يتوه القارئ بين أبواب الرواية حيث تبدأ من ”باب الحمام”، و كلّ شيء يحدث في الحمام كما يقول الكاتب.
و يعتبر هذا المقهى الذي يسمّيه البعض فيهم ”لمّة الأحباب” نقطة جذب للمرتادين إليه، فيكشف أسرارهم وشخصياتهم ويحتضن آلامهم وأحلامهم ويغدو لهم المقر الدائم، كما يسحرهم ويغويهم باستمرار.. و في نفس الوقت نرى أنّ تصميم المقهى بحدّ ذاته غرائبي و مصممه عشيق صاحبة المقهى.
فلكلّ زبون تاريخ من الهزائم في حياته. و المقهى يروّح عن الجميع ويكوّن جسرا للتواصل بينهم و في نفس الوقت هو مستنقع حيث تصطاد فيه بائعات الهوى الرجال و هنّ يتربّصن بكلّ شرقيّ و غربيّ بالتّودّد أولا فيكسبن منهم ثمّ يرحلن إلى آخرين في دورة لا تتوقّف أبدا و كأن الزمن في المقهى لا يتوقّف أبدا و الرّحلة لكسب المال لا تهدأ أبدا.. فالرجال والنساء فيه على حافة الهاوية والجنون رائدهم الذي يسيّرهم و الجشع للمال والجنس للابتعاد عن واقعهم فيكشفون عن زيف الواقع المرير في حياتهم الحقيقية.
نلتمس أيضا أنينا مكتوما من بعض جرحى الزمن بسبب الهجر والإهمال.
نلتقي ب “أبو شندي، “أبو جعفر”، “غسان”، “شادي”و بعض النساء أمثال: “لالّة درّة”، “نعيمة” و “حلومة” و هنّ قاتلات و قتيلات في نفس الوقت..
فنعيمة مثلا في الفصول الأولى نكتشف كيف غدرت بها أختها الصغرى و خانتها و سرقت منها خطيبها الإيطالي، و من هناك بدأت تكره الرجال خاصة الأجانب، و منها بدأت تنتقم منهم فتنهب أموالهم و أجسادهم، و يوميا تبحث عن أجنبي جديد يدخل المقهى إلا مجيد اللبناني الذي سئمت منه و من ماله.
و الغريب في نعيمة أنها تهبط إلى المقهى كل يوم باستثناء يوم الجمعة حيث لا تقبل أن تضاجع أحداٍ ليلتها أو يومها، ولا توافق مهما تلقت من هواتف، لا تحب أن تكسر قدسية اليوم والليلة.
فهي ترى أن الجمعة، تنتشر فيه الملائكة بأعداد كثيفة.
كلّ شخصية في الرواية تناضل لاستمرارها في الحياة بطريقتها و الكلّ يخوض حرب الحياة. فشخصية ” أبو شندي” على سبيل المثال تكشف المأساة الإنسانية والسياسية و هو أحد العناوين الكبير للثورة ، بعد أن كان واحدا من أبطالها وجد نفسه منفي عن العالم كأحد يتامى الثورة .
.للكاتب “وحيد الطويلة” تقنية سردية بديعة و رائعة و مختلفة خاصة عند بداية كل فصل الذي هو باب جديد
ووراء كل باب اكتشاف.