ظلت العبارة تتردد في ذهني بصدي عجيب.. ثم تحولت إلي أغنية تشدو بها الشياطين حتي أن الشياطين خرجت من مخيلتي- التي أعرف أنها مريضة- إلي الحجرة. تشدو الشياطين بفظاظة وقد هالني مدي سوقية الجملة وابتذال التشبيه. هل من قالها لي كاتب حقا أم هي مجرد واحدة من ضلالاتي؟
لم يفلح البخور في طرد الشياطين لذلك تركتها تغني وتنخسني بمخالبها وفتحت النافذة.. ظلام دامس يشقه قوس من ضياء هلال ضعيف، ضعيف لأنه صغير ولا يوجد جواره من يعني به لذلك فهو آخذ في الإضمحلال. أشفقت عليه لأنه يضمحل مثلي.. ربما فعل هذا علي سبيل المجاملة فهو يعود متألقا مرة أخري بينما أنا أذوي فحسب.
تلوثت ملابسي بالدماء بعدما خدشتني الشياطين.. لكنني لم آبه لأنه روتين يومي ممل ولن ينتهي إلا في الصباح عندما يستيقظ أحدهم ويفرغ تلك الحقنة المريبة في فخذي فأغيب عن الوعي فلا أفيق إلا عندما يخيم الظلام مرة أخري. ومرة أخري أفتح النافذة وأرمق الأشجار الميتة ذاتها والهلال الذي يضمحل ثم..
ذلك الصوت العذب؟ كأنه ناداني باسمي!
لم ينادني أحد باسمي منذ سنوات!! يسمونني الحالة
سأتبع الصوت.. كم هو عذب؟
تسللت من النافذة.. عيناي تبصران جيدا في الظلام لأنني عشت معظم حياتي كليل طويل متواصل بلانهار! أحببت صوت تهشم العشب الجاف تحت قدمي الحافيتين.. الأشواك تجرحهما أيضا لكنها ليست أسوأ من خدوش الشياطين! رائحتي ضيعها النسيم الخفيف، وأخفي الظلام دمامتي..هاها ظنوا أنني لا أستطيع الحركة.
مصدر الصوت وجهتي التي لا أعرف مكانها!! لكن الصوت يعلو.. يا الله.. ما أجمله؟ أتعثر، ينبح كلب بقوة ليطردني لكنني لن أتراجع عن هدفي أبداً. هجم الكلب وهو يمزق حنجرتي علا الصوت وهدهد روحي برقة فلم أشعر بالألم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللوحة للفنان: عمر جهان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خاص الكتابة