَاطِقِ خَطِّ اَلدِّفَاعَاتِ اَلْأُولَى خَلْفَ خَطِّ اَلْمُوَاجَهَةِ لِمُدُنِ اَلْقَنَاةِ لِشَرْقِ اَلدِّلْتَا ؛ فِي 5 يُونْيُو مِنْ ( حُزَيْرَانُ ) عَامُ 1967 م وَبُعْدُ قَصْفِ اَلْقَاعِدَةِ اَلْجَوِّيَّةِ بِالْمَنْصُورَةِ مِنْ قَبْلُ سِلَاحِ اَلْجَوِّ اَلْإِسْرَائِيلِيِّ وَتَدْمِيرِ مَمَرَّاتِ وَحَظَائِرِ اَلطَّائِرَاتِ خَرَجَتْ قَرْيَتُنَا فِي مَشْهَدٍ بُطُولِيٍّ مِنْ جَمِيعِ اَلْأَعْمَارِ لِلْمُشَارَكَةِ فِي رَدْمِ اَلْحَفْرِ مِنْ جَرَّاءِ قَصْفِ مُدَرَّجَاتِ اَلطَّائِرَاتِ وَمُسَاعَدَةِ اَلْقُوَّاتِ اَلْمُسَلَّحَةِ.

اَلزَّمَانُ: بَعْد ظُهْرِ يَوْمِ اَلثُّلَاثَاءِ 14 / 10 / 1973

اَلْمَكَانُ: سَمَاءَ قَرْيَةٍ تَلِيَانِهِ مَرْكَزُ اَلْمَنْصُورَةِ شَهِدَتْ أَكْبَرَ مَعْرَكَةً جَوِّيَّةً فِي اَلْقَرْنِ اَلْمُنْقَضِي بَعْدَ اَلْحَرْبِ اَلْعَالَمِيَّةِ اَلثَّانِيَةِ حَسَبَ مَرَاكِزِ اَلدِّرَاسَاتِ وَالْمَعَاهِدِ اَلْعَسْكَرِيَّةِ/ اِسْتَمَرَّتْ فِي اَلْجَوِّ الاشتباكات 53 دَقِيقَةٌ، أَطْوَلُ مَعْرَكَةٍ جَوِّيَّةٍ اِشْتَرَكَ فِي اَلْمَعْرَكَةِ مِنْ اَلْجَانِبَيْنِ اَلْمِصْرِيِّ وَالْإِسْرَائِيلِيِّ، 188 طَائِرَةٌ مُقَاتِلَةٌ فَوْقَ قَاعِدَةِ اَلْمَنْصُورَةِ اَلْجَوِّيَّةِ اَلْمُتَاخِمَةِ لِقَرْيَتِنَا. حَاوَلَتْ اَلطَّائِرَاتُ اَلْإِسْرَائِيلِيَّةُ اَلْوُصُولَ إِلَى ضَرْبِ مُدَرَّجَاتِ وَحَظَائِرِ اَلطَّائِرَاتِ وَلَمْ تَتَمَكَّنْ مِنْ اَلْأَهْدَافِ فَحَاوَلَتْ تَطْوِيلَ اَلْمَعْرَكَةِ لِأَسْبَابِ تَعَلُّمِهَا بِسَبَبِ مُدَّةِ اَلطَّيَرَانِ اَلْمِصْرِيِّ مِنْ طَائِرَاتِ اَلْمِيجْ اَلْمِصْرِيَّةِ اَلَّتِي لَا تَتَجَاوَزُ 20 دَقِيقَةٍ فِي اَلْجَوِّ فَاسْتَطَاعَتْ اَلطَّائِرَاتُ اَلْمِصْرِيَّةُ بِالْهُبُوطِ فِي أَقْرَبِ اَلْمَطَارَاتِ وَالتَّزْوِيدِ بِالْوَقُودِ وَالْعَوْدَةِ إِلَى اَلْمَعْرَكَةِ فَحَاوَلَتْ اَلطَّائِرَاتُ اَلْإِسْرَائِيلِيَّةُ بِإِنْزَالِ اَلْعُبُوَّاتِ مِنْ اَلْقَنَابِلِ وَالْقَاذِفَاتِ وَالْعُبُوَّاتِ اَلْفَارِغَةِ مِنْ اَلْوَقُودِ اَلِاحْتِيَاطِيِّ فِي أَقْرَبَ أَرْض زِرَاعِيَّةٍ بِجِوَارَ اَلْقَرْيَةِ “حَوْضَ اَلزِّرَاعِيِّ اَلطَّوِيلِ” اَلْمُجَاوِرِ لِلْقَرْيَةِ وَاسْتُشْهِدَ جَارُنَا اَلشَّهِيدُ / أَحْمَدْ اَلْبَسْيُونِي مِنْ جَرَّاءِ سُقُوطِ اَلْقَاذِفَاتِ فِي اَلْحَوْضِ اَلزِّرَاعِيِّ لِمُحَاوَلَةِ دُخُولٍ إِلَى اَلْمَمَرَّاتِ وَكَانَتْ اَلنَّتِيجَةُ سُقُوطَ اَلطَّائِرَاتِ اَلْإِسْرَائِيلِيَّةِ وَاحْتِرَاقِهَا فَوْقَ سَمَاءِ اَلْقَرْيَةِ وَسُقُوطِهَا فِي حُقُولِ اَلْقَرْيَةِ وَالْقُرَى اَلْمُجَاوِرَةِ وَكَانَتْ اَلْقَرْيَةُ بَسِيطَةً فِي شَكْلِهَا اَلْمِعْمَارِيِّ فَمُعْظَمَ اَلْمَنَازِلِ مِنْ اَلطُّوبِ اَللَّبِنِ مِنْ اَلطِّينِ. وَمِنْ طَابَقٍ وَاحِدٍ.

وَلَا يُوجَدُ بِهَا كَهْرَبَاءُ وَكَانَتْ اَلْقَرْيَةُ هُنَاكَ نِظَامًا لِلزِّرَاعَةِ مِنْ نِظَامِ اَلدَّوْرَةِ اَلزِّرَاعِيَّةِ اَلثُّلَاثِيَّةِ. وَكَانَتْ قَرْيَتُنَا مُعْظَمُهَا مِنْ مُنْتَفِعِي اَلْإِصْلَاحِ اَلزِّرَاعِيِّ. وَكَانَتْ اَلْمِهَنُ تَنْحَصِرُ بَيْنَ اَلزِّرَاعَةِ وَصِنَاعَةِ اَلْحَصْرِ – كَانَ شَهْرُ أُكْتُوبَرَ هُوَ شَهْرُ حَصَادِ اَلْمَحْصُولِ. اَلْأُرْزُ وَالْقُطْنُ وَالذُّرَةُ؛ فَمُعْظَمِ أَهْلِ اَلْقَرْيَةِ فِي اَلْحُقُولِ. وَمَعَ بِدَايَةِ اَلْمَوْسِمِ وَالْعَامِ اَلدِّرَاسِيِّ بِدَايَةِ فَتْحِ اَلْمَدَارِسَ وَالْجَامِعَاتِ كَانَتْ قَرْيَتُنَا يُوجَدُ بِهَا مَدْرَسَةٌ وَاحِدَةٌ اِبْتِدَائِيٍّ فَقَطْ. وَمَدْرَسَةُ إِعْدَادِيٍّ تَحْتَ اَلْإِنْشَاءِ وَكَانَتْ تَعْمَلُ بِنِظَامِ اَلْفَتْرَتَيْنِ، فَفِي عَامِ 1973 م.

كَانَ شَهْرُ رَمَضَانْ بَدَأَ مَعَ نِهَايَةِ شَهْرِ سِبْتَمْبِرَ وَبِدَايَةِ شَهْرِ أُكْتُوبَرَ مَعَ مَوْسِمِ اَلْحَصَادِ وَبِدَايَةِ اَلْعَامِ اَلدِّرَاسِيِّ. كُنَّا نَسْتَعِدُّ لِدُخُولِ اَلصَّفِّ اَلرَّابِعِ اَلِابْتِدَائِيِّ. وَكَانَ اَلزِّيُّ اَلْمَدْرَسِيُّ وَاحِدًا مَصْنُوعًا مِنْ قُمَاشِ اَلتِّيْلِ مِنْ اَللَّوْنِ اَلْأَصْفَرِ كَذَلِكَ اَلْحَقِيبَةَ مِنْ نَفْسِ اَلْقُمَاشِ. كُنَّا نَتَجَمَّعُ أَمَامُ سَاحَةِ اَلْمَسْجِدِ. قِبَلَ اَلْغُرُوبِ نَنْتَظِرُ صُعُودُ اَلْمُؤْذِنِ لِلصُّعُودِ عَلَى سَطْحِ اَلْمَسْجِدِ. لِيُعْلِن أَذَانَ اَلْمَغْرِبِ فَكَانَ يُدَاعِبُنَا كُلُّ دَقَائِقَ بِأَصَابِعِهِ بَاقِي 4 / أَوْ 5 دَقَائِقَ عَنْ أَذَانِ اَلْمَغْرِبِ فَنَصِيحُ أَمَامُ اَلْمَسْجِدِ بِاللَّهْجَةِ اَلْعَامِّيَّةِ ( عَمَّاتُهُ بَانَتْ ) ثُمَّ يُطِلُّ لَنَا فِي مَشْهَدٍ كُومِيدِيٍّ أَثْنَاءَ تَوْقِيتِ مَوْعِدِ اَلْأَذَانِ مَعَ نَوْبَاتِ صِيَاحٍ عَالِيَةٍ أَفْطَرَ يَاصَايمْ فِي اَلشَّوَارِعِ. وَفِي يَوْمِ 6 / 10 / 1973 وَأَثْنَاءُ تَجْمَعُنَا أَمَامَ اَلْمَسْجِدِ كَالْعَادَةِ بَعْد صَلَاةِ اَلْعَصْرِ حَتَّى أَذَانِ اَلْمَغْرِبِ، تَجَمَّعَ أَهَالِينَا حَوْلَ اَلْأُسْتَاذِ رِيَاضُ فَهِيمْ نَاظِرِ اَلْمَدْرَسَةِ وَالنَّاسِ تَصِيحُ اَللَّهَ أَكْبَرَ. لَا نَعْرِفُ مَاذَا يَدُورُ وَلَكِنْ نَسْمَعُ كَلِمَاتٌ فَقَطْ اَلْحَرْبُ قُوَّاتِنَا عَبَّرَتْ خَطَّ بَارلِيفْ اَلْجَبْهَةِ اَلشَّرْقِيَّةِ لِلْقَنَاةِ، كَلِمَاتٌ لَا نَعْيَ مَفْهُومِهَا. فَبَدَوْنَا نُرَدِّد عَبَّرْنَا اَلْقَنَاةُ دُونَ وَعْيٍ. فِي اَلْيَوْمِ اَلتَّالِي اَلسَّابِعِ مِنْ أُكْتُوبَرَ حَمَّلَتْ حَقِيبَتَيْ لِلذَّهَابِ لِلْمَدْرَسَةِ فِي اِعْتِقَادِي أَنَّ هُنَاكَ يَوْمًا دِرَاسِيًّا كَالْعَادَةِ وَلَيْسَ لَدَيَّ فِكْرَةٌ عَنْ صُدُورِ قَرَارِ بِإِغْلَاقِ اَلْمَدَارِسِ بِسَبَبِ إِعْلَانِ حَالَةِ اَلْحَرْبِ، وَوَصَلَتْ حَتَّى مَبْنَى دُوَارِ اَلْإِصْلَاحِ اَلزِّرَاعِيِّ وجْدَتِ تَلَامِيذْ يَلْعَبُونَ عَلَى أَكْيَاسِ اَلْقُطْنِ. وَقَالُوا اَلْمَدْرَسَةَ مُغْلَقَةٌ اِنْتَظَرْنَا لِلتَّأَكُّدِ مِنْ وُصُولِ مَوْعِدِ اَلْأُتُوبِيسِ أَوْ قِطَارِ اَلشَّرْقِ اَلْفَرَنْسَاوِيِّ لِوُصُولِ اَلْمُدَرِّسِينَ وَنَسْأَلُهُمْ وَبَعْدٌ دَقَائِقَ وَصَلَ مُدَرِّسٌ وَاحِدٌ فَقَطْ وَتَجْمَعنَا حَوَّلَهُ لِمَاذَا تَمَّ إِغْلَاقُ اَلْمَدْرَسَةِ وَفَتْحِ لَنَا جَرِيدَةُ اَلْأَهْرَامِ يَقْرَأُ اَلْعَنَاوِينَ وَلَمْ يَنْتَهِ مِنْ قَرَأَتْ اَلْعُنْوَانَ، وَقَدْ وَصَلْنَا إِلَى مَبْنَى نُقْطَةِ اَلشُّرْطَةِ اَلْمُتَاخِمَةِ لِسُورِ اَلْمَدْرَسَةِ. وَكَانَ مَشْهَدٌ لِأَوَّلِ مَرَّةِ اَلسَّمَاءِ كُلِّهَا عِبَارَةً عَنْ كُتْلَةٍ مِنْ اَلنِّيرَانِ أَصْوَاتَ طَلَقَاتِ اَلْمِدْفَعِيَّةِ تُغَطِّي سَمَاءَ اَلْقَرْيَةِ طَائِرَاتٍ عَلَى اِرْتِفَاعَاتٍ مُنْخَفِضَةٍ أَصْوَاتُ صَوَارِيخِ حَالَاتٍ مِنْ اَلْهَرْجِ وَالْعَوِيلِ وَالصُّرَاخِ فِي حُقُولِ اَلْقُطْنِ اَلْمُجَاوِرَةِ لَنَا فِي حَوْضِ اَلسَّطْحِ. رَجَعْنَا بِسُرْعَةِ نَخْتَبِئُ بَيْنُ اَلْأَشْجَارِ أَمَامَ مَبْنَى اَلدَّوَّارِ نَصَحُونَا بِالْهُرُوبِ نَاحِيَةِ كُوبْرِي اَلْمَحَطَّةِ. فِي مَشْهَدٍ لَمْ وَلَنْ يَحْدُثَ وَقْفُ اَلْأَهَالِي عَلَى كُوبْرِي اَلْمَحَطَّةِ وَصَعِدَ اَلْمَرْحُومُ / مُحَمَّدْ عَبْدِ اَلْحَلِيمْ وَشَهْبُورْ. وَكَأَنَّهُمْ يُعَلِّقُونَ عَلَى مُبَارَاةٍ لِكُرَةِ اَلْقَدَمِ أَثْنَاءَ اَلْإشْتِبْكَاتْ اَلْجَوِّيَّةَ بَيْنَ اَلطَّيَرَانِ اَلْمِصْرِيِّ وَالْإِسْرَائِيلِيِّ. اِنْتَهَتْ اَلْغَارَةُ وَرَجَعَنَا إِلَى حَارَتِنَا اَلْأَهَالِيَ فَوْقَ اَلْأَسْطُحِ تَضَعُ اَلْمِيَاهُ خَوْفًا مِنْ سُقُوطِ شَظَايَا فَوْقَ اَلْأَسْطُحِ وَتَجْمَعُنَا حَوْلَ اَلرَّادْيُو نَسْتَمِعُ إِلَى اَلْبَيَانِ اَلصَّادِرِ مِنْ اَلْقِيَادَةِ اَلْعَسْكَرِيَّةِ بِسُقُوطِ 7 طَائِرَاتٍ إِسْرَائِيلِيَّةٍ فَهَتَفَ اَلْأَهْلُ اَللَّهُ وَأَكْبَرُ وَبُعْدُ حَواْلِي أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ ذَهَبَتْ مَعَ أَخِي اَلْأَكْبَرِ إِلَى اَلْحَقْلِ وَفِي حَوَالَيْ اَلسَّاعَةِ اَلْعَاشِرَةِ سَمِعْنَا سِفَارَاتُ اَلْإِنْذَارِ وَسِرْبِ مِنْ اَلطَّائِرَاتِ عَلَى اِرْتِفَاعٍ مُنْخَفِضٍ وَبَدَأَتْ اَلِاشْتِبَاكَاتُ اَلْعَنِيفَةُ حَتَّى وَصَلْنَا كُوبْرِي اَلشَّامِيِّ نُجْرِي مِنْ جَرَّاءِ اَلْقَصْفِ وَالْغَارَةِ اَلْجَوِّيَّةِ وَكَانَتْ هِيَ اَلْمَرَّةُ اَلثَّانِيَةُ عَلَى مَطَارِ اَلْمَنْصُورَةِ. وَتَحْتَفِلَ كُلُّ عَامِ اَلْقُوَّاتِ اَلْجَوِّيَّةِ اَلْمِصْرِيَّةِ بِعِيدِهَا لِانْتِصَارِهَا فِي مَعْرَكَةٍ 14 مِنْ أُكْتُوبَرَ فِي مَعْرَكَتِهَا اَلَّتِي دَارَتْ فَوْقَ قَاعِدَةِ اَلْمَنْصُورَةِ اَلْجَوِّيَّةِ فَتْحِيَّة لِيَوْمِ شُهَدَاءِ قَرْيَتِنَا يَوْمَ اَلْعِزَّةِ وَالتَّضْحِيَةِ وَتَحِيَّةِ لِيَوْمِ عِيدِ اَلْقُوَّاتِ اَلْجَوِّيَّةِ يَوْمَ عِيدِهِمْ اَلْ 49 لِحَرْبِ أُكْتُوبَرَ… ! “

…………………………….

*كَاتِبٌ مِصْرِيٌّ وَبَاحِثٌ فِي اَلْجُغْرَافْيَا اَلسِّيَاسِيَّةِ

مقالات من نفس القسم