عناق مواسي*
مُذ عرفتكَ
أفتحُ كلَّ صباح
في صدري قوسيْن
لأضع (عينيْك والطيور المُهاجرة)
وأفتحُ كتابيَ للشمسِ
وأشكُل كلَّ المفردات
بتنوين الضمِّ
أتناول صباحاتي مع العصافير
أشاهد كيفَ يذوبُ الندى مع السكّر
وتضحك عيناك على رغوةِ القهوةِ
*
وأنتَ ترمي حجرًا
يصيرُ المستنقعُ مدارًا للكواكب
يغيّر التيّار مسارَهُ
نحوَ الشبكةِ
ويراقبُ الصيّاد سحابةً تدور مع الماء
أشتهي أن نوقدَ النارَ على ضفافِ المدارِ
ونأكلُ كستناء
والظبيات يتقافزن كالفراشات
*
أحمل عصايَ والندَى
وأمشي
أمشي إليكَ بساقيْن مغمضتيْن
وعيناي هدي الطيفِ وأوّل الندى
أترك القطّةَ تموءُ في الحريرِ
والأوراقُ التي بعثرتَها الريحُ
مخبّأة
في ديارِنا حين نقرّر السفر
نغضّ البصرَ عن الرجال
وعن الجمال
ونخفض الصوت حتى الخرسِ
شيطان يتكلّم بالإيماء
وآخر يتلعثم بالحقّ
في ديارنا حين نودّ السفرَ إلى الحبيب
نشارك الحبقَ الموكب
من أرض المجاز
ونمشي أسراب حمام مهاجرٍ
لا يلتفتُ نحوَ الريح
في ديارِنا
تفتح السماءُ أبوابَها للدّاعينَ
وتُغسَلُ الخطايا في الدموع
وتُترَك لتجفّ في الشمس
في ديارنا النساء يمشّطن شعورَهنّ بالسنابلِ
ويجفّ العطرُ على أيديهن
كما تترك أعواد القرفةِ المذاقَ في المدقّ
ويئدنَ الشوق في مواكب القمر
*
بقلبٍ واثقٍ في الجنّة
استدعاني الله لمحادثة شخصيّة
استجابةً لطلبي حينما باغتني عزرائيل
كثيرًا ما يؤجّل لقاءَه بي لصالح جسد آخرَ
فيتعب قبلَ أن يصلني
في السابعة والتسعين
وصلني بموكبٍ من حرير أبيض
ووردٍ أبيض
قلت له:
خذني إلى الله بجناحين من النور
في قلبي كلام له وحده
من سجلّ الخطايا
الله يا ذا الجلالة
أنت الرحيم،
أسمعتك أنيني في جوف الليل
وأرسلتُ لك عصفورةَ الجنة
حين أتْبَعُتُ الخطايا
بكوبِ ماءٍ لقطّة تموء في البردِ
بلهفةِ عاشق تائهٍ في الدجى
بلقمةِ جائعٍ على مائدةِ الحبّ
وأكثر
وأكثر
ها أنا بين يديك
هلْ قلتَ لي،
لماذا أدخلت الآلهة في قميصي
وقلت لي انتظري؟
لماذا أجريت المحيط إلى كأسي
وأبقيتني عطشى؟
لماذا سافر السحاب على جناحي ولم أرَ المطر؟
لماذا مرّ العمر مُرًّا فوق شفاهي وفي قلبي كلّ عسل البراري؟
يا إلهي
هلّا غفرتَ أخطائي الكتابيّة
وزلّة قلبي حينما قرأتُ تراتيلَ العتاب؟
………………….
*شاعرة من فلسطين
** من مجموعة قصصية قيد الإصدار
