رباب

رباب
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

هيثم الوزيري

عيناك الكسيرتان الطيبتان كانتا أول ما يصافح وجه من ينظر إليك.. رموشهما الطويلة الجميلة.. شفتاك الشهيتان.. الحسنة الفاتنة التي تعلو الشفة العليا منهما.. نظرتك التي لا تستقر في مكان.. خجلاً وربما تطلعا لشيء ما لم تستطع أن تبلغه بعد.

كالقطة الرومية تجلسين.. جسدك المائل للبدانة.. صوتك الذي بالكاد يمكن سماعه . وجودك العام الذي لا تأثير له على ورقتي عباد الشمس الحمراء و الزرقاء.

عندما دخلت ماريا إلى حياتك.. صرتما صديقتين حميمتين.. بالرغم من تنافر شخصيتيكما الواضح.. ماريا نحيلة. شعرها الثائر يغطي جمجمتها.. السيجارة لا تفارق موضعها بين أصابعها.. عالية الصوت.. صدامية .

هكذا صار لك حياة جديد .. تجلسين على مقاهي وسط البلد .. ترتدين نظارة الشمس السوداء .. تجربين التدخين أحيانا .. وغالبا ما تفشلين .

عندما حصلت على تلك الوظيفة كنت فرحة .. حتى أبوك لم يستطع المعارضة .. حتى عندما حاول فشل .. ماريا كانت هناك .. أدخلتك إلى دائرة أصدقائها .. بلا صوت أعلنت أنها ستظل هنا دائما من أجلك.

عيناك لم تعودا هما .. حاجبيك المبسوطين دائما في استسلام صارا ينعقدان.. صار صوتك أعلى..

-” أنت منذ الآن أقوى”

كذا ترددين لذاتك دائما.

لم يعد أباك ذا الصوت العالي يخيفك .. حتى عندما فككت طرحتك وقررت مواجهة العالم بلا حجاب رفع كفه منتظرا سماع الطرقعة المعتادة لملامستها خدك .. لكنك أمسكت بها في الهواء.. كانت نظرته إليك كمن يراقب كلبه الذي رباه طويلا وهو يهم بعضه..تلاقت عيناكما لثوان ثم احتضنت عيناه الأرض .. أحنى رأسه ولم يسألك بعدها عن شئ.

كانت أظافرك تطول .. وفي تلك المشادة بين عادل عباس وماريا.. لم تفكري كثيرا قبل أن تمزقي لحم وجهه .. أمسكت بيديك .. لعقت دمه من على أظافرك واحتضنتك .

قالوا لك أن تقصي أظافرك .. لكنها – ماريا – تحسستها قائلة إنها أجمل ما فيك.. ثم احتضنت شفتاها شفتاك في قبلة طويلة .. يومها قالت لك أن لشفتيك طعم القرنفل وقلت لها أن لشفتيها طعم الخوخ الطازج.. كان لشفتي علاء طعم اللوز وكان ليديه على جسدك ملمس الأسفنج الناعم .. راح وتركك و كنت تحبين ضغطات أصابعه على حلمتيك.. لكنك أحببت أكثر ملامسة شفتي ماريا لهما.. جسداكما العاريان يلتحمان .. تدفنين رأسك في كتفها وتبكين .. بصوت عال تصرخين فلا تعرفين هل تصرخين بكاءا أم انتشاء .

وكانت أظافرك تطول .. وفي دولابك الخاص احتفظت بقطعة من جلد وجه عادل عباس.. وإصبع فريد السبابة المقطوع الذي أشار به في وجهك مهددا.. وخصلة من شعر إيناس .. و جزء من شحمة أذن ضحى .. خالك المغرم بالتدخل في شئونك شققت له حاجبه الأيمن إلى قسمين متساويين.. لكنك لم تجدي في أظافرك يومها شيئا يمكن الاحتفاظ به.

آخر ما حصلت عليه هو قضيب مدحت فياض ..أصابك الذهول عندما فتحت باب الحجرة فجأة ورأيت ماريا عارية وقد اعتلاها مدحت فياض طاعنا إياها بقضيبه .. كان صوت تأوهاتهما عاليا.. غائبان تماما.. لم يدركا أن الباب مفتوح وانك واقفة تراقبينهما.. لم يريا دموعك التي أغرقت وجهك.. لم يسمعا نحيبك العالي الذي لم يحتويه جسد ماريا تلك المرة.. بأظافرك لففت شعره الطويل جذبتيه .. وبأظافر يدك الأخرى اجتثثت سلاحه الطاعن .

عندما أمسكوا بك.. كانوا هناك جميعا .. عادل عباس .. ماريا .. إيناس.. ضحى .. مدحت فياض .. فريد.. وكان هناك آخرون .. لم تريهم من قبل .. أو ربما لا تذكرين أنك رأيتهم .

الشمس تتسلل إلى وسط السماء وأنت في مكانك تراقبين أشعتها تجلد جلدك بسياط من حرارتها.. لا تذكرين كم مضى عليك مصلوبة.. مفرودة الذراعين وقد ربط كل ذراع منهما إلى شجرتين متجاورتين.. يأتون .. لا تدركين متى وفي كل مرة ينتزعون منك ظفرا.. فقط تعلمين جيدا انه لم يبق لديك إلا ظفر واحد وبعدها ….

 

مقالات من نفس القسم

تراب الحكايات
موقع الكتابة

خلخال