سارة عابدين
يمكن للفن أن يكون أداة فعالة في العلاج العقلي و النفسي، أو كوسيلة للتغلب على القلق والتوتر، واستكشاف جوانب متعددة من الشخصية، بالإضافة إلى تعزيز الوعي الذاتي، عن طريق دمج العملية الإبداعية مع تقنيات العلاج النفسي، خاصة في جلسات العلاج الجماعي، أو العلاج السلوكي المعرفي، ويمكن استخدامه بدء من الأطفال الصغار حتى كبار السن، بدون أي موانع، وتعد الأنثربوصوفيا إحدى أهم الفلسفات القديمة التي تشمل تقنيات متعددة من العلاج بالفن.
الأنثروبوصوفيا Anthroposophy
“الأنثروبوصوفيا” هي طريق المعرفة التي تهدف إلى إعلاء الروحانية في الإنسان. فالإنسان بحاجة مستمرة إلى القلب والشعور. لذا هي أقرب لهؤلاء الذين يبحثون في قلوبهم، ويفكرون في بعض الأسئلة حول طبيعة الإنسان والكون بقدر ما يشعرون بالجوع والعطش” رودلف شتاينر
بالرغم من أن العديد من الأنشطة العملية التي تنشأ عن أفكار رودلف شتاينر أصبحت أكثر انتشارا، إلا أن فلسفة شتاينر التي تقف خلف كل أفكاره ماتزال مجهولة بدرجة كبيرة. يرسل الآلاف من كل العالم أطفالهم إلى مدارس والدروف، يستعينون بأفكاره في التعليم المنزلي الذي يحاول أخذ مكانه في العالم العربي بعد انتشاره في أوروبا وأمريكا، تكتسب الزراعة الحيوية وطب الأنثروبوصوفي اهتماما متزايدا، ومع ذلك تبقى الفلسفة مجهولة بشكل كبير.
من خلال أبحاثه الروحية، توصل شتاينر إلى استنتاج ريما ليس جديدا، وهو أن الكون لا يمكن اختزاله في المواد الفيزيائية والكميائية والطاقة، لكن هناك عالما روحيا، منظم في اشكال معقدة، ومستويات مختلفة، ويعتقد أن البشر يتمتعون بتلك الروحانية غير المادية بمستوى أكبر من الحيوانات والنباتات، وهذا ما يميزهم عن باقي الكائنات. لكن الإنسان بحاجة إلى تطوير وتمرين تلك الروحانية خاصة بعد طغيان العالم المادي، وسيطرة العقل. تلك التمارين التي تطور الروحانية والحدس هي جزء أساسي من طرق العلاج في فلسفة الأنثروبوصوفي.
مركزية الإنسان هي أحد المفاهيم المهمة في فلسفة شتاينر، إذ يرى أن الإنسان هو نقطة الإنطلاق لفهم الكون كله، وأنه يمثل كل عناصر الكون تماما. ويشير إلى أن البحث العلمي بحاجة إلى بعض المرونة ليصبح أكثر إنسانية وأكثر تكاملا مع الطبيعة، ولا يمكن اعتبار الأنثروبوصوفي حركة أو مجموعة من الأفكار الصوفية، لكنها فلسفة قائمة على التحليل والتفكير الواعي والملاحظة المستمرة، ويعد كتاب فلسفة الحرية أشهر أعمال شتاينر على الإطلاق، حيث تناول الجزء الأول من الكتاب نظرية الحرية، وعالج موضوعات مثل هدف المعرفة، وفعل الإنسان الواعي، والفكر كأساس للمعرفة، وفردية الإنسان.
تناول الجزء الثاني تفكيك فكرة الحرية، والغرض من العالم، والغرض من الحياة، كما ناقش التناقض بين فكرتين أساسيتين الأولى، أن البشر قادرون على تحرير ذواتهم. والثانية أن البشر مجرد أجزاء في إطار الكل الذي يشكل العرق، والقبيلة والأسرة والنوع، الأمر الذي يرسم الملامح العامة ويعطي للتصرفات محتوى يحدده المكان والمجموعة الأكبر، ما يؤدي بالتالي إلى سؤال جدلي هو: هل يمكن للأفراد أن يتمتعوا بالفردية والحرية؟
أجاب شتاينر على هذا السؤال بأن البشر يستطيعون تحرير ذواتهم، عن طريق اكتساب صفات، والقيام بأفعال تضفي عليهم خصوصية، ولا يمكن أن يحدث هذا إلا بالرغبة الشخصية لكل فرد، لأن الصفات التي تهبها الطبيعة للبشر تستخدم كأساس يضفي عليه الإنسان شكلا يرتبط بوجوده الخاص، والاستمرار في النظر إلى الأمور في ضوء العمومية يفقدها فكرة الفردية والاختيار الحر.
أساس العلاج بالفن لدى شتاينر
تعتبر نظريات العلاج بالفن في فلسفة الأنثروبوصوفي لرودلف شتاينر، نظريات متأصلة في الطب، لكنها متجذرة في الفنون بالتوازي مع الطب. يعمل العلاج بالفن تبعا لشتاينر على مبدأ هام ورئيسي، هو أن للمرض جذور في الروح، والعمل الفني تعبير عن الروح، ومن هنا يعمل العلاج بالفن على تقوية وتحقيق الإنسجام بين الروح والجسد، مما يساعد على حل المرض. قام الأساس الطبي للعلاج بالفن على التعاون المبكر بين رودلف شتاينر ومجموعة من الأطباء والمعالجين والفنانين، عن طريق الدمج بين الدراسات الطبية والعمل الفني والأبحاث الروحانية. أما ما يخص لغة اللون وعلاقتها بالنور والظلام، كانت بالأساس قائمة على أبحاث وملاحظات يوهانج فولفانغ غوتة وشتاينر، الذي راجع وحرر كل كتابات غوتة العلمية.
إيتا فيجمان Ita Wegman
ولدت فيجمان عام 1876 لعائلة ألمانية ودرست الحركة العلاجية. في عام 1917 بدأت من جديد دراسة الطب في ميونخ بعد سنوات من منع النساء من دراسة الطب، وشاركت شتاينر في تطوير العلاجات الحركية.
مارغريت هوشكا Margrethe Hauschka
ولدت هوشكا بألمانيا عام 1896. درست الطب في ميونخ، ودرست الأنثروبوصوفي والعلاج بالفن و تأثيره على الأمراض العقلية، ولها العديد من المؤلفات في العلاج بالفن.
ليان كولوت دي هيربو Liane Collet D Herbois
ولدت دي هيربو بهولندا عام 1907، وهي فنانة بريطانية بحثت في الظل والنور والألوان وتطبيقاتهم على العلاج بالفن. طورت مع شتاينر العديد من الأبحاث الروحية في الأنثروبوصوفي، وكانت مهتمة بالعمل مع الأطفال والمعاقين بأشكال إعاقة مختلفة، وشعرت أن رسومهم قادرة على تفسير أسباب مرضهم و تصرفاتهم.
الإنسان من وجهة نظر رودلف شتاينر
في محاولة للإجابة عن السؤال المستمر منذ زمن، بشأن العلاقة بين الروح والجسد، طرح شتاينر من خلال فلسفته مفهوم يتضمن أربعة مكونات للإنسان، تتضمن جسم مادي، وجسم أثيري، وجسم نجمي، والأنا. لم يكن شتاينر أول من ألقى الضوء على ذلك التكوين الخاص بالوجود الإنساني، لكنه يوجد في الثقافات القديمة، مثل الفلسفات اليابانية والصينية والمصرية واليونانية القديمة، وحتى الفلسفة الصوفية الإسلامية. يعتقد شتاينر أن أي عطب في أحد الأجسام أو مكونات الوجود الأربعة، يؤثر على الإنسان بشكل سلبي، ويؤكد على تكامل تلك المكونات الأربع.
الجسد المادي physical body
الجسد المادي، يقصد به كلمة “جسم” وهو وصف للكيان المادي الملموس للإنسان، الذي يخضع لقوى الطبيعة مثل الجاذبية، والديناميكية، وردود الفعل الكميائية التي لا حصر لها، وهو الجسم الذي يتكاثر، ويتحلل عند الموت. الجسم المادي أيضا يتعلق بالغرائز والعلاقات الإنسانية، ويتم من خلاله التواصل الجسدي بين البشر، ويرمز شتاينر للجسد المادي بالمعادن الموجودة في الأرض وقوى المعادن التي هي قوة الحياة.
Etheric body الجسم الأثيري
ما الذي يمكننا من الوقوف بشكل مستقيم بعد الاستيقاظ في كل صباح؟ ما القوة التي تمكننا من الاستمرار بالرغم من التعب البدني؟ يرى شتاينر الجسم الأثيري بأنه مجموعة من القوى أو طاقة معينة، تأخذ شكل جسمنا المادي، وتحافظ عليه من الذوبان أو التلاشي، وتتطلب رؤية هذا الجسد والتواصل معه يقظة روحية، وعين مدربة. يربط شتاينر بين الجسم الأثيري وبين الماء كعنصر طبيعي يرمز للسيولة والتدفق.
Astral body الجسم النجمي
من أين يأتي الشعور بالجاذبية أو النفور؟ كيف تتشكل مشاعرنا تجاه الآخر؟ تنتمي المشاعر والعواطف إلى عالم الجسم النجمي، لكنها بالطبع مشاعر لا ترى. أي أنه أداه الأحاسيس، ومكمن التجارب الداخلية. تماما مثلما تلتقط العين النبضات الضوئية، لكن الصورة التي تتشكل، تتشكل داخليا، وكلما كان الإنسان أكثر روحانية كلما كان قادرا على مراقبة مشاعره وتفهم أحاسيسه ووعيه الداخلي. يرمز شتاينر إلى الجسم النجمي بعنصر الهواء لأنه متحرك ومتغير وله قوته الخاصة.
- “I” ego الأنا
الأنا هنا ليس المقصود بها الأنا كما عرفها فرويد. لاحظ شتاينر أننا نصل إلى لحظة إدراك أنفسنا ككائنات مستقلة وجها لوجه مع العالم في سن الثالثة. تتميز الأنا عن باقي الأجسام الثلاثة بأنها تمثل وجود الشخص، وتميز الإنسان بقامته المستقيمة، وجسده الصحيح. الأنا هي وجود الشخص وفكرته عن نفسه، وما يكاد الشخص يسمع كلمة “أنا” حتى يستمع إلى صوت ما بداخله يمثل خبراته، وأمنياته ووجوده كإنسان، ويتكامل بها صفات الأجسام الثلاثة السابقة (التفكير والشعور والرغبة”، ويمثلها من عناصر الكون، عنصر النار بقوته وتوهجه.
تقنيات العلاج بالفن لدى شتاينر
يعتبر العلاج بالفن الشائع أو التقليدي مجرد تعبير حر للشخص المريض عن مرضه، لكن في الوقت نفسه يمكن للتعبير المتكرر عن المرض بالرغم من أنه يوفر راحة مؤقتة للمريض، إلا أنه قد يعمل على ترسيخ المرض بعمق أكبر. لذا يختلف العلاج بالفن في فلسفة الأنثروبوصوفي، حيث يستخدم المعالج عناوين معينة يختارها بعناية طبقا لحالة المريض ومرضه. عناوين تعود إلى الطفولة أو الألم أو العلاقة بالآخرين، ويبدا في توضيح طريقة تنفيذ التمرين الفني مع استحضار كل الأفكار التي تخص العنوان أو العلاقة ، مما يساعد المريض بقوة في التغلغل في أعماق اللاوعي وإخراج كل ما يشعر به على الأوراق دون جهد اختيار الكلمات أو البحث اللغوي في الذاكرة، ومن هنا يراقب المعالج طريقة تفاعل المريض مع المحيط أو مع أدوات الرسم والأوراق، ويراقب طريقته في الرسم، وفي النهاية يلاحظ النتيجة النهائية للتمرين الفني. أي أن عملية العلاج بالفن عند شتاينر لا يمكن فصلها عن سياقها الكامل، لا يمكن تحليل رسم شخصي لمريض أو طفل دون أن يراقب المعالج العملية الفنية وتفاعل الشخص معها منذ البداية وحتى النهاية. يؤكد شتاينر على بعض الصفات التي يجب أن تتوفر في أي معالج فني، مثل القدرة على الاستماع والمراقبة، لأن العلاج هو وسيلة سترافق المريض في رحلته ربما لفترات قد تطول.
تعتبر علاجات الرسم والتلوين نقطة انطلاق لإعادة تشكيل علاقة المريض بالذات والعالم الخارجي، مع فهم كيفية تمثيل ذلك من خلال الشكل واللون والسطح والخط، وتستخدم الآثار العلاجية للعمل الفني في المستشفيات للأشخاص المرضى بالفعل، لكنها يمكن أن تكون مهمة أيضا للوقاية النفسية، وتخفيف التوتر وزيادة الرضا النفسي، والقوة العاطفية والروحية. لا تعتمد النتائج الإيجابية للعلاج بالفن عند شتاينر على على الموهبة الفنية أو الدراسة الأكاديمية، لكنها تأتي من الأنشطة الفنية ذاتها، مثل الشعور بالآثار العاطفية المحفزة للألوان، أو تعزيز القدرة على التأمل ومراقبة اللذت والعالم، والتركيز على الشكل والانسجام اللوني وما يريد الشخص تحقيقه في اللوحة أو التشكيل النحتي.
يقسم شتاينر تقنيات العلاج بالفن إلى ثلاثة أنواع: الرسم، التلوين، والتشكيل بالصلصال، ويختار المعالج كل طريقة منهم تبعا لحالة الشخص أو الحالة التي يرغب في استكشافها بأعماق المريض.
- الرسم المظلل drawing shaded
هي طريقة قائمة على الرسم بالقلم الرصاص، ودراسة الخطوط والتفاعل الديناميكي بين النور والظلام. الرسم بالقلم الرصاص على وجه الخصوص، مع خطه الدقيق الواضح يشحذ العقل والتفكير، والرسم بخطوط مستمرة وغير متقطعة يعمل على تدفق وانطلاق المشاعر في العالم الأثيري، بينما الخطوط المتقطعة تعمل على الإرادة والتفكير والعقل، بينما العلاقة بين الظل والنور هي أكثر ما يعبر عن المشاعر.
طريقة الرسم المظلل وهي واحدة من الأساليب التي استخدمها شتاينر على نطاق واسع في رسومه التوضيحية الخاصة، حيث يتم استخدام الخطوط المائلة المتوازية لتوضيح مناطق الإظلام والنور. يتيح العمل بعقل مفتوح بهذه الطريقة للشخص الوصول إلى عالم الأفكار والخيال، وهي تقنية تأملية تعزز وجود الأنا.
الرسم المظلل 1
الرسم المظلل 2
التلوين بالألوان المائية على لوحات رطبة (wet on wet)
الألوان هي لغة روحانية وعالمية، وأكثر قدرة على التواصل والإدراك من اللغات المنطوقة. عن طريق اللون يمكن للمعالج فهم ما يدور بداخل المريض، ويمكن للمريض أن يكون أكثر حرية وصراحة وتدفقا.
يستخدم معالجو طريقة شتاينر ألوان مائية شفافة أقرب للضوء الملون النقي. يتم في البداية ترطيب الورقة حتى تسهل حركة الألوان وتداخلها لخلق ألوان جديدة فيما بينها. العمل بالألوان السائلة على الورق المبلل يجب أن يكون بشكل سريع، والفائدة الرئيسية هي تحفيز العفوية والخيال. ويعمل ذلك التطبيق الفني مع الأشخاص القلقين أو المنغلقين إلى حد ما، لأن وضع ألوان سائلة على أوراق مبللة، يعطي نتائج وتشكيلات لونية غير متوقعة. يصبح هنا الفن مرآة للحياة، حيث تساعد تلك التقنية على تعزيز اتخاذ القرارات وتجنب القلق والانفتاح أكثر على الحياة. تبقى العملية سائلة حتى يختار المعالج التوقف وترك اللوحة لتجف، ثم قراءتها مع وتفكيكها بالحديث مع المريض.
الرسم بألوان مائية على أوراق رطبة 1
الرسم بألوان مائية على أوراق رطبة 2
طريقة الرسم بالطبقات اللونية
في تلك الطريقة يستخدم ورق تم ترطيبه سابقا ثم الانتظار حتى يجف تماما، ثم يتم تطبيق الألوان طبقة طبقة، بشرط جفاف كل طبقة تمام قبل تطبيق الطبقة الجديدة. لينتج في النهاية أشكال شفافة مملوءة بالضوء تنبثق من بين طبقات الألوان, ولتلك العملية تأثير شفائي كبير على الروح، بالإضافة إلى تقوية الأنا بداخل كل شخص، لأنها عكس الرسم على أوراق رطبة، هي عملية بطيئو هادئة، تحتاج الكثير من الانتظار الذي يجعل الشخص يراجع اللوحة، ويقيم التجربة بعد كل خطوة. تساعد تلك العملية الفنية الأشخاص الذين يحتاجون إلى بعض الصبر والحد من التسرع في القرارات الحياتية.
طريقة الرسم بالطبقات اللونية 1
الرسم بالطبقات اللونية 2
التشكيل بالصلصال CLAY FORMING
يشكل الطين وتحولاته النحتية انعكاسات الإنسان الداخلية، ويستفيد منه الأشخاص الذين يعانون من القلق المرضي بشكل كبير من أعمال التشكيل النحتي، لأن العمل باليد في الفراغ ومحاولات إيجاد التوازن والشعور بالتركيز من خلال بناء الهيكل النحتي، أمر بالغ الأهمية للأشخاص الذين يشعرون أن حياتهم مضطربة. يشبه الأمر أن نتعلم العثور على مركز توازن لأنفسنا، وما يتم تشكيله خارجيا، ما هو إلا مرآة لما يشعر به الشخص في الداخل.
يدعم التشكيل بالطين قدرتنا على التأثير في العالم من خلال إرادتنا وتحقيق أهدافنا. الطين هو الماء والأرض، مادة بلا شكل وبلا مقاومة، نحوله للشكل الذي نريده، يتضفر مع الأنا، وكلما عملنا عليه بإيدينا أصبح أكثر دفئا ورضوخا للمساتنا.
التشكيل بالصلصال 1
التشكيل بالصلصال 2
التشخيص في العلاج بالفن في فلسفة شتاينر
يبدأ التشخيص في العلاج بالفن مع الانطباع الأول عن المريض، ثم يتشكل أكثر مع الملاحظة المستمرة لمزاج المريض وطبيعته وسيرته الاتية وتفاعله مع السياقات المختلفة من حوله، وتجاربه السابقة. ينظر المعالجون في كل لوحة إلى ما يتعلق بالطبائع الأربع لكل شخص: الجزء المادي من اللوحة وهو بمثابة الانطباع الخارجي عنه، جودة تنفيذ اللوحة، وهو يمثل العمليات الديناميكية للشخص، والمشاعر التي تظهر في اللوحة واختيار الألوان، كتعبير عن الجانب النفسي في اللوحة، والقوة الخلاقة والإبداعية في اللوحة تمثل الوجود والأنا الخاص بكل شخص. تتحقق التاثيرا العلاجية لأن القوانين التي تحكم العمليات البدنية الفيزيائية والنفسية مثل التوتر والاسترخاء، النظام والفوضى، الحركة والصلابة، الحرية والانغلاق تنطبق أيضا على النشاط الفني، باستخدام الوسائط المناسبة لكل حالة، يبدأ حدوث التوازن بين الأقطاب المختلفة داخل الإنسان.
يمكن أن نقول أن رودلف شتاينر أدرك القيمة الروحانية للفن وتأثيره، فقام بدمج أنواع مختلفة من الفنون في فلسفته العلاجية. الموسيقى والرسم والحكي والحركة، ليس لعلاج الجسد المادي فقط، بل أيضا الطاقة الروحية الداخلية لكل شخص، لذلك لا يمكن فرض معايير صارمة أو ثابتة، لكن طرق التفاعل والعلاج مرنة وتتكيف حسب الاحتياجات الفردية لكل شخص.