جولة ليلية مع الشاعر المصري ياسر عبد اللطيف

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 78
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

حاوره: محمد فرج:

"جولة ليلية"، عنوان المجموعة الشعرية الاخيرة لياسر عبد اللطيف، التي صدرت حديثاً عن دار "ميريت" للنشر في القاهرة. هو احد اهدأ اصوات جيل التسعينات في الكتابة المصرية أو "حركة التسعينات"، كما يفضل ان يسميها. عبر مجموعته الاولى، "ناس واحجار"، التي صدرت في طبعة خاصة عام 1995، ثم رواية "قانون الوراثة"عام 2002، ثم "جولته الليلية" الاخيرة، أستطاع ان يصنع لنفسه مكانا متفردا في تيار الكتابة الجديدة الشعرية والسردية.

حاوره: محمد فرج:

“جولة ليلية”، عنوان المجموعة الشعرية الاخيرة لياسر عبد اللطيف، التي صدرت حديثاً عن دار “ميريت” للنشر في القاهرة. هو احد اهدأ اصوات جيل التسعينات في الكتابة المصرية أو “حركة التسعينات”، كما يفضل ان يسميها. عبر مجموعته الاولى، “ناس واحجار”، التي صدرت في طبعة خاصة عام 1995، ثم رواية “قانون الوراثة”عام 2002، ثم “جولته الليلية” الاخيرة، أستطاع ان يصنع لنفسه مكانا متفردا في تيار الكتابة الجديدة الشعرية والسردية.

تحتفي قصائد “جولة ليلية” بالمكان لتصنع حالة بصرية عالية. كما تفسح مساحة كبيرة لـ”المراهقة ” كمرحلة تمرد على مستويات كثيرة. يرى ياسر عبد اللطيف ان قصيدته تمرح قليلا خارج “السياق”، هذا الذي صنعته ذائقة مختلفة لأبناء جيل جديد بدا في الوجود. بين “القصيدة “و”الجيل”، كان حوارنا مع ياسر عبد الطيف.

تتحرك بين الشعر والرواية عبر مجموعتين شعريتين وراوية. فأين ترى مشروعك الاساسي، أفي الرواية ام في الشعر؟

لا احب فكرة التقسيم هذه، التي تعطي انطباعا بوجود فصل حديدي بين الانواع. المسألة اعقد من تبسيطها على ذلك النحو. لكن بشكل عام، انا اقرب الى الكتابة السردية، وإن تكن كتابة الشعر اكثر خصوصية من الكتابة النثرية. ثمة عناصر من تخصيص اوقات معينة والاستمرار في ممارسة الكتابة، يمكن ان تساعد في الكتابة السردية بعكس منطق الشعر.

في الاخير، تحتاج كتابة قصة او رواية الى بعض من الشعر، الى لمسة شعرية، الى تلك المنطقة المتحركة في الشعر، التي كان يطلق عليها قديما الوحي او الالهام وسوى ذلك من اسماء.  بالنسبة اليَّ، فكرة المشروع تنتمي الى الرواية عموماً، لكن في الشعر كل قصيدة هي حالة في حد ذاتها، أما الرواية عندي فمشروع طويل، يمكن ان يتوقف فترات ثم اعود اليه. ثمة لحظات اكون نشيطا ومتدفقا ثم تأتي فترات اخرى يكون المستوى الانتاجي اقل.

تحتفي قصائدك بشكل ما بفترة المراهقة، التي كانت ظلالها واضحة ايضا في روايتك “قانون الوراثة”. لكن الا ترى أنكَ تعتني بما كان وتغفل ما يحدث الان؟

في الديوان قصيدة اسمها “نهاية المراهقة”. كنت افكر ان امنح الديوان هذا العنوان، فالمراهقة مجال خصب للتغيرات ومنطقة تمرد وثورة على المستويين الجسدي والفكري. هي بداية رفض المسلّمات بكل اشكالها، أسرية أكانت ام اجتماعية بشكل عام. لا اقصد المراهقة بمعناها العمري، ولكن بمعناها الاوسع. فمجتمعنا مراهق، بمثقفيه وسياسييه وثورييه. المراهقة ليست شيئا بعيدا عما نراه. ما اصنعه هو رصد لمرحلة مهمة، اكثر منه تثبيتاً لفترة معينة.

لكن قصائد الديوان مكتوبة خلال فترة طويلة نسبيا. ألم يجعلك هذا تخشى قليلا ان تكون حالة كتابتها قد مضت؟

تنتمي هذه القصائد الى الفترة ما بين 1996 و2008. خلال هذا الوقت كتبت رواية “قانون الوراثة” ونشرتها الى جانب أعمال اخرى. ما كنت اخاف منه احيانا، ان هذه القصائد خارج سياق الكتابة الموجودة حاليا عند الشعراء الجدد وحتى عند جيلي من الشعراء، فلا اشعر اني في السياق نفسه الذي يتحركون فيه الآن، وهذا ما أخّر نشر الديوان لفترة طويلة. لكني ارى في الاخير أن القصائد ليست خارج الذائقة الشعرية. متذوق هذا النوع من الحساسية الشعرية سيلتقي هذه القصائد وسيشعر بها بالفعل.

يحتل المكان، وإحداثيات الجغرافيا، جانباً من مشهد القصيدة. يبدو هذا واضحا في اكثر من قصيدة. كيف ترى الى ذلك؟

افضّل غالبا الكتابة التي تحمل مشهدا يمكن ترجمته عبر الرؤية. وهذا يترجم نفسه في وجود إحداثيات هذا الفعل المعيّن الذي وقع في زمان ومكان معينين. كما ان فكرة المكان كانت مهمة عند جيلي. فثقافتنا جعلت المكان شيئا اساسيا في كتابتنا شعرا أو نثرا. لا استطيع تحديد المؤشر او المعيار الذي جمعنا حول هذه الفكرة.

 

تبدو فكرة “الجيل” قوية وذات حيز كبير عند التسعينيين.

اظن ان ثمة شيئا ما جمع بين مجموعة الشعراء التي خرجت في ذلك التوقيت. ثمة ذوق معين، ادبي خصوصاً، وانساني بشكل عام، وثمة عدد من الاقتناعات الفكرية والفنية. لا اقصد كل ما يطلق عليه اسم جيل التسعينات، ولكن حلقة معينة هي التي اعتبرها جيلي وهي الاقرب الى مستوى الكتابة. اسماء مثل مصطفى ذكري، احمد يماني، هيثم الورداني، احمد فاروق، اشرف يوسف، ايمان مرسال وعصام ابو زيد الشاعر الجنوبي الذي فضل البقاء بعيدا عن القاهرة في الصعيد ولا يزال يواصل الكتابة.

لكن كيف ترى مصائر “الجيل” الذي صدّر نفسه بمقولات وذائقات ثم تخلى عنها او تخلت عنه في ما بعد. هل يمكن بعد حدوث ذلك كلّه، ان نظل نقول “جيل التسعينات”؟

بالتأكيد يجوز ولو تاريخيا القول إنه كان هناك جيل اسمه جيل التسعينات. اما الى اين امتدت تطورات هذه المجموعة، وهل دخلت التسعينات الى مجرى الكتابة العامة ام استمرت تحتفظ بخصائص مميزة، فهذا سؤال آخر.

اعتقد انه لم توجد حركة ادبية في مصر من الستينات الى التسعينات. السبعينات والثمانينات كانتا ظلالا للمرحلتين اللتين سقط بينهما هذان الجيلين. لا اتفق مع القول انه كان هناك جيل خمسينات وستينات وسبعينات. كلا. كان هناك جيلان استطاعا إحداث تأثير، هما جيلا الستينات والتسعينات. ولو أن ذلك قد تحقق بالاسقاطات الخارجية التي اسقطت عليهم وحتى لو لم يقدموا هم انفسهم خطابا نقديا نظريا متماسكا.

على رغم كل ضجيج جيل السبعينات، فأنا لا استطيع حتى الآن تقويمه فنياً. لقد حاول أفراده الهرب من الجيل السابق الذي برز فيه شعريا، على سبيل المثال، امل دنقل.

اطروحاتهم الاولى كان يفترض ان تُحدث رجة شعرية في مصر، لكنهم سقطوا بشكل ما اسرى النموذج الادونيسي في الانعزال داخل اللغة. وهذا ما طبع انتاجهم وحدد سيرتهم الشعرية.

لكن الا ترى ان كتابة “ما بعد جيل التسعينات” اكثر “محافظة” بعد “جرأة” التسعينات؟ هل ترى في ذلك انتكاسة؟

لا ارى في ذلك إنتكاسة في ظل ان مسألة رفض الابوة مرتبطة بالمراهقة بشكل ما. فبعد قليل سترى ان مسألة عدم وجود اتصال بين الاجيال تحمل تصورا قاصرا للموضوع برمته.

من ناحية اخرى اعتقد ان المجتمع برمته يمضي في اتجاه اكثر انغلاقا. لذا، فجيل الكتّاب الذي ظهر، تأثر هو الاخر بهذا الانغلاق، وإن كنت ارى ان هناك اسماء تعتبر امتداداً طبيعيا لحركة التسعينات، من مثل احمد شافعي ومنتصر عبد الموجود وآخرين.

 

عودة إلى الملف

 

مقالات من نفس القسم