خريف

خريف
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

إذن فهو الخريف يا صغيرتي، كعادته يأتي متسللاً كمراوغٍ خبير، يفاجئنا بنسمة مترددة تأتي علي استحياء، أو ببرودة محببة من صنبور ماء، يفاجئنا خوفاً علينا من فرحةٍ لسنا مؤهلين لها، يليق بنا إذن أن نطلب هدنةً ولو قصيره ،

 (في الصيف تموت الفراشات !!!! ) يخبرنا شكسبير وتُصدقه خبرتنا ،

سنطلب هدنةً إذا لكي نتمكن من إحصاء الجثث،

بوسعنا أيضاً أن نسعف الجرحي وأن نمارس بعض الحكي عن هول المعارك ،

ثلاثون عاماً أو أقل قليلا هم عمر هذي الحرب ، إذن لديّ ما يكفي من الحكايات كي أخفف عنكِ وطأة الليل،

فليلُ الخريف لو تعلمين هو أشد وطأً وأطول قليلا ، لا أطلب هدنةً للنوم ، فثلاثون عاما من حربٍ كهذي تدور بداخل رأسي الصغير كانت كفيلة كي أتدرب جيداً لأنام تحت القصف ، ليس الأرق ما يزعجني ، فثلاثون عاما أو أكثر قليلا مكنتني أن أصادق هذا الأرق ، أهزمه حينا بالتلاوة أو القراءة أو الغناء ، ولكن كيف أنجو من صراع حلم قديم مع كل تلك الكوابيس الجديده !!!

سأطلب هدنة ولو قصيره لا لأنام أو أرتاح من أزيز الطائرات أو تخبطها بجدران جمجمتي ، فقط هدنه ليمكنني البكاء علي قدميك ، ليمكنني فقط أن أحكيكِ بعض التفاصيل الصغيرة للمعارك ، لست أدري كيف ولا متي ولا لماذا بدأ هذا كله ، ربما كانت مبارازةً صغيره بين الحلم والواقع ، أو بين آياتٍ من الذكر الحكيم وأبياتٍ من الغزل الصريح ، أو بين عصفٍ من حنين ضد قسوة الزهايمر المبكر ، أو بين صنفين من صنوف الأيدولوچيا يدّعي كلاهما زيفاً بأنه الأقدر علي حل القضية !!!

غير أنني لا زلت أذكر أن الحرب ف بدايتها كانت خفيفه والمعارك التي صارت معقدةً كانت أشد وضوحاً مما وصلنا إليه الآن ، ربما تبقي لدينا وقت ف الهدنه لنعيد ترتيب المعارك ،وربما لدينا وقت لكي نفكر لماذا كل ما حققناه كان ناقصاً فلم نحصل حتي علي هزيمةٍ كاملة فقط بعض خيباتٍ ستنساها الملحمة ،

ربما لسنا جديرين حتي بالهزيمة !!!!

ربما لم نكن ملحميين كما كنا نظن !!!!!!

وربما أضعنا عمرنا في محاولاتٍ فاشله لإيقاف المعارك !!!!!!

ذات مره سألني شيخٌ : أرأسك تؤلمك لعلها الذنوب تكاثرت ونصحني بأن أطيل ف السجود لتسقط الأوجاع عن كاهلي !

وجدت نفسي ساجداً ومن أمامي جاءت ابنتي تداعب شعر رأسي وتكمل عامها الثاني مقلدةً أباها ف الصلاة

وحين خِفت أن يصيبها أذيً من رأسي حاولت القيام ،غير أني وجدت إبني معلقاً فوق كتفي فخِفت عليه أن يسقط !

فأنهيت الصلاة بمراوغةٍ بسيطه ،

وسمعت صوت القصف يتجدد ( إذهب وصلي فإنك لم تصلي) ، بالرغم من دوي هذا الانفجار إلا أنه لم يفلح في حسم المعارك !!!!!

مراتٍ عديده حاولت أن أجد الطريق لوقف هذي الحرب ،

مرةً بتتبع المجاذيب ليلاً

مرةً برفقة الدراويش ف الموالد

مرةً بحب إمرأةٍ لا أعرفها

ترسل شِعرها عبر هذا البحر

مرةً إنحرفت يميناً

مرةً ذهبت يساراً

ومرةً أنجبت أطفالا ليكبروا ويشاركوني الحرب،

غير أني وجدتني أخاف عليهم من مشقة الرحله إلي اللاشئ !!!!

 

أريد لهذي الحرب أن تنتهي

أريد لهذي الحرب أن تنتهي

أريد لهذي الحرب أن تنتهي !!!!!

أو هدنةً ولو قصيره كي أونس ليلكِ هذا الخريف .

مقالات من نفس القسم

علي مجيد البديري
يتبعهم الغاوون
موقع الكتابة

الآثم