عبد الرحيم التدلاوي
صيرورة
كنت، كلما مرت فتاة، حلقت إليها بأجنحة الرغبة… أعود خائبا بعد أن أجد قلبها مقفلا، بانتظار تحليق جديد..
اليوم، يمررن من أمامي كحوريات، فأتابعهن بعيون جاحظة، وأكتفي بدس وجهي في منديل أخضبه بسعالي الدامي.
تقف أمامي عجوز، تنظر إلي مليا، وفي قلبها غصة، وتقول للشرطي الذي يصاحبها: هذا زوجي الذي يضيع مني كل مرة، أعني على إعادته إلى المنزل..
تسيل روحي من الدهشة.
تخاطر
ياه، كم هورائع هذا العالم، بقوانينه الخاصة والغامضة!
فرسالتك التي وصلتني اليوم بالبريد المضمون وقرأتها دفعة واحدة، وكدت أقع أرضا من الضحك لأنها تعبر عن رغبتك في انفصالنا، بسبب كون حياتنا الجميلة قد صارت لا تطاق برتابتها اللذيذة..
هي رسالتي نفسها التي بعثت لك بها بالبريد المضمون؛ والأكيد أنها وصلتك اليوم أيضا. كل ما أرجوه ألا تقعي أرضا من كثرة الدموع…
صبابة
ولما أنهى الضيف وضوءه، وحمد الله وشكره، توجه إلى مضيفيه يسأله عن القبلة، يريد صلاة..
نظر إليه المضيف ضاحكا، ثم وجهه إلى حيث صورة زوجته.
نظر إليه المضيف ضاحكا، ثم وجهه إلى حيث صورة زوجته.
شهرة
شاهد الطفل المبلل بنار الفقر يسرق تفاحات لوحته،
كل ما قام به،
أنه عاد إليها وعدلها بيد طفل تختلس تفاحات،
وتختبئ بزاوية توقيعه…
أنهما
تنهمر أمطار كموسيقى تسقي الروح فتزهر حقول النفس، وتتراقص نجوم وتتراشق مرحة بضوئها البهيج.
أتابع من شرفة روحي سمفونية الوجود تتسرب إلى أعماقي تسكب فيها نشيد الصبابة، وتنزع من القلوب أتراحها، وغلها، وتقول بلسان بليغ: ادخلوا جنتي، فأرى فرحا غامرا يعم الناس، يكسر سلاسل بؤسهم، ويحطم بمطرقة النور جدار وحدتهم، ها الأعراس أقيمها على شرف الملائكة الضاحكة بفعل خمرة الروح، تباركني وأباركها، وتحملني إلى سابع حب لأبصر أنغاما تطرق نفسي بأبهى لحن، وأمسي مبتهجا بما أحمله من أنغام تخفف بؤس الريح التي تخطط بخبث شيطاني لاغتصاب الفرح واجتثاث البهجة من نفوس تذوقت حلاوة اللحظة ولزرع بؤس كالح في نفوس بالكاد ابتسمت للحياة وبرمت من التوابيت المنصوبة كفخاخ، فقفزت عليها بخفة شاعر ماكر.
المباح والمتاح
ينظر إليها، ويمعن النظر، فالأولى له فليمدد عمرها حتى الثمالة، تعبره بابتسامتها الناعمة، المسبلة والمبللة بالسنا، وتترك في قلبه عطرا، فتنة، وغصة يداريها بالصلاة على الجمال.. يتدارك الأمر، فيصلح النداء، ثم يقول:
من لي بأنثى تخرجني عن طوري، وحين الالتحام أرى نور قادما من السماء يباركني..
تفتح له باب الشوق فينصعق؟
بين فكين
من فوق الشجرة كان يتابع الغزال وهو يبذل مجهودا كبيرا بل خرافيا للتخلص من فكي التمساح؛ فقد راودت البحيرة عطشه بمائها الرقراق، فسارع للاستجابة.. وما خطر بباله أن الضاية فم مفترس. تمكن من النجاح بعد صراع استنزف طاقته. خرج فرحا ليجد الغابة فاتحة فمها الشره.
ابتهاج
اشتريت حلوى في هيئة ممثلتي الفاتنة؛ وصرت ألتهمها قطعة قطعة. ثم اغمضت عيني وحلقت بعيدا مستمتعا باللذة الشاهقة. شعرت بلسعة على خدي فنهضت كالمصعوق. رايتها امامي ضاحكة. أمسكت بيدي وقالت لي: اتبعني.. سرت خلفها كالمسرنم إلى آخر الحلم.
كابوس مخاتل
ينهض من سريره متعرقا على صراخ قوي والليل مازال في عز سلطانه، يطل من نافذته العرجاء ليجد الصمت مطبقا، لم يكن الصوت قادما سوى من أعماقه.