هذا هو الشعر في جانبه الحياتي والميتافيزيقي . وربما الامكنة بمستويات وجودها الجغرافي والروحي تمثل بعض خصوصية صنعته ، وكما يقول باشلار :من دون مكان لن تجد الجملة حيزاً صادقا وحقيقيا للتعبير عن مكنوناتها . أي أن الفراغ لايصلح أن يكون صانعاً أو محفزا أو هاجساً لصنع قصيدة ، مفترضين أن الفضاء ليس الفراغ أنما هو من من امكنة المطلق ، أما الفراغ الحقيقي فهو فراغ العقل والذاكرة والموهبة.
نضع المدينة ( الناصرية ــ كافافيس ) مثالا لرؤية ما نشعره في معناه وحقيقته ، وسنكتشف أن المدينة الأكثر سعة بين الاوعية التي يصب فيها الشعر أمطاره ليشرب القُراء ما يشعرونه مانعا للظمأ ومُشبعاً لحاجة ارواحهم ضد هذا اليباب والجفاف الذي يكتسحُ عالمنا مع العولمة والطروحات الجديدة من فقه القاعدة والسيافيين الى فوضى قسوة الطبقة الحاكمة وربيعها العربي. وفي هكذا الضجيج هناك من هم ندرة وقلة ينعزلون في صوامعَ ارواحهم ويختبؤا في ليل المدينة والغرف النصف مضاءة أو على سطوح بيوتهم ليكتبوا لنا شيئا أسمهُ ( الشعر ).
لايفسر الشعر خباياه إلا من خلال الأخيلة ، والمدينة بعض أخيلة القصيدة حيث يتوافر لها ما تمتلكه الهواجس المضيئة لتجعل ليلها أو نهارها حديقة الفصول كلها لوردة الحرف وهو يغادر الروح والقلم بأنسيابٍ موسيقي حميم ، وربما رؤية قسطنطين كافافيس للمدينة تمثل انموذجا سحريا لأحساس الروح بتفكير المدينة وملاصقتها لأفعالنا الحسية والعملية والقدرية.
بين مدينة كافافي والناصرية مسافة من عمر الشاعر ، دفع ايقوني وميثولوجي وايروتيكي لحركة الجسد وتفكيره منذ قَطعْ الحبل السري ومرورا بطفولة الخبز والجوع والقصف والقصف المقابل في جبهات القتال في جنديتك القديمة وانتهاء بموسم هجرة نوارس النهر.
أشكالية من تحديد العلاقة ، كافافيس بعزلة الرعشة والناصرية بقيظ تموز وخرائطها السومرية الممتدة من شارع الهوا وحتى جميع مقاطعات امريكا ، لاشيء سوى انها من النخل تصنع اوقاتها فيما يصنع الشاعر اليوناني اوقاته من ثمالة القياصرة والجنود وسناتورات مجالس الشيوخ .
بين الشاعر والمدينة ( الناصرية ) حميمة حس وشهوة افخاذ وحرارة قبلات حمراء تعبر لحظة تأليف القصيدة الى حرب من مودة غرام لاينتهِ إلا عند قناعة اللحظة الاكثر وضوحا في جعل المدن سر كشوفاتنا ونحن نريد ان نؤسس لحياتنا مجدا اسمه ( ديوان شعر ).
وعلى ضفتي الكأس الذي يشرب منه كافافيس ، تشرب الناصرية من ضفتي نهر أسمه ( الفرات ) ليخرج من رحم تأمل الشاعر أحساسه الخاص وتفتح له الشوارع صدور عابريها بين الرجل الكادح ونهد المرأة العاشقة ، وفي الالتحام المصيري بين تلك المغريات يخرج الى الدنيا ذلك الوليد الصغير الذي يدعى ( القصيدة ).
…………………….
* الناصرية : المدينة التي ولدت فيها ، 260 كم جنوب بغداد / 10 كم جنوب مدينة اور
2/ في انتظار الأثنين ( أما الأسكندر أو البرابرة )…!
في كتاب كافافي 100 قصيدة والذي ترجمه في سبيعينات القرن الماضي الشاعر العراقي سعدي يوسف ، ونشره متسلسلا في الجريدة الاسبوعية للحزب الشيوعي العراقي ( الفكر الجديد ) هناك قصيدة لم تغب في دهشتها ومعناها عن خاطري عنوانها ( في انتظار البرابرة ) واتخيل كيف حفظت صورها وهاجسها وانا لم اتجاوز 15 عاما ، حيث عاشت معي بكل طقوسها الغامضة وقصديتها في متاهة متى يجيء البرابرة ليخلصونا من رتابة خطابات السناتور وقيصر في مجلس الشيوخ ، وذاتها القصيدة ونهايتها كنت قد تخيلتها بأنتظار شغوف وأنا اشاهد في ذات العمر فيلم سقوط الامبراطورية الرومانية الذي كان من بطولة صوفيا لورين وريتشارد بريتون كما اظن . فالقصيدة كأثر أدبي تحسب واحدة من روائع القرن العشرين الشعرية والتي كتبها الشاعر اليوناني ــ الأسكندري قسطنطين كافافيس ( 1863 ــ 1933 ) بقت شاخصة مثل من ينتظر نبؤته لهذا العصر الجديد .
والآن افترضها حية ومكتوبة لعصر مثل هذا في ظل المواسم الصاخبة للزمن الرئاسي والملوكي للمعمرين المتوارثين حنان الرب ليكونوا سلاطينا هم ومن يرثوهم والى الابد . لاولئك الذين تحملهم البارجات والاتين من وراء المحيط ، لشذوذ الفكر عندَ بعض صُناع ربيعنا العربي .لكثير من المتغيرات حتى ظن البعض ان العولمة هي البرابرة التي علينا ان ننتظرهم تخلصا من رتابة التيجان والهوس الجنسي لدى قائد ثورة الفاتح وغيره من الطغاة القساة.وبين البرابرة والاسكندر الاتي مع البوارج واجهزة الاي باد والطائرات المسيرة أتخيل الأمر في جنونه ومجونه وربيعه فأقف عند رغبتي بالهروب من هذا الانتظار لأحمل انوثة هذا الاسكندر في براءته قبل أن يكون جنديا او امبراطورا وأعيش لحظة تلقيه الدروس من معلمه الفيلسوف. فبين الدرس والطموح الموروث نعيش النقائض خاصة عندما تكون عقولنا مجيرة ومتطبعة لنمط خاص من الثقافة والعيش ولهذا كان معلم الاسكندر يعاني كثيرا في زرع مثالية الفلسفة في تلميذه والذي قدر له ان يزرعه في قلب الصبي هو منطق العبارة وبهذا المنطق استطاع ان يسيطر على اسماع جنده وبهم يغزوا العالم ويصل الى بابل ويلاقي منيته.
روح الرؤى في البرابرة والاسكندر واحدة .وانا اكتشفتها من خلال كتابة راويتي ( جينكيزخان ) وهو نمط معيشي للحياة البربرية قبل ان يغزو العالم ويصنع كما الاسكندر امبراطورية المغول الشاسعة والتي كانت من اقسى الامبراطوريات وكانت تسمى الامبراطورية ( عدوة الكتب ) حيث جعلت حبر كتب بغداد في مياه دجلة اكثر من دماء المقتولين من اهلها في عهد حفيد جينكيزخان ( هولاكو ). اكتشفت ان العبارة وحدها هي من كانت تقود المغول للانصياع لاوامر الخان وليس معناها .كان يسيطر عليهم بمنطق الصوت الموجود في الحبال الوترية في حنجرته وكان فقط ينوه لهم ان الاراضي الجديدة هي اراض للخمرة والماشية والنساء .وتلك المفردات الثلاث كانت كافية ليتحول المغولي الى اكثر برابرة الحروب عنفا وقساوة وهمجية وعنادا..!
صورة الاسكندر في منطقها كانت ارق من صورة الخان المغولي ولكنها يلتقيان في بربرية الاتساع بمساحته الامبريالية .غير ان الامر يختلف الان ، فصناعة البربرية قد تأتي من خلال فيلم سينمائي تمثل فيه اجمل نساء هوليود أو من خلال خطاب متلفز لاعلان حرب تقدمه في النشرة الاخبارية اجمل مذيعات السي ان ان او الجزيرة او الاسكاي نيوز..
متغير الرؤية يضغط على هاجسي أن ابتعد الان عن تلك الدهشة الغامضة بقصيدة البرابرة التي كتبها كافافيس واتخيل هاجسا صوفيا ورومانسيا لعالم اتمناه حديقة وليس فصيل جند……!
……………………….
دسلدورف في 9 كانون ثان 2013
3 / كافافيس ( العشق الإسكندراني )
ليس محنة أن تجد شفتيكَ مع كأس لاتتجرعه ، المحنةُ تكمن مع خد لاتشتهيه وقصيدة تكتبها قبل أن تكتبكْ .
ومع هذا ، ثمة ليل لك ايها اليوناني ، وتصرف كفيلسوف شاب ومخدر…………..!
هي المدينة المصنوعة من المرجان والسمك الفضي وقبلات كليوباترا .
لا المرأة ، ولا مخبر الأخوان في صلاتهما يمنعان حدودك القصوى الى البحر.
كن أنت يا لفافة التبغ لتمنحنا مزيدا من الشهوة مع هذا الشاي الساخن.
فأنت كافافيس.
قل للأسكندرية على فخذيك وشم لرعشة حرف عربي.
ورسم من تصاوير كنيسة أقباط الدير الأول.
قل لهم أن موسى لم يشق البحر من هنا .
ولكنه شق الثوب في بارليف.
قل لهم : أنا أحب هند رستم وهي وزيرة ثقافة ذكرياتي.
قل لهم ياكافافيس ولا تخشى شيئا..!
2
أنا .
وريث هيراقليطس.
سليل طائرات الخيال الآلهي في سماء طروادة.
أسمع صدى شجار في آخر الشارع.
سيدة تُعنف زوجها بسبب فراخ الجمعية.
شاب قبل الذهاب الى وحدته العسكرية يطعم فم عشيقته غرام السطوح.
اليهودي بائع الانتيكة يحسب جنيهات بطاقات السفر الى حيفا.
لم يعد لهم المكان.
المكان لك .
وحدكَ يعرف كيف يشتهيه..!
3
ليس لي من يشعرني ببهاء المخفي في القصيدة.
أنت ياموظف أضابير الزمن الهليني
القابع في الزاوية النصف مضاءة.
الاسكندراني الممتلئ باليونانية البعيدة.
هل لديك حاسوب.
لأريكَ
ما لايرى.
غلمان من سرية القيصر.
يحشون افواههم زغاريد عيد المرح في اثينا.
أما العشق في الأسكندرية ..
فعفته انه سري للغاية..
بالرغم انهم صوروا هنا قبل ايام فيلما عنوانه ( ابي فوق الشجرة..)
4
الحشاشون لديهم مقهى في أطراف الحي
لاتذهب اليهم .
لاتجالسهم.
خدودهم لاتليق بما توده.
ليست حمراء.
انها مبتلية بلمعان البرونز
بالرغم من ان البحر الذي قربهم ازرقا…!
أولئك أناس الأسكندرية …
البحر لايصنع ترفا جسمانيا لسكنته.
مادامت الحياة على الأرض مشقة وأغاني….!
5
كافافيس .
اليوناني سليل تجارة التبغ.
دخان الغرفة.
والمرايا.
والنقوش المنقوشة على الخشب.
تتحدث عن تواريخ غاية في السرية.
لا انوثة فيها.
ولا رقصات كبريهات شرقية.
كل ما فيها.
الوجوه التي تبحث عن احاسيسها في غرابة ما يتمناه الشاعر …
أن يكون الليل طويلا.
والمنشدون من أصل صقلي بقامات فارعة وصدور نصف عارية.!
…………………………….
الأسكندرية 2011
4/ كافافيس يبكي على مصر الآن..!
1
الآن في الغرفة المعتمة ، وفي حي شعبي بأسكندرية بطليموس وليالي شم النسيم وورائحة السمك المشوي .والكتب التي دونها الفنار بحبر قلم نابليون.
الرجل اليوناني القابع في قعر الكأس ليرى البلد التي يعشقها ( مصر ) ثملة معه قي قعر القصيدة .
تظاهراتها ، الجيش الفرعوني .ساحة الميدان .
وأم كلثوم.
سيرة الحب.
هي العشق بحقول البرسيم.
والذي سيحترق.
سيحترق في الايام القادمة.
مانشيتات الافلام
وذلك اللقب السحري ( ام الدنيا )
يقول كافافيس.
كانت أثينا مغرورة .
لهذا أحترقت بصواعق الهة غيورة.
ترى لماذا نغار من مصر.
والفقراء فيها ( منظرا ) رومانسيا رائعا.
بلد نصف افلامه السينمائية تتحدث عن قبلات الفم والرغيف.
والنصف الأخر أولئك الغلابة من فلاحي الصعيد والنوبة وخواطر توفيق الحكيم.
وهناك صلاة .
للآخوان .
والأهرام.
وعرفاء الجيش الذين قتلوا في سيناء.
وفي الليل.
مصر التي لاتنام.
في سهرة كافافيس.
خصر شهي لمراهقة قيصر في نهدي كليوباترا.
لكنهم يقولون أن هناك ثورة.
وان الرجل ( مرسي ) يرفض أن يغلع جلبابه.
لكنهم خلعوه.
يقول اليوناني : في صحة سفن التبغ والقادم من شرم شيخ وانطاكية……!
2
يكتب قصيدته.
الشاعر الذي نسى أن له أفخاذ من الرخام.
وان شفتاه تريد التواصل مع الخد الأغريقي.
وخد مصر الأحمر.
ساحة للنبال.
سيموت الكثير
واغلبهم من متبضعي بطاقات اليانصيب.
آه.
من وزارة العدلية الى البيت.
لايستطيع عكازي أن يفعل شيئا.
وخيام المتظاهرين بدأت تحترق…………!
3
الآن في الغرفة المعتمة .الشاعر يكتب يومياته غرامه بالتاريخ الهيلني.
وتاريخ مصر.
اكثر درامية مما مضى.
أنه يدرك .
أن مايجري.
عملية أغتيال مقصودة.
4
مصر هي مصر.
لكن الشاعر ليس هو الشاعر.
فمثله الكثيرون يكتبون في الغرف نصف اضاءه….!
…………………………..
دوسلدورف 14 تموز 2013
5/ أنحسار المتعة ( كافافيس والأسكندرية )…!
1
سيأتي البريد من اسبرطة .
يحملهُ سكران …
يترنحُ
من ليل بابل
حتى ينابيعَ سوسة.
ماذا هناك…
غير صمتٍ وسفينة تبغ.
وصبي بتنورةٍ عسكرية حمراء.
سيدلفُ من الباب.
تفضلْ .
واسترخي لحينَ تكمتلُ القصيدةْ ..!
2
آخر الشهر.
اليوناني الذي كان ثريا .
يتسكعُ في تاريخ اللذة.
لن يشتري اللحمَ هذا الاسبوع
ولكنه سيشتري البيرة اليونانية .
لانهُ مواطن ..
سيبيعوه بنصف الثمن.
سأعود الى بيتي باكرا …
لأني أعلم
البلطجية وعسس بجلابيب رمادية
لايعشقون من يحب قيصر وخدود جنوده الوردية….!
3
لم يحصل لي الشرف لأفهم ما تغنيه أم كلثوم جيدا …
وماريا كالاس لم تشتهر بعد.
هناك ربات النايات في مراعي كريت…
عذراوات الجزر المرجانية
هناك راقصات …
ولكن هذا لايستهوي الفحل الذي احملهْ
روحي الرقيقة بثوبها الشفاف
وقصيدتها الملتمعة..!
4
أعذروني.
لاصداقات لدي.
لن اتزوج.
لن اطلب تجديدا لجواز سفري.
باقٍ هنا.
أختم على الكأس بشفاه زجاجية.
أن تشظتْ اصبحتْ قبلاتْ..!
5
أسمع
صدى الموج.
نيرون احرق روما.
والاسكندرية
احرقها ظمأي الى الشفاه التي تعد خططا عسكرية ولهاث غرام.
الاغريق لايصحبون الاناث في حروبهم.
ولكن اغلب خيولهم من الاناث.
6
أنا قسطنطين كافافيس.
أشهد أني أعيش هنا.
على هذه الأريكة.
وعلى مساحة ليل من النور الخافت.
وأحتراما .
لتلك الأسكندرية.
اليوم أكتب نصا ثوريا وليس ذكوريا…..!
……………………..
6/ كافافيس ــ مِصرَ لم تعد مَصرْـ
1
عليك ايها الفلاح الأكدي أن تتذكر هند رستم ، قبلتها المعجونة بغرين الرافدين في فيضانهما .
صدرها الأبيض مثل مواسم تزاوج السمك ..
سيأتي قيصر …في المساء الخريفي.
وستستقبله زغاريد اعراس ختان الذكور.
الكهنة سيلبسون عباءات بلون القصب.
وبعضهن ستنسى امنية الليل مع يوسف .
فسيد روما هنا وليس غريبا ان تنجب بابل الف كليوباترا كل ليلة ..!
أنشدن يابنات اللبن الخائر شيئا من لذة الحنين في دهشة نعاس الدجاج.
الخيام منتشرة ..على الاديم القاري لاحلام البط .
صعايدة من اهل المنوفية ودمياط والشيراتون .
يقفون في طابور العمالة الوافدة.
شيخ ازهري يقلب موعظته بين عيون واسئلة .
مملوك تصدى لحملة نابليون يرتدي بنلطلونا حبشيا ويحمل جواله ويتصل بأسطنبول مستنجدا بعروبة اردوغان..
الكل …
هنا …
الكل هناك.
مصر المحروسة فداك.
قالوها لعبد الناصر.
ونحن قلنا لنبوخنصر :الانثى الارمينية شمسك ودنياك..!
مصر لم تعد مصر ..
يكتبها كافافيس ..
وعلى نغم واركيلة وكأس خمر.
راقصة بنهد مفتوح الازرار تحمل وشايتها للملك عن رعيته ..
الذي يحدث…
حدث…
سنقول للرئيس : في صحة الرائعة تحية كاريوكا وفطور الزنزانة الخالي من الدسم…!
2
يكتب كافافيس بقلمه الاسكندراني شيئا عن ملحمة طروادة واسطورة ابي فوق الشجرة.
يتحدث عن ساحة تحرير ، وقناصل اتين من جهة سيناء.
عصا موسى.
واخناتون .
وحاج متولي.
والفسيخ …..
يجتمعون اليوم بحانة امام سينما روكس..
يضعون دستورا لفراشات الفيسبوك…
لتطير محلقة في ربيع السلام وليس التكفير.
مصر لم تعد مصر.
يكتبها الشاعر اليوناني .
ويقرأها بأمعان اهالي ناحية الدير القريبة من البصرة…!
3
على هيئة عطر أتخيل تلك الانثى في فيلم الابيض والاسود.
اتخيل حياتي ..
ولن احتاج لمنجم دجال ليقول لي مصر هي مصر.
انا اكتشف هذا بفضل عشقي لحنجرة ام كلثوم ….!
……………………..
دوسلدورف في 13 / يناير / 2013
7 / السعادة الكافافية …اللذة المطلقة ..!
1
وهي تقرأ قصائد لم تنشر لكافافيس .. واحدة شعرت أمام المرآة بشيء …
اهتز بدنها …
ورغبة مشعة سكنتها مثل دمعة هيروشيما صبغتها بنعاس وسادة من حلمٍ شهي كرغيف خبز بفم متلهف للتذوق ، ومعها سكنت كل النوارس المحلقة بدموع من ملح فوق سفينة تاتانك الغارقة …
دائما كان سقراط يعتقد :أن الله نراه جيدا عندما تسكننا بهجة المرأة وتأمل العقل .واغراء الورد …
لهذا مع المرآة والأنوثة وشيئاً من عطر لحظة الشفتين في ذكورة تحسس تفاصيل الجسد .
بمقدور القمر الروحاني أن يهبطَ ويسكن طيات ثيابها وينظر الى العالم بلحظة المتأمل المشتهي …
اما سيدة المرآة ..قارئة كافافيس ، فهي الآن تضع مُدنها على خرائط صدري ..
ومثل دودة قز من ذهب تَنسجُ حرير قمصانها وتقول بصوتها المرمي :أيها الخياط اغرز إبرتكَ في قلب الثوب .ودع الأغراء يصيرُ جنتنا ……!
2
عشتروت كانت لبابلَ صورة الدهشة عندما البشر لا يحتاجونَ بعد يوم المحراث والمطرقة الى حضن ادفئ من نار طقوس المعبد كي تحرقهم بذائقة النسيان ليوم كامل من قسوة الكاهن والاقطاعي وتاجر القمح والملكُ الجائر …!
لهذا كان الحضن يشبه فردوساً من لحظة ذروة ..
ينعشهم في سبات الخدر الوقتي …
كل الليل كان الهمس يدور حول الوضع الشكلي لراحتنا …
على السطوح ..
في غرف الحجر …
في بيوت القصب ..
في الكهوف …
في خيام الصحراء ..
حتى في قعر الزورق …
كان الحلم على شكل جماع متجانس …
ومثل طواف حول الهيكل ..
كان الجسدان يطوفان ببعضهما .!
3
الروح هي ما نتخيله في حاجتنا لشيء ..
ودائما كان الفقراء يرون اقصى لذتهم السعيدة …
في الدرهم المضيء والحضن المشتعل …!
4
أمام المرآة …ومع ىخر قصيدة للشاعر اليوناني قبل موته
التفاصيل كاملة …
تضاريس ما صنعه الله بعناية ..
ما خلقه كي يصنع معنى في الجماد الكوني الصامت قبل خلق آدم …
كانت حواء وما زالت المنطقة العطر ، النار ، الغضب ، الحنو ،الوسادة . راحة الليل والكلام المعسول برغبة أن ننسى ما كان لنبدأ فيما يكون …
دائما كانت حواء ..النازلة والصاعدة من سلالمنا …
وكل هبوط له سبب ..
وكل صعود له غريزة ..ذكورية
وفي النهاية …
المشاركةُ الوجدانية والحسية والجسدية تصل ذروتها في لحظة ذاك التفكير الأول بخلق العالم .!
5
السعادة …
لاتعبر عنها الأبتسامة …
تعبر عنها الراحة ..
في اللحظة التي يشعر العصفور وعصفورته ..
انهما في هكذا ضجعة فاتنة ..
لم يعُد العش يسعهما .!!
……………………………..
المانيا في 2 ابريل 2010
8 / كافافيس : ( جسد ذكوري بعطر النعناع ) …
)) يلحظ المرءُ في قصائد كافافي المتأخرة ( شواهد أسلوبيته المتأخرة ) ، تلك القدرة المذهلة على إثارة الخيبة والبهجة معاً ، بدون حل التناقض البيِّــن بينهما ((
الشاعر سعدي يوسف
1
خببٌ يمشي في أجسادنا كما رعشة ضوء نجمة تحت أضلاع وسادة ، وهكذا هو الثمل الشاب ، يبحث عن رغبة أخرى وينسى رغبته .
كم هي الساعة …؟
هناك ثمة فحل إغريقي ينتظركم مع سيفه عند بوابات بغداد ..
هناك ..إبريق الشاي ، ولفافة الحشيش ، وثياب قيصر ستصنع له المتخيل الجميل أن يكون هو في العاصفة ..
تداعب الرياح شعره الأسود الطويل ..
وتحت ظل سدرة أدم الجنوبية ..
بط ذكوري يلحسُ أصابعه في نومته الهادئة…
2
عاد من عمله . لم تكن هناك امرأة فارعة وبجسدها المذهب ،ستفتش في عينيه عن ليلة طويلة.
انه في نشوة أخرى تخشاها حتى الدبابات وهي تكرع أمام عينيه خمرة دجلة الطازجة ..
لاهياً في تخيل شهوته ..
أن يكون هو بفتنته الطافحة على خدود المساء…
غنجهُ مثل كبرياء اله بابلي .
لا يحب السياسة
ولكنه حتما مفتونا بتقبيل الورد..
الورد الذي حدائقه شفاه القبلة ..
ومساءه صعلكة المنافي ..
هناك كانت لنا طروادة ، ومجلس شيوخ بنظرة ساحرة ، وخجل أحمر مثل راية سوفيتية..
عاد من عمله ..
خلع كل ما عليه ..
ولبس حسية الشعر الصوفي ..
وكمن يغيب عن الوعي
أطلق نحيب أسطورته ..للرجولة التي تحب خنجرها …
3
البرابرة لا يشتهون النساء ..
انهم يشتهون الخيول ..
كانوا هؤلاء برابرة الأمس ..
برابرة اليوم يشتهون دوران القفى اتجاه عارضات الأزياء وبنات الملاهي وعاقدات العزم على كتابة أنشودة المرأة التي سرقت لبَ يوسف…
يتذكر في عسكريته القديمة كم سمع في ساحة العرض قبل النفير أية يوسف ..
وعن ظهر قلب حفظ قصته كلها ..
لكنه الآن في شهيته الغامضة من يسمع خلجاته ..
فقط النعناع البري ..
وأحمر الشفاه الغامق ….
4
غنج مستعار من المكتبة العامة ..
تريد أن تشتريه الرئاسة ..
من صورته العلنية أرادوا أن يحققوا التوازن في المجتمع ..
فلقد اجتاحت عولمة الجسد الخشن المجتمعات البدائية ..
واليوم تزحف علينا ، من خلف الحدود ..
كما البرابرة الذين سيأتون
وفي انتظارهم ستكون خواتمنا المائعة وخدودنا الباردة ..وحميمة الفراش الستن …
5
في ظلمة الغرف الدافئة ..
تعلق الذكريات صورها المؤطرة بموديل التسريحة الإيطالية ..
كان لمصوري الفوتغراف في بلدنا عيدا وطنيا يشبه عيد تحرير باريس..
الآن أعيادنا هو خوف الأولاد الصغار من لبس التنورات..
انهم يتجاهلون ما كانت ترينا الأفلام إياه ..
المحاربون بملابسهم فوق الفخذ ..
هناك ..
في ظلمة السينما ..
الأناث يدغدن خواطر الشباب ..
والشباب يبحثون عن مجد روما في أزقة أور ..
6
أنا كافافيس ..
ولدت في نينوى بعد عام من مغادرة يونس بطن الحوت ..
اشتهي النعناع بجسده الأخضر ..
والفلفل في حرارة قبلاته
والسيف في وجعه ..
دائما أفكر في عزلة المدينة وما انتهت أليه ..
ودائما ارتعش من نهاية القصائد التي تلج في جسدي وتصنع ذكورة لجسد نال مدائح أفلاطون كلها ..
7
ولد رامسفيلد بآلف ذنب كما ابن أوى في مؤخرته ريش دجاج ونوط من حرب فيتنام ..
أنا اليوناني الحالم بالعوم في نهر الحلة ..
نوطي من حرب عبادان ..
هناك في الجبهات الصاعدة إلى دموع الأمهات بسلالم من صفصاف بيوت المندائيين ..
سنقيم لكم ضريحاً شاهقاً ..
انتم المترفون من حرارة العناق ..والنوم على الرمل ، وتحاشي شظية المدفع ..
انتم بأجسادكم البرونزية وحواسكم المذهلة ..
وحدكم من تجيدون العراك على السرير وساحة الحرب ..
وهذا ابن أوى ..ليس له سوى مواخير قرى الهنود الحمر …
………………………….
أثينا / صيف 2009
9 / عضلات صدر كافافيس ..أغصان شجرة
1
يقفُ مع عادتهِ السرية ..في محاكاةِ ظلٍ قديم…
خدهُ الناعم مثل الموسلين الأحمر…
يغدو من لمعانهِ تفاحة ..
وكافافيس لايقضمها .
يتركها لنهاية القصيدة
2
أتخيلُ موعظتكَ الأولى…
لاتمسكْ بهجتكَ برعشةِ قلم
إمسكها برعشةِ شفتيكْ.
تنال من أبولو نظرة غرامية..
في ظهيرة بغداد .
وحدي…
الآرائك تصاحبُ الغبار.
رجل البلدية.
والشرطي العازب.
والشمس.
هناك حكايات مخبئة عن أنوثة في البتاوين.
تغار منها بنات الأسكندرية وأثينا.
غدا …
سأرحل.
خذ كتابي اليكَ
وهات خدكَ…
غصن الشجرة يتدلى.
من عروق المِسك.
الى ظلمة الليل الحبشي.
هناك الشاعر الصقلي.
يدعونا الى مأدبة شاي .
وذكور يرقصون في حفلٍ أغريقي……!
3
هات ما عندكْ.
ستجدني في الزاوية التي تريدها.
ولكن بدون ضفائرك لاتأتينَ أرجوك…..!
4
الصوت الخفي.
القادم من صباحات البحث عن هويتنا .
نحن بقايا نهاية حرب طروادة.
هذا المدافع لاتليق بشرفنا.
لقد كنا نتقاتلُ بالقبلات……!
5
عضلات صدر كافافيس ..أغصان شجرة
متعة خيالية في تصفح مجلة لازياءٍ الرجالية.
صدرت في باريس للتو…
وبيعت في الصين على عجل…
أقول لكم .
الصفحات الملونة ستحمل الى اسبرطة خبرا عاجلا…
بغداد تعرضُ صدرها لفحولة مفخخةٍ غادرة.
وعلى الشاعر أن يأخذ أجازة زمنية ويعود الى ذات الغرفة
يشتمُ في البرابرة…….!
……………………
أثينا تموز 2009
خاص الكتابة