تتهجى أحرفها الأولى

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

شعر: إسلام يوسف

حَلَمَة

عينان مغلقتان

بروزٌ وردىّ ينتصب فوق كرةٍ لدنةٍ ناعمة

أيدٍ صغيرة منكمشة تتشبث بالكرة

حتى لا يسقط العالم

سائل شفيف أبيض دافئ

ينساب بنعومة كرزاذ مطرٍ على ورقة شجرٍ جافة

أسنان صغيرة لم توجد بعد

لتعض اللحم بشراهة

صدرٌ كبير يسع العالم

له رائحة أمواجٍ مصطخبة

 

بيت

هنا السرير الصغير تحت سقفٍ واطئ

ترتمي علية دببة صغيرة بنية في إهمال

وردة حمراء ترقد فى دعةٍ على الوسادة

وردة..يغشاها نور الصباح المندّى

هذه حجرة كبيرة: بها سرير كبير ذو شراشف

و ناموسية متوجة بأنجمٍ فيروزية

هذا كومودينو فوقه كتاب و أباجورة زرقاء

البيت فوقه سماء زرقاء مرصعة بالنجوم

و سحبٌ تكفى قطراتها لبركٍ مائية

لقدمٍ صغيرة تطس الماء فى عبث

هنا باب تركوازىّ اللون ذو مقبض ذهبى

تزحف من تحته أوراق الخريف الصفراء

لشجر الليمون فى باحة المنزل

 

طائرة ورقية*

خيطٌ رفيع، طيور الجنة

تحوم حول طائرةٍ ورقية تناطح زرقة السماء

و تهمس للسحابات المسافرة إلى البعيد

طائرة ورقية ترى ماء البحر

واثقةً فى الهواء كصاحبٍ قديم

سيحميها من البلل

و يحملها على كفه الأزلية نحو المجهول

قدمٌ صغيرة بشبشب بمبى

تجرى خلفها فى خطىً قافزة للسماء

و شعرٍ مهوّش طفولىٍّ متناثر

 

طباشير ملونة

هنا سبورة سوداء فى واجهة حجرة الدرس

تكتب بالطبشور الأزرق سماء

و بالأبيض القمر و بالأخضر شجر الليمون ببيتنا

و بالأحمر وردة فوق وسادتى

و بالبنى دببة صغيرة فى صدرى قبل النوم

و بالأصفر شمسٌ تمنح الليمون بشرتها

و بالأسود وقتٌ لا يجىء

 

تفاحة يانعة متوهجة الحمرة

هذى مرآة هائلة الحجم بحجم جسد

تجلس أمامها على مقعدٍ صغير واطىء

بغير مسندٍ خلفىّ

كتفاحة على بشائر النضج عارية

لامعةً كماء البحر تحت شمسٍ قائظة

ساخنة كزهرةٍ حمراءَ خجولة

 

تتلمس منبت الثدى

تملأ راحتيها من عجينٍ إلهىّ

و تعصر….

هنا بداية الإثارة التى تتعلمها الحلمة

تهبط حيث السرة الأزلية مفتاح الكون

يحملها مثلث حواء السحرى بين الفخذين الناميين

تعطى ظهرها للمرآة

تتأمل منبت الردفين

ستتعلم من الآن إنتقاء جواربها النايلون بعناية

ستعمل على أن تكون سوتياناتها صارخة الألوان

هذا أحمر شفاه وردىّ يعكس رغبةً مخبئة

ستعتنى بنعومة بشرتها

Easy sweetمستخدمة

لإزالة الحشائش من جذورها

ستنتقى ملابسها من ماركات عالمية

Christian Dior, Calvin Klein

ستتابع مجلات الأزياء

Vogue, Donna Maria

Red, Freundin

و ترتدى قمصان نوم قصيرة

لتكون واعية أكثر بفلسفة الجسد كتحقق وجودىّ

تقف على حافة الزمن لتختلس أوقاتاً ضائعة

تمارس بها لذة غير مكتملة أحادية الجانب

لتغوص فى عمق توحدها كشجرةٍ خريفية

تسقط فى بئرٍ مظلمٍ منسىٍّ لا قرار له

 

قبلة

يتنفس حشائش الإبط البازغة

يتحسس الشعر الغجرىّ صعوداً إليه

يشم عطر براريه النفّاذة

يواجه الوجه

يلثم الشفة لثمات خفيفة

يلتحمان

ينبعث الوهج من أنفاسهما المتلاحقة

الآن ينفضّ الإشتباك

هذه كانت قبلة..قبلة كانت

ستتجرع من الكأس كثيراً

حتى ينفد الرحيق و تطلب المزيد

 

رقصٌ و أغانٍ

خوليو إجليسياس

يهمس إليك كلمات حب منغمة

Je n’ai pas changer

يجعلك تهملين خشب الأرضية الباركيه

و بقميص النوم الأحمر ترقصين كفراشة

فوق الماء أو بين غيمة

ترقصين الفلامنكو و التانجو وحدك

فى حجرة -أصبح- سقفها عالٍ

تأكلين الوقت حتى الساعة الخامسة و العشرين

و تغطين فى نومٍ مزخرفٍ بالأحلام

 

*shade out

 

 عينٌ سوداء : لها عينٌ سوداء تنزع للقتل

إرتمت الهالات السوداء تحتها بإهمال

حينما تركها وحيدة لم يتركها وحيدة

ترك السرير يؤنسها

تنمو طحالب الحزن على عتباته

حتى حينما تهم بالقيام تنزلق

تضع البودرة بكثرة

و تدهن ما تحت العينين بالكريم المرطب

بعد ذلك ستتعودها المرآة طيلة اليوم

 

إسبريسو

 

 هذه قهوه سوداء فى فنجانٍ أبيض

لزوم الوحدة

قهوة سوداء فى صحة قسوة العالم المقبض

فى آخر الليل تتراص أمامها على الصينية

فناجين كثيرة تتسامر و تتركها وحيدة

 

رداء أسود فضفاض

على عتبات الثلاثين- أو ما شابه- تأكلين الخبز جافاً

و السيدة الكبيرة ذات الحلمة الوردية

و الصدر بحجم العالم

ترقد على سريرٍ ذى شراشف

و ناموسية هى مهد العالم

توشيها أنجمٌ فيروزية

سكونٌ مطبق…هل تسمعين شيئاً؟

لا شىء غير خطوات الصمت تملأ الزوايا

قرِّبى أذنك من وجهها..هل تسمعين شيئاً؟

أنفاسٌ مكتومة ترحل مع الأبدية

لا شىء…غير أنفاسك

تصنع الأبخرة على زجاج النافذة

و الجسد المسجى على السرير

مغمض العينين فى دعة

ينام للأبد

بجانبه وردة حمراء و دببة بنية

و شمس صفراء

تحت السرير ترقد طائرة ورقية

تطبعين قبلة على الجبهة و ترحلين

 

موت: حركة ختامية

ليس هناك من جديد

جفت أشجار الكلمات

لملمى أحرفك المتناثرة

ضعيها فى صندوق الصمت الحجرىّ

و من فوق تلّة دعيه ينزلق

حتى حافة الموج

ثم

 

عودى

و

إنتظرى

 

 

 

مقالات من نفس القسم

علي مجيد البديري
يتبعهم الغاوون
موقع الكتابة

الآثم