“عن الذي شال النبع ليصطاد” قراءة في ديوان مؤمن سمير ..(حَيِّزٌ للإثم)
عبدالرحمن تمام
"حَيِّزٌ للإثم" ..هو الديوان الجديد الصادر عن مؤسسة "بتانة" الثقافية 2017م للشاعر المصريّ / مؤمن سمير ويعد الكتاب الثامن عشر لشاعرنا بعد عدة مجموعات شعرية سابقة.
يضم ديوان " حَيِّزٌ للإثم" أربعة وثلاثين قصيدة في 142 صفحة وإن كنا نغض الطرف أحياناً عن تناول العتبات الأساسية للدواوين الشعرية إلا أن هذا الديوان يجبرنا على الوقوف أمام عتباته فالمقطع الشعري الموجود على سبيل التصدير والمجتزء من قصيدة بعنوان "أعشق القاتل" للشاعرة الأمريكية "آن ساكستون" وهي قصيدة جريئة في بنائها وتشكيلها تماماً كباقي نصوص ديوانها الشهير (قصائد حب) والذي ترجمه الأستاذ/محمد عيد إبراهيم عام 1998م ؛هذا المقطع يحمل شعرية مغايرة وعنفاً رائقاً فهو يقول (...والليلة جلودنا ، عظامنا , والتي ظلت تعيش بعد وفاة آبائنا سوف تتجمَّع , رقيقةً في الحاوية , مربوطةً معاً في مِسْكةٍ معقودة . بعدها أحدنا سوف يصرخ "حاجتي أكثر يأساً " ولسوف ألتهمك ببطءٍ مع القبلات رغم أن القاتل الذي فيك قد فرَّ) هذه امرأة تحررت من النور السميك في ظل غياب الأب/الإله وصارت أخف في (الظلمة الثرثارة) وتهجَّتْ مع رجلٍ فر منه القاتل الذي أحبته الحريقَ .
يقول "مؤمن سمير" كذلك في صــ38 (للحق لستُ سعيداً ..لهذا سوف أخلق من ضلعي الأيسر جنةً أغادرها قبل أن يصحو أبانا ...حوافرها كأنها أجنحةُ وأحُطُّ لها قلباً يُنقٍّط بحراً وصحاري كلما أُحلٍّق ،وألحس في ذكراها حضنها الشفيف) سنرى بانتهاء القراءة منَ كانت تلك المرأة الساحرة ، الشريرة والقاتلة التي توجهت إليها الذات الشاعرة بكل مافيها ونادتها في صــ12 (حاولي ،أن تُسقطي عيونك قرب مرآتي فينقطع اللهاث ويشير للقتل ...ببساطةٍ ...حاولي، وأنا مُكبَّلٌ بشبحين والنمل والخوف يرعيان في ساقي الهاربة وسُرَّتي التي لا تذكرني قهراً .... مكبَّلٌ وأنتظركِ ...، كأننا الدخان) ، سنرى في النهاية امرأة ليست كالنساء , غير عادية وقادرة على كل شيء فــ (حضنها استنارة) و(طينها بحر من الروائح) وها هي الذات الشاعرة لا تني تفتح لها _أي للمرأة المنشودة_ ذراعين قادرتين على (تقشير القتل وحفظه في الجيوب) وتهمس (رتَّبت أعضائي : الميت أولاً ثم المرتعش وأخيراً تلك الظلال التي قشَّرتها البلاطات في انتظاركِ) وتصرخ لما لم يأت منها رداً :(أركض ..أركض ..نحو انتظاركِ) فمتى (يمتزج الماءان)؟!
عتبة أخرى لا بد من الوقوف أمامها وهي (التحيات) أو النص الكامل الذي جاء في مقدمة الديوان وكأنه (إهداء) (للطيبة التي سرقها من الأب) وفاتحة لدخول قدس أقداسها...(التحياتُ لكِ ،يا من لم تَهِلّ لحد اللحظة وانتظرتكِ بعد أن أيقنتُ أنه من الضروري لظلي أن تدوسي عليه وسمعتُ قرب الفجر أنين عظمي فاقترفتُكِ ... التحياتُ والبركات والأشواق للقتل البليغ النائم تحت أظافركِ ،القائم والقاعد عند أنقاض المحبةِ ...سلامٌ للقوة في ألا أسمِّيكِ وضعفي الذي أراني ما لم أذقه في سجني المتواري جنب النقوش.. الطريق لكِ يا حبيبةً ومرعبةً يوم تصطخب الشياطين ...عسكرتُ تحت الغمامة وأيقظتني العناكب الصافية في صبَّارتنا ..التحياتُ لكِ وليس سواكِ أحلى من الجحيم)
يدفعنا المقطع السابق دفعاً لإماطة اللثام عن المرأة السالف ذكرها ، المرأة التي تشمّ الكلام وتبتسم للحيّات وكلما فتحت ساقيها أطلَّ الطوفان .. فبسببها هي وحدها قالت الذات الشاعرة (لم أحب واحدة بعينها ولا طريقاً ولا سماءً وزيارتي للبوم لا تتعدى حدَّ العتمة المُجلَّلة بالشُهُبِ)
ترى في أرض تقبع؟ وما سر غوايتها ؟ ولم قالت في البداية والنهاية قولة المسيح على الصليب "إيلي ..إيلي لمَ شبقتني" ؟!
ينبغي أن نشير أولاً قبل الشروع في إلقاء حجر ثقيل في ماء النص الراكد إلى أن الهرمنيوطيقا ذاتها وثيقة الصلة بالإله "هرمس" فهما يشتركان في جذر لغوي واحد ἑρμηνεύω ومعناه باليونانية "يفسّر" وبالتالي فطبيعتهما واحدة فالأساطير تقول عن الإله "هرمس" إنه كان يمتلك خوذة سحرية وخُفّين غريبين ساعداه في قطع مسافات طويلة جداً في غمضة عين بالإضافة إلى عصاه المشهورة و"هرمس" رسول الآلهة المعروف وحامل كلماتهم وهو أيضاً إله المفارق بلا منازع فهو يقود الأرواح من العالم العلوي للعالم السفلي ورب الأحلام كذلك فعرشه منصوب بين النوم والصحو وهذه بالضبط طبيعة التأويل فنحن نقف في منطقة وسطى بين الشك واليقين ، نقف في مطهر مستعر يربض عن شماله جحيمٌ وعن يمينه فردوس ظليل ...إذن هل يجوز لنا اعتبار الخوذة السحرية بمثابة "الفهم المسبق" أو "التوقع المعين" الذي أشار إليه "غادامر" في كتابه (الحقيقة والمنهج) فعلى المؤول ساعتها (أن يفحص على نحو صريح منشأ المعنى المسبق الذي بداخله ومدى صحة هذا المعنى)(1)
هل يجوز لنا أيضاً اعتبار (الخفين) أرضيةً مشتركة بين المبدع والقارئ أياً ما كان مسماهو(العصا) هي السياق أو الرصيد الحضاري للقول .. والسياق كما عرّفه "رومان جاكوبسون" هو (الطاقة المرجعية التي يجري القول من فوقها فتمثل خلفية للرسالة تمكن المتلقي من تفسير المقولة وفهمها )(2)
ربما يجوز لنا هذا الأمر وقد نصيب تارةً و نخطئ تارة أخرى لكن يكفينا أننا أصخنا السمع للرسالة وألممنا بأجزائها فأن تؤول نصاً _على حد قول "هيدجر"_ معناه :
أن تستمع أولاً.
لننصت جيداً إلى ما قالته الذات الشاعرة في قصيدة (إشارات صعود الساحرة) صــ13 (سأصادق الحيَّات والجيف ..أنا الساحرة الكافرة الشريرة ،حسدتُ ابنة عمي قديماً لأنها تنعس أسرع من ظلها ولا تحلم إلا بالقبلات .الكوابيس المليئة بالإبر والخرائب تخطئ فراشها كل ليلة وتفوت عليَّ ، لم ألاعب طيف حبيبها ولا فكَّر لساني ،فقط مسَّه لهاثي فــ طار)
هذي النبرة قريبة جداً من نبرة صوت عرفته الأساطير الأكادية والعبرانية فيما بعد أجل .. هو صوت "ليليث" الذي انبعث قدامنا من جديد فالأساطير الكلدانية كما هو معروف لدارسي الميثيولوجيا أوكلتْ لامرأة تسمى "ليليث" أو "ليليت" مهمة حراسة الأطفال في المهود والغناء لهم حتى ينعسوا وقد كان هذا العمل الرائع لها في العهد الأمومي القديم لكن مع بدايات العصر الأبوي المتسلط تحوّلت مهمة "ليليث" على النقيض فبعد أن كانت حارسة أبنائهم صارت الخنّاقة والقاتلة الملعونة فــ (أغنية المهد الليليثية هي أغنية أنثوية ،رقيقة ،ناعمة ،لا تصنع من الأطفال رجالاً ...لم يعد لها مكان أبداً في هذا المجتمع المحارب ...وزعموا أنها تقتل الأطفال بطريقة بسيطة وهي شعرها الفاحم الطويل ...لقد أخلتْ المكان لأنشودة جديدة هي أنشودة الحرب)(3)
_وأين ذهبت "ليليث" بعد ذلك ؟
يقال إنها هربت لضفاف نهر "الفرات" وصارت تكمن خلف الأشجار والنخيل وتربي الأفاعي هناك ففي ملحمة "جلجامش" منعت "ليليث" الإلهة "إينانا" من أن تقتطع الأشجار وتبني بجذوعها سريراً وثيراً لها حتى استعانت الأخيرة بجلجامش عليها ومن ثم هربت الأولى من ضربات سيفه الباترة إلى الخرائب والأماكن الموحشة ليصح ما قاله إشعيا في سفره 34/13_15 (ويطلع في قصورها الشوك. القريص والعوسج في حصونها فتكون مسكنا للذئاب وداراً لبنات النعام وتلاقي وحوش القفر بنات آوى ... هناك تحجر النكَّازة /الأفعى الخبيثة وتبيض وتفرخ وتربي تحت ظلها)
هل تتطابق رؤيتنا وزعمنا أن تلك المرأة ،الساحرة ،الشريرة هي ليليث مع ما قالته الذات الشاعرة على لسانها في نفس النص؟
لاحظ معي (الأطفال الذين يبيتون في جَرَّةِ غنائي السمينة يصيبهم داءٌ غامض أو تلتوي نظراتهم كذلك نخلتنا) (بين يدي الشرير ملأتُ بلدتنا بالجرذان وابن عرسٍ)
هذه "ليليث" في بلاد الرافدين القديمة فماذا عن "ليليث" العبرانية؟
يقول سفر التكوين 1/27_28 (فخلق الله الإنسان على صورته ...ذكراً وأنثى خلقهم وباركهم الله وقال لهم :أثمروا واكثروا واملأوا الأرض ...) ويقول التكوين أيضاً
مناقضاً هذا الإصحاح في 2/21_23 (فأوقع الرب الإله سباتاً على آدم فنام فأخذ واحدةً من أضلاعه وملأ مكانها لحماً وبنى الرب الإله الضلع الذي أخذها من آدم امرأةً وأحضرها إلى آدم فقال آدم :هذه الآن تدعى امرأةً لأنها من امرءٍ أُخِذَت)
وحلاً لتضارب الروايتين اعتبر العبرانيون في شروحاتهم التلمودية وتعليقاتهم على الكتاب المقدس أن "ليليث" كانت الزوجة الأولى لأبينا آدم ولما عصت الرب وأوامره طُردت من الجنة قبل أن يُطرَد آدم وحواء وتلقفها الشيطان لتحيا معه عيشة المغضوب عليهم من قبل الإله العلوي المُفارِق..ألم يوح التكوين بذلك في 3/1 (وكانت الحيَّة أحيل جميع حيوانات البرية ..) ألا نجد في تلك الآية الفائتة إشارة ضمنية للمنبوذة "ليليث" وتمـردها والتي ارتبطت في كل مكان ذهبت إليه بالأفاعي؟!
تؤكد الذات الشاعرة رؤيتنا بما لا يدع مجالاً للشك قائلةً على لسان "ليليث" ..(رغم أنني أكره الشيطان من كل قلبي ،بقرونه النارية والذيل المجدول ..أظافره القذرة ...اختارني دون بنات القرية بلا استئذان ليبني بحوره وسماءه ويمهد طرقاً يزينها كل صباح بالدم إلا أنني أضبط نفسي أرفُّ مرتعشةً وأنا أقدِّره ،هو الوحيد الذي أحبني حتى النهاية)وختاماً لنقطتنا هذي نوضح أن كل امرأة تلمّستها الذات الشاعرة في الديوان كانت للبحث فقط عن صورة "ليليث" ،عن النموذج الأمثل للعنف والشبق والتمرد والحياة فهي تقول _الذات الشاعرة أقصد_ساخرةً ضمنياً من امرأة عادية في قصيدة (يا الله على الصفاء الملوث بالظهيرة) صـ20 :(من أروع ما يكون مراقبتها وهي تصدق أنها المرجوة في الرؤيا ...تفرح وتقول أنا التي في بَرِّيتك وأنا شعبك المحزون لكنك تُنْكِر لأنك مسحور لما خدعتك العاصفة المقعية جوارك للآن) وتقول في صــ110 :(أشوي الذكريات وأُنضجها قبل أن أُقبِّل عَدْوَ سيدة تكتنز الجحيم لتشقَّ الجداول والهجرات في لحمي وتلوِّن للعابر كابوسي الصديق).
في ورقة بحثية ألقيت بمؤتمر قصيدة النثر المصرية عام 2016م تحت عنوان (قضية المعنى في قصيدة النثر) أشرنا إلى نصوص "مؤمن سمير" وحاولنا قدر الإمكان آنذاك خمشها ومساءلتها ضمن إطار بحثنا إذ كنا نراها ولم نزل تمثل الغموض الشفيف المُحبَّب في قصيدة النثر وإيماناً بأهمية الموضوع نعاود طرحه مرة أخرى بإيجاز شديد.
يقول "مؤمن سمير" في قصيدة "سدٌ مثقوب" صــ120 (الآن أغيبُ بحثاً عن النار كي يصنع مني الحريق صلصالاً ،الأمطار تتسرب فيه .وقبل أن أنكمش أعوم في الصمغ لتنسدَّ المداخل ..فلتطمئني ،سوف أمسح من ذاكرتنا كيف طفا الزجاج بعد أن انطبعت عليه المقبرة التي بنينا عليها بما يحاكي المجداف ..وكيف مات أبي مختنقاً بعرق الذكرى وكيف امتنعتُ عن لمس الورق أو ملاغاة القماش حتى طرتُ من فوق السطح نقياً ...أتعرَّق كثيراً كلما تأخرت عليَّ الحياة)
هذا المقطع السابق يبين مظاهر عديدة للغموض منها على سبيل المثال غياب الموضوع أو غياب الفكرة الرئيسة للنص وهي إحدى سمات قصيدة النثر الحداثوية "فالشعر والموضوع _أيا كان روعته _نقيضان فالشعر لا موضوع له وإنما هو تجربة ورؤيا تتجاوز الواقع"(4)
إن شاعر العصر الحديث لم يلجأ إلى الغموض من أجل الإبهام وقطع الصلة بين النص والقارئ وإنما لجأ إليه لأنه لا يملك رداً نفسياً غير ذلك إزاء عبثية العالم وضبابيته . لذا تراه يثوّر اللغة ويتعمّد زرع الألغام في حقولها من آن لآخر لتناسب عوالمه الداخلية ،الصاخبة. فهو إذ ينقل الواقع إلى خياله قبل البدء في إقامة جسر بين الكلمات والأشياء تجده يهدم ذات الجسر في النهاية راضياً وحينها يقف على تخوم عالم جديد أكثر رحابة من الواقعي ،الدميم، الماثل أمامه .
"حَيِّزٌ للإثم" ديوانٌ يتقن استخدام تقنية التكثيف بالمفهوم "اللاكاني" _نسبة إلى جاك لاكان_ فهو يستخدم التكثيف كعملية استعارية تهدف إلى ربط متنافرات الأشياء في وحدة واحدة ففي المقطع الفائت الذي أوردناه قبل قليل لاحظنا كيف قبض الشاعر في مشهد بسيط على الحياة والموت وما بينهما بألفاظ دالة جداً( شاعر يغيب بحثاً عن النار_ الصلصال والورق باعتبارهما مادة للخلق _امرأة مُخاطَبة_ الأب_الذاكرة_المقبرة_الحياة_المجداف ...الخ) وبلغةٍ تخرق قانون اللغة العادية أو (المعيارية) وتتسم بانحرافها الشديد وخرقها للمألوف وهي سمة أعدها "موكاروفسكي" يوماً ضماناً للشعرية العليا.
إذن ..غير مُجدٍ البحث عن معنىً أو حقيقة وحيدة في هذا الديوان فـكما قال "نيتشة" ..(ليست هناك حقائق هناك فقط تأويلات) و"ابن رشيق" من قبله ..(لكل كلام وجهٌ وتأويل) وعلى القارئ أن يقطع نفس الشوط الإبداعي الذي قطعه المؤلف في إبداع الصورة فالقارئ (لا يرى فقط العناصر الممثلة في العمل المنتهي وإنما هو يرقب العملية الدينامية لنشأة هذه الصور وعليه أن يجمعها ثانية معانياً تماماً كما عانى المؤلف في تجميعها)(5)
وعودٌ على ما بدأنا به قراءتنا يقول "مؤمن سمير" في نهاية الديوان صــ135 مخاطباً الرب الإله للمرة الأخيرة تحت أعيننا ( سأبعثُ بالحنطة في كل موسم وأقص أهداب رعشتي وأزيّن رطلي اللحم_أفضل أجزاءَ مني_ وأحطهم أعلى التل وأُعطي ظهري وأهرول مغمضاً من البريق ..سأمشي لك فوق الماء وأخلع ساقيَّ وألاعب الحملان وأُحلِّق قرب العاصفة وأخرقها فيبصر الطريق أولادك العميان...سأفعل أكثر من هذا ولا أريد منك إلا نبضها ؛نبضها البليغ).
"مؤمن سمير" بالفعل أحد الشعراء القلائل الذين يعرفون جيداً أبعاد الرمز وميتاه وكيفية زحزحته ليُخلَق بين أيديهم من جديد . نصوصه تتسم بفرادة التناول وطزاجة الرؤيا وتمتاز الشعرية لديه بالفوضى الواعية هاربةً دوماً من النمذجة والأطر المستهلكة والمكرور ،شعرية تحل في الوجود منغمسةً فيه لتنبعث منه ،شعرية تحفل بالممكن والهدم لا اليقين والبناء ،شعرية لا تقول إلا لتمحو .. وربما يدرك صاحبنا أن مهمة الشاعر الآن تتلاقى في أحد وجوهها مع ما فعله "برومثيوس" الطيب ،هذا الذي حمل النار للبشر سارقاً إياها من جبال الأولمب فهنأت الأرض ردحاً من الزمان .."مؤمن" أيضاً يحمل النار ويسرقها لكن من الأرض هذه المرة ويصعد إلى الأعالي ليحرق بها مجامع الآلهة ويرد الدَّيْن القديم للسماء!
فالتحيات لك يا "مؤمن" وسلامٌ عليك يوم انتظرت أن يرتج لساقيها بركان،السلام عليك لما قلت للتي لثمت الدم من ريق الغَفلانِ :"سيبي رائحةً أنادي بها ..ولاتنسي أنني الظلُّ المكسور الذي خبأته ساعة الطوفان" ...التحيات لك أيها الحطَّاب البصير وسلامٌ عليك يوم وشتْ بك شموسٌ خُضر عند منحدر الغابة بينما كنت تشيل النبع لتصطاد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شاعر وناقد مصري
(1)عادل مصطفى ،(فهم الفهم ..مدخل إلى الهرمنيوطيقا _نظرية التأويل من أفلاطون إلى جادامر_) مطبوعات دار رؤية للنشر والتوزيع ط1 2007م.
(2) عبدالله الغذامي ،(الخطيئة والتكفير)،منشورات المركز الثقافي العربي ط6 2006م.
(3) حنا عبود ، (النظرية الأدبية الحديثة والنقد الأسطوري) ،منشورات اتحاد الكتاب العرب 1999م.
(4) رأي منسوب للدكتور"غالي شكري" نقلاً عن عبد الرحمن محمد القعود ،(الإبهام في شعر الحداثة ..العوامل والمظاهر وآليات التأويل) منشورات عالم المعرفة ،العدد 279 ط1 2002م.
(5) بتصرف نقلاً عن آرثر أيزابرجر ،(النقد الثقافي ..تمهيد مبدئي للمفاهيم الرئيسية) بترجمة وفاء إبراهيم ورمضان بسطاويسي ،مطبوعات المجلس الأعلى للثقافة _مصر_ العدد 603 ط1 2003م.
* نُشرت هذه الدراسة في موقع " بتانة نيوز" الإلكتروني يوم 24 مايو 2017 *