شكسبير أم أخطاؤه؟ (1)

فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

ممدوح رزق

يكتب أحد المحررين وهو abdnormal في مقاله بالمجلة التقنية عن موقع جودريدز: (لا أحد فوق الانتقاد، يمكنك الدخول إلى صفحة شكسبير على الموقع وقل رأيك فيه وفي رائعته “روميو وجولييت” بصراحة، وبأنك تعتقد أنه اقتبس أو سرق بشكل كبير أجزاء من قصة حياتك وسيحترم رأيك الجميع - لست متأكدًا-، في الواقع يمكنك إبداء رأيك في عمالقة الأدب والكتّاب الكبار، ليس بالضرورة أن يعجبك الكتاب الأعلى مبيعًا، ولك الحرية بأن تصفه بأنه يصلح فقط كمناديل ورقيّة).

ممدوح رزق

يكتب أحد المحررين وهو abdnormal في مقاله بالمجلة التقنية عن موقع جودريدز: (لا أحد فوق الانتقاد، يمكنك الدخول إلى صفحة شكسبير على الموقع وقل رأيك فيه وفي رائعته “روميو وجولييت” بصراحة، وبأنك تعتقد أنه اقتبس أو سرق بشكل كبير أجزاء من قصة حياتك وسيحترم رأيك الجميع – لست متأكدًا-، في الواقع يمكنك إبداء رأيك في عمالقة الأدب والكتّاب الكبار، ليس بالضرورة أن يعجبك الكتاب الأعلى مبيعًا، ولك الحرية بأن تصفه بأنه يصلح فقط كمناديل ورقيّة).

يبدو حديث المدوّن الجزائري مألوفًا تمامًا بالنسبة لي، بما في ذلك المزحة السخيفة التي يتضمنها عن شكسبير .. مألوفًا لدرجة أنه يختزل بالفعل الفكرة الأساسية التي يقوم عليها موقع جودريدز، والذي لا يحتاج بالضرورة لأكثر من هذه الكلمات المختصرة لترويج دعاية مضمونة .. ما كتبه هذا المحرر ليس أقل من هوية شبقية يحصل عليها كل قارئ بفضل الإغراء السحري لامتلاك السلطة التي يتيحها هذا الموقع، والتي تختلف عند ممارسته لها في فضاءات أخرى:(التقييم).

حسنًا .. لنتخيل أن أحد القراء قد قرر التوقف عن أن يكون نسخة من القراء الآخرين الذين يمكن أن تكون اختلافاتهم غير قابلة للتأطير ولكنهم يتشابهون فقط في (الانتقاد) .. لنتخيل أن هذا القارئ قد بدأ يسأل نفسه هذا السؤال البسيط (ما الذي يعنيه “انتقاد” الكتابة؟) .. لنتخيل أن هذا السؤال ـ رغم بساطته الظاهرية ـ قد أفرز استفهامات عفوية بدأت مع تكاثرها في منح هذا القارئ خطوات متزايدة خارج حدود التشابه مع الآخرين: ما الذي يحوّل عدم الإعجاب الشخصي إلى (عيوب) للكتابة؟ .. لماذا أنا في حاجة إلى إرجاع عدم التكيّف مع عمل أدبي إلى (خلل) في هذا العمل؟ .. لو أنني لم أستمتع بروميو وجولييت، بل على العكس أصابني الإحباط عند قراءتها؛ هل هذا يعني أن شكسبير قد (أخطأ)، وهو ما حكم على تجربتي معها بالفشل؟ .. هل يجب أن تكون ذائقتي بكل ما يُشكلها هي اليقين المطلق، وبالضرورة تمتلك الحق غير المشكوك به في تحديد (النجاح) و(الفشل) للنص وفقًا لإرضائه لها من عدمه؟ .. لماذا يطالبني موقع جودريدز بأن أمارس هذا (الانتقاد) وفق أنساق محددة قررها سلفًا؟ .. هل هناك أشخاص، مؤسسة، أيديولوجيا، أنماط وجود تحصل على استفادة أو ربح نتيجة ما أقوم به؟ .. لماذا يتماثل ما يطالبني به موقع جودريدز مع الدعوات الصادرة عن منصات ومواقع أخرى لا يتوقف تناسلها في الحياة المعاصرة مع تباين القواعد والآليات التي تنظّم الاستجابة لوعودها؟ .. هل هناك فرق بين أن أتحدث عن خبرة مررت بها مع كتاب ما بطريقة، وبين أن أتحدث عنها بطريقة أخرى؟ .. ما هي طبيعة الذات التي يريد موقع كجودريدز أن يربيها ويحافظ عليها وبالتالي يضمن استمراريته في استثمارها؟.

قبل أن نتخيل محاولات هذا القارئ ـ الذي خلقت هذه التساؤلات مسافة فاصلة بينه وبين القراء الآخرين ـ للإجابة لنقرأ فقرة أخرى من مقال abdnormal بعنوان (رأيك مهم):

(ما هو أول ما يدفعك لقراءة رواية ما؟ غالبًا رأي من حولك هو السبب الرئيسي، إذا تكرر سماعك لمديح قصة ما من طرف عدة أشخاص فالفضول غالبًا سيدفعك لمطالعتها. ماذا لو كان من حولك في أرض الواقع غير مهتمين بالكتب؟ هذه هي بالضبط مهمة هذا الموقع، في   goodreads  رأيك في كتاب معين قد يكون سببًا في قراءة شخص آخر لهذا الكتاب أو تجاهله، تقييمك له بعدد النجوم – أنت وغيرك – يكون الفيصل بين جودة الكتاب من عدمه، غالبًا يتحمّس الناس لمشاهدة الفيديو الأعلى مشاهدة، نفس الشيء بالنسبة للكتب).

مقالات من نفس القسم