شارون أولدز
ترجمة: نزار سرطاوي
خارج نافذة منزلها، راحت شجرة سروِ
تتمايل بترفٍ تحت وطاة الرياح
التي تهب من المحيط الهادي. ولكي أقول
لأمي أن زوجي سيتركني …
اصطحبتها في نزهةٍ ممسكةً بيدها
النحيلة مثل مخلبِ عصفورٍ صغير، واشتريت لها
قطعةً من الدونات وشبكةً للشعر وأشبعتُها. على شجرة
الماغنوليا العتيقة في الضباب، بدت الأزهار والبراعم كأنها
الأقمارُ كلّها – البدرُ والقمرُ الأحدب والهلال – وقد اجتمعتْ
في ليلةٍ واحدة. كنتُ قد مرّنت نفسي على الحديث،
لأطلعَها على الحقيقةِ على مهل،
كي أُعِدّها للأمر. وفي اللحظةِ التي أخبرتها فيها
نظرتْ إليّ وقد أصيبتْ بالصدمةِ والفزع.
وصرخَتْ: لكن متى سأراه ثانيةَ؟!
شبكتُ يديَّ بيديها،
ووقفنا بثباتٍ وأنا أداعبها. فوق شجرة التنوب، من وسطِ
الضباب الساحلي أومضَتْ للحظةٍ خاطفةٍ نجمةٌ
ضئيلةٌ رمليةٌ جافة. ثمّ
لهُنَيْهةٍ اعترى بدني بأسرِه الشعور
بأنني حبّي لم يكن كافيًا – أكاد ألمح
الهيئةَ الطويلةَ لزوجي
تتمثل طيفًا. لم أعرفْهُ،
لم أفعلْ شيئًا من أجل ألّا أفقدَه، وفقدتُه،
وقلت ذلك لأمي. ويبدو جليًّا من خديّها
المعذّبيْن الممتلئيْن بالأسى ومن عينيها الطفوليتين كما
بحيرةٌ جبليةٌ أنها تحبني. إذًا ذهب الرجال،
وها أنا أعود إلى أمي. كنتُ دائما أتحسّب من أن ذلك ما سوف يحدث،
تصورتُ أنه سيكون رعبًا خالصًا،
لكنْ هذا بيتي، المنزلُ الذي تمتلكه أمي
وكذلك الحديقةُ والأرضُ والزيتونُ والصفصاف،
الزانُ ونبتةُ السحلبية، ومثقلة الورق
المرشوشة بالأوبال، وفي داخلها أذرعُ
سحابةٍ سديمية تملأُ سماءَها بصراخ خافت.
————————
telling My Mother
Sharon Olds
Outside her window, a cypress, under
the weight of the Pacific wind,
was bending luxuriously. To tell
my mother that my husband is leaving me …
I took her on a walk, taking her fleshless
hand like a passerine’s claw, I bought her
a doughnut and a hairnet, I fed her. On the gnarled
magnolia, in the fog, the blossoms and buds were like
all the moons in one night—full,
gibbous, crescent. I’d practiced the speech,
bringing her up toward the truth slowly,
preparing her. And the moment I told her,
she looked at me in shock and dismay.
But when will I ever see him again?!
she cried out. I held hands with her,
and steadied us, joking. Above her spruce, through the
coastal mist, for a moment, a small,
dry, sandy, glistering star. Then I
felt in my whole body, for a second,
that I have not loved enough—I could almost
see my husband’s long shape,
writhing up. I did not know him,
I did not work not to lose him, and I lost him,
and I’ve told my mother. And it’s clear from her harrowed
sorrowing cheeks and childhood mountain-lake
eyes that she loves me. So the men are gone,
and I’m back with Mom. I always feared this would happen,
I thought it would be a pure horror,
but it’s just home, Mom’s house
and garden, earth, olive and willow,
beech, orchid, and the paperweight
dusted with opal, inside it the arms of a
nebula raking its heavens with a soft screaming.
——————————-
شارون أولدز شاعرة أميركية معاصرة ولدت في مدينة سان فرانسيسكو بولاية كليفورنيا في عام 1942. إلا أن عائلاتها انتقلت إلى مدينة بيركلي في الولاية نفسها. كان والدها مدمنًا على الحول، وكثيرًا ما كان يعامل أطفاله بقسوه، لكن أمها لم تكن تجرؤ على مواجهته. بعد أن أنهت دراستها الثانوية، التحقت أولدز بجامعة ستانفورد، حيث حصلت على شهادة البكالويوس.
في عام 1968 تزوجت من الطبيب النفساني ديفد دوغلاس أولدز، وأنجبت منه طفلين. وفي الجانب الأكاديمي تابعت دراستها في جامعة كولومبيا، حيث حصلت على درجة الدكتوراة في عام 1972. بدأت كتابة الشعر بعد حصولها على الدكتوراه. أما حياتها الزوجية فقد استمرت حتى عام 1997، حيث انفصلت عن زوجها بالطلاق، بعد زواج دام نحو 29 عامًا.
فازت أولدز بالعديد من الجوائر منها أول جائزة يمنحها مركز الشعر لمدينة سان فرانسيسكو لعام 1980، وجائزة دائرة نُقّاد الكتاب الوطني عام 1984، وجائزة ت.س. إليوت للشعر لعام 2012، وذلك عن مجموعتها الشعرية “وثبة الظبي” . وهي أول امرأة تفوز بهذه الجائزة المرموقة، التي تُمنح كل عام لديوان شعري شريطة أن تصدر طبعته الأولى في بريطانيا أو إيرلندا. ويشتمل ديوان “وثبة الظبي” على سلسة من القصائد تصف مشاعر الحزن العميق الذي يرافق الطلاق، ورحلة العودة البطيئة المؤلمة بعده إلى الحياة الطبيعية. وفي عام 2013 فازت بجائزة بوليتزر. كما فازت في عام 2016 بجائزة والاس ستيفنز.
صدرت مجموعتها الشعرية الأولى يقول الشيطان في عام 1980، وقد نالت هذه المجموعة جائزة مركز الشعر في فرانسيسكو. أما مجموعتها الثانية الأموات والأحياء (1983) فقد حازت على جائزة دائرة نُقّاد الكتاب الوطني وجائزة لامونت للشعر. وقد صدر لها بعد هاتين المجوعتين حوالي 13 مجموعة، من بينها “الخلية الذهبية” (1987)، “الأب” (1992)، “الدم” (1999)، “شيء سري” (2008)، قصائد (2016). وقد نشرت قصائدها في عدد من المجلات الأدبية الأنثولوجيات الشعرية.
يذكر أن أولدز رفضت في عام 2005 دعوة تلقتها من السيدة الأولى للبيت الأبيض لورا بوش لحضور مهرجان الكتاب الوطني في العاصمة واشنطن. وقد ردت على الدعوة برسالة مفتوحة نشرتها مجلة ذي نيشن في عددها الصادر في 10 تشرين الأول / أكتوبر عام 2005. وقد جاء في نهاية الرسالة:
“إن الكثير من الأميركيين الذين كانوا يشعرون بالفخر ببلادهم قد أصبحوا الآن يحسون والألم والخزي بسبب النظام القائم – نظام الدماء والجراح والنار. لقد تصورتُ المفارش النظيفة لطاولاتك والسكاكين اللامعة ولهب الشموع، ولم أستطيع أن استسيغ ذلك.”
تعمل أولدز في تدريس الكتابة الإبداعية في جامعة نيويورك.