مديرة «اليونسكو» الجديدة إرينا بوكوفا: فوزي علي فاروق حسني ليس له علاقة بالعلاقة بين الشمال والجنوب

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

حاورها في باريس: هادي يحمد

بابتسامة مرحبة ودفء فيه الكثير من تلقائية وتواضع سكان أوروبا الشرقية استقبلتنا «إرينا بوكوفا» المديرة الجديدة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم ( اليونسكو ) في مقر المنظمة بباريس، كانت متشوقة ومتأسفة في الوقت نفسه لردود الفعل التي لحقت انتخابها في العالمين العربي والإسلامي. كانت طوال الحوار تسعي إلي إيصال رسالة مهمة إلي كل الذين نافسوها وإلي أنصار فاروق حسني في العالم العربي، خاصة أنها «ليست مرشحة الشمال» وأنها «من بلد ( بلغاريا ) لا تبعد كثيراً أحواله عن أحوال العالم العربي» بل إنها نشأت في قرية بلغارية غالبية سكانها من المسلمين.

حملنا إلي «إرينا بوكوفا» كل التخوفات وردود الفعل المتشنجة أحيانًا والقلق أحيانًا أخري والذي شاع وسال حبرا علي أعمدة الصحف وفي الساحة الثقافية والسياسية العربية بعد انتخابها فعملت طوال خمس وأربعين دقيقة تقريبا – هو عمر الحوار – علي توجيه رسالة في شكل نداء عاجل إلي من يهمه الشأن مفاده «لست كما يتصورن »!.وفيما يلي نص الحوار :

> أنت أول امرأة تصل إلي مركز مدير اليونسكو منذ نشأتها، فكيف تعيشين هذا الحدث؟

– باعتباري أول امرأة يقع انتخابها لمنصب مدير اليونسكو أشعر بالفخر وأعتقد أنها إشارة إيجابية جدًا بالنسبة لكل النساء في العالم وليس النساء فحسب فالرجال كذلك، لأن تحقيق المساواة بين الرجال والنساء يعتبر أحد أولويات اليونسكو، وهو الأمر الذي تسعي المنظمة إلي تحقيقه في مناطق عديدة من العالم.

 

فعندما ننظر إلي هيكلة اليونسكو وغيرها من منظمات الأمم المتحدة لا نجد الكثير من النساء في مراكز مهمة، وأعتقد أن جزءاً من نجاحي في هذا المنصب هو انخراطي المبكر في كل ما يتعلق بالمساواة بين المرأة والرجل خاصة في مجال التعليم لأننا عندما نتكلم عن المساواة لا نتحدث هنا عن وصول المرأة إلي مراكز القرار فحسب ولكن أيضا وبشكل أهم لتمكين المرأة في العالم من إمكانية التعلم والفرصة في العمل وتمكينها من الفرصة نفسها من أجل الحصول علي المعلومة ومن الفرص نفسها من أجل مواصلة تعليمها وهذا لا يلغي دور المرأة باعتبارها أماً وباعتبارها زوجة بما يعنيه هذا الأمر من تحمل مسئوليتها كأم ومسئوليتها كزوجة من أجل تحقيق التوازن في حياتنا الأسرية.

 

انطلاقًا من هذا كله أعتقد أن انتخابي كمدير لليونسكو هو إشارة إيجابية بالنسبة لكل النساء اللاتي يسعين إلي احتلال مراكز مهمة علي الصعيدين المحلي والدولي.

 

> الآن وأنت مديرة اليونسكو، ما الرؤية التي تطرحينها من أجل تنمية معني التعددية الثقافية في العالم ومناهضة كل أشكال الإقصاء والتمييز والتهميش الثقافي؟

 

– أعتقد أن اليونسكو «هي ضمير الإنسانية» كما قال يوما «جواهر لال نهرو» المفكر والسياسي الإنساني الهندي، ولهذا السبب وفي اعتقادي كنت من الداعين في حملتي الانتخابية في زمن العولمة هذا إلي «إنسانية جديدة» للقرن الواحد والعشرين من أجل عمل اليونسكو وهو ما دعا البعض إلي طرح سؤال ما تعنون «بالإنسانية الجديدة»؟ ونحن نعتقد أن «الإنسانية الجديدة» هي بالذات احترام «التنوع الثقافي» للعالم وهو ما يؤدي بالضرورة إلي تسامح أكثر تجاه الآخرين وتضامن أكثر معهم. وفي زمن الأزمات الذي نعيشه في الوقت الحالي: أزمات مالية واقتصادية وأيضا أخلاقية وهي أزمات تمس المجتمعات الأكثر هشاشة، فإن دور اليونسكو مهم جدا وأساسي من أجل توجيه هذا النداء من أجل عالم أكثر تضامنا وتسامحا ومن أجل أن تعطي البلدان الغنية أكثر إلي البلدان الفقيرة وأيضا داخل مجتمعاتنا ذاتها من أجل تأكيد مبدأ العدالة الاجتماعية. وأعتقد أنه لما نتحدث عن التربية وفتح المجال للمعرفة الثقافية والحصول علي المعلومة وتحقيق العدالة الاجتماعية فإني أعتقد أن اليونسكو يمكنها أن تقوم بالكثير في هذا المجال. ويجب أن نعترف أننا قمنا في إطار المنظمة بالكثير من المشاريع حتي الآن وأنا أتحدث في هذا الإطار خاصة علي اتفاقية حماية وتعزيز التنوع الثقافي سنة 2005 ( وهي الاتفاقية التي رفضت توقيعها كل من الولايات المتحدة وإسرائيل) وهي الاتفاقية التي نحن بصدد العمل علي تجسيدها في الوقت الحالي ومن أجل إيجاد الشركاء لتحقيقها علي الصعيدين الدولي والمحلي وهي اتفاقية من شأنها أيضا أن تعطي الفرصة للبلدان النامية وتطوير ثقافتها.

كما يمكنني هنا أن أذكر اتفاقية الحفاظ علي التراث اللامادي ( التقاليد والاحتفالات الدينية الشفاهية والشعبي) سنة 2006 حيث تجري هذه الأيام ندوة في مدينة أبو ظبي التي اتخذت خطوات من أجل تسجيل تراثها اللامادي وكنت سعيدة للذهاب إلي أبو ظبي بعد دورة بلغاريا السنة الماضية لولا التطورات الأخيرة وما تلاها من انتخابي. وأعتقد أن عقد ندوة من هذا النوع في مدينة أبو ظبي أمر جيد ويؤكد حرص الدول العربية بشكل عام علي الحفاظ علي التراث المادي وأيضا اللامادي للإنسانية. أعود إلي سؤالك بشأن مشاريعي المستقبلية لأقول إن من مهام اليونسكو أن تكون بمثابة الشاهد وأن تشرك أكثر المثقفين وأن تكون ظاهرة أكثر لأنه وللأسف فإن عمل اليونسكو كمنظمة ليس ظاهرا بما فيه الكفاية حتي الآن من أجل التشجيع علي احترام التعددية الثقافية والدفع بمبدأ التسامح ونبذ كل أشكال التمييز.

 

> علي ذكر نبذ كل أشكال التمييز وكما تعلمين فإن ظاهرة الإسلاموفوبيا ومنذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر تفاقمت خاصة في البلدان التي تحتوي أقليات مسلمة، فما الرؤية التي تحملينها كمديرة جديدة لمواجهة هذه الظاهرة؟

 

– أعتقد أنه من المهم جدا التذكير دائما بأن اليونسكو تقوم بالعديد من المجهود من أجل «بناء الجسور» بين الثقافات والشعوب وبالتالي دحض ومقاومة كل أشكال العنصرية والتمييز وأعتقد في هذا المجال أن الإسلاموفوبيا ظاهرة خطيرة وتستدعي التصدي مثلها مثل كل أشكال العنصرية والتمييز. وأستطيع القول إنني مستعدة علي المستوي الشخصي كمديرة لليونسكو من أجل الحد من هذه الظاهرة. فأنا قادمة من بلد ( بلغاريا ) والذي كان دائما بلداً متنوع الثقافات ومتنوع الأجناس والأديان، وفي بلغاريا لنا أقلية تركية مسلمة كما لنا أيضا بلغار مسلمون متعايشون مع بقية السكان منذ أمد طويل. وأود أن أكشف لكم أني قادمة من قرية صغيرة، حيث عشت مع عائلتي ويمثل المسلمون في القرية 80% من عدد سكانها، وفي هذه الأجواء قضيت طفولتي وعطلاتي المدرسية كما كنت أتردد أيضا في تلك الفترة علي منزل جدتي لامي التي كانت تسكن في حي المسلمين وبالتالي فإن حياتي كانت مطبوعة بهذه الحياة المتعددة الثقافات والاحترام للآخرين.

 

تجربتي الذاتية إذا كانت تشجعني علي هذا المنحي وأعتقد أنه من الضروري أن يكون عندنا هذا الحس متعدد الثقافات ولهذا السبب كنت دائما مناهضة للنظرية التي تقول بـ«صدام الحضارات» وربما ساعدني سفري الدائم بين العديد من البلدان ورحلة بين حوالي 47 بلدًا ومن بينها العديد من الدول العربية والإسلامية علي ترسيخ هذه الفكرة، ففي جميع رحلاتي وأينما ذهبت اقتنعت أننا متماثلون في الرغبات والطباع والطموحات وأن لنا كبشر الهموم نفسها وأن لنا الرغبة نفسها في تربية أبنائنا وتطوير مجتمعاتنا والحصول علي مزيد من العدالة الاجتماعية وأكثر ما يمكن من الإنسانية والمزيد من التضامن، وأعتقد أنه من هذا المنطلق فإنني سأعمل وفق هذا الخط في المستقبل، وهي الرسالة التي أردت إيصالها من خلال كامل حملتي الانتخابية لليونسكو ومن خلال حواراتي، وهو الأمر الذي سأعمل علي مواصلته.

 

> في خصوص فكرة صدام الحضارات التي ذكرتها آنفا والتي برزت أصلا من أجل وضع «الإسلام» من ناحية في مواجهة الإنسانية من ناحية أخري، كيف السبيل برأيك للخروج من هذه الثنائية المخاتلة والمغالطة؟

 

– لقد التقيت في بداية سنة 2000 عندما كنت في الولايات المتحدة «صموئيل هنتنجتون» مؤلف نظرية كتاب «صدام الحضارات» وقلت له في ذلك الوقت إنني معارضة لتوجهه هذا. ولا أوافق علي هذه الفكرة لأني لا أعتقد أن المواجهة حتمية بين البشر لمجرد أن لهم رؤي مختلفة، وبالتالي فإنني أعتقد أن النقاش والحوار كفيلان بالتواصل بين البشر حتي إن لم نصل إلي رأي موحد أو لم نصل إلي الأفكار نفسها. يجب الاعتراف باختلاف أفكارنا وبطرق عيشنا وأحيانا بطريقتنا في التفكير وبالتالي وفي إطار احترام مبدأ الاختلاف تنبع إنسانيتنا ولأننا نعيش اليوم في زمن العولمة فإن همومنا أصبحت متقاربة أكثر من أي وقت مضي، وبالتالي يجب علينا أن نبحث عما يقربنا أكثر من بعضنا البعض واليونسكو يمكن أن تقوم بدور أساسي في هذا المضمار باعتبارها منظمة تهتم بالتربية التي يمكن أن تمكن الأجيال القادمة من تربية حقوق الإنسان والتسامح والنضال ضد العنصرية وهي مبادئ يجب اعتمادها في المدارس منذ المراحل الأولي من التعليم الأساسي.

 

لليونسكو دورها أيضا من أجل التنمية الثقافية والتركيز علي أن للثقافة دوراً تجميعياً لا أن تقسم الشعوب وتعاديها بعضها ضد بعض، ويمكننا في هذا الإطار أن نستحضر تجربة بلدان البلقان وما عاشته من حروب، وبالرغم من أن المشاكل لم تحل نهائيا في هذه المنطقة فإنه وبفضل المجهود التي تقوم به المنظمات الدولية خاصة اليونسكو نشاهد اليوم بوادر إيجابية للعيش المشترك ويمكننا أن نستحضر هنا برنامج «الأروقة الثقافية لجنوب شرق أوروبا» ( 2005 ) والذي بادرت اليونسكو بتنظيمه في بلدان البلقان والذي أقر لقاءً سنويًا بين جميع رؤساء بلدان البلقان من أجل إرساء برامج ملموسة من أجل الثقافة والتبادل السياحي والأثري ومن أجل إنشاء مشاريع مشتركة بين هذه البلدان بالاستعانة بالثقافة والتاريخ، ومن أجل إثبات أن هذه العوامل الثقافية والتاريخية يمكن أن تكون عوامل تقارب لا تفرقة بالرغم مما نعلمه من حساسية هذه المنطقة وتعقيداتها التاريخية والجغرافية والإثنية والدينية. أعتقد أننا بدأنا بداية جيدة وبدأنا نجني آثاراً إيجابية. فالمبادرات التي تقوم بها منظمة اليونسكو في هذا المجال تثبت أننا نستطيع أن نحقق نتائج إيجابية علي المستوي الأخلاقي والسياسي والثقافي خاصة بإدماج أكثر للمثقفين من مختلف البلدان.

 

وفيما يتعلق بالعالم العربي الإسلامي بالذات والذي هو محور السؤال فأنا أعتقد أن هذا العالم تلعب فيه الثقافة دورًا كبيرًا جدًا ليس فقط لأن للثقافة دوراً محوريا منذ آلاف السنين في العالم العربي – الإسلامي، ولكن أيضا لأنني أعرف هذا العالم جيدًا وعن طريق التراث الضخم والمتاحف التي تشهد علي ذلك وأنا شخصيًا ومن خلال عملي في باريس عشت فترات ممتعة جدا في معهد العالم العربي بباريس حيث لم أستمتع فقط بالمعارض الدورية التي ينظمها المعهد والتي تكشف غني الثقافة العربية الإسلامية وهي ثقافة إنسانية في أبعادها ولكن أيضا بالمحاضرات والحوارات. وبالتالي فإنني مقتنعة أن من مهامي كمديرة لليونسكو هو إظهار إشعاع وغني هذه الحضارة الكبيرة وأنا متفائلة بصواب هذا التوجه وبإمكاننا عمل الكثير من البرامج في هذا المجال ومن أجل خلق توجه جديد في العالم كما نراه. فاختيار امرأة علي سبيل المثال علي رأس اليونسكو لم يكن أمرًا عاديًا منذ سنوات خلت والتغيير السياسي الذي عاشته الولايات المتحدة الأمريكية عن طريق الإدارة الأمريكية الجديدة التي مدت يدها إلي العالم الإسلامي، كل هذا منح مناخًا إيجابيًا في العالم والذي تغلب علي منطق العنف والقوة لأني لم أكن يوما مقتنعة أنه عن طريق القوة يمكننا أن نغير العقليات وكنت مقتنعة دوما أن التغيير يتم عن طريق الفكر والحوار.

 

> بالرغم من حرصك علي ثبات انخراطك في التشجيع علي حوار الحضارات وتأكيد التنوع الثقافي فإن صعودك كمديرة لليونسكو علي حساب «فاروق حسني» وزير الثقافة المصري اعتبره العديدون في العالم العربي كونه تأكيداً للفجوة بين بلدان الشمال والجنوب خاصة أن فشل فاروق حسني يعد الثاني من نوعه، ممثلاً عن العالم العربي وإفريقيا، فهل أنت ممثلة الشمال علي حساب الجنوب؟

 

– لا أبدا، لا اعتقد ذلك ! فأنا أولا مرشحة بلغاريا والتي هي ليست بالمقاييس المعروفة بلدًا ينتمي للشمال، بمعني أن بلغاريا لم تكن يوما بلدا استعماريا وأحيانًا عندما أتحدث مع أصدقائي الأفارقة أقول لهم إننا في بلغاريا كنا أيضا ضحايا مؤتمر برلين ( عقب الحرب العالمية الثانية ) والذي غير خريطة العالم والمستعمرات والذي كانت له نفس الآثار السلبية فينا نحن كبلغار ( ضم بلغاريا إلي المعسكر الشيوعي الشرقي بالقوة ) وبالتالي أستطيع القول إننا كبلغار عانينا أيضا كثيرًا وكان لنا نفس مصير المستعمرات تقريبا. . هذا القول لا يلغي انضمامنا مؤخرا إلي أوروبا، وكان هذا دائما طموحنا وتم ضمنا منذ حوالي عامين ولكننا إلي اليوم نعيش مرحلة انتقالية وما زلنا نعيش مشاكل العالم النامي وأعتقد أن مستوانا المعيشي لا يختلف كثيرًا عن مستوي العديد من بلدان العالم العربي فضلا عن قربنا التاريخي مع العالم الإسلامي بالنظر إلي علاقاتنا التاريخية مع الأتراك، ومع الأتراك بالذات أعتقد أن لنا علاقات قوية جدا وتمكنا من التصالح التاريخي معهم بفضل وجود الأقلية من أصل تركي في بلغاريا، وبالتالي فإن علاقاتنا مبنية ليس فقط علي الماضي المشترك بل علي المصير المشترك.

وعودة إلي العملية الانتخابية بحد ذاتها أستطيع القول إنه وإلي حد الثلاثة الأدوار الأولي كنت فقط بالنسبة للجميع مرشحة بلغاريا فحسب، ولم أكن حتي بالنسبة لبعض المرشحين الأوربيين مرشحة أوروبا المجمع عليها ! ولكن بعد الدور الثالث تمكنت من الحصول علي غالبية الأصوات غير أن الأصوات التي جمعتها لم تكن كلها أصوات دول الشمال وإذا نظرنا إلي أصوات بلدان المجلس التنفيذي المكونة من 58 صوتًا هناك 12 صوتًا فقط تحسب علي كونها تنتمي إلي بلدان الشمال وبقية الأصوات هي أصوات تنتمي إلي مختلف بلدان العالم من مختلف الجهات. ولي قناعة بأنه لم يصوت لي كل البلدان التي تنتمي إلي الشمال وكنت أعرف أن هناك بلداناً من الشمال لا فائدة من ذكرها تعهدت بالتصويت لصالح فاروق حسني وبالتالي فإن انتصاري بـ31 صوتا في الحقيقة كان انتصارًا لبلدان العالم الثالث وبلدان أخري، ولهذا السبب لا أعتبر نفسي مرشحة الشمال علي الجنوب وهو أمر تكذبه الأرقام لأني حصلت علي أصوات الغالبية وهو ما يمنحني الشرعية من أجل العمل مع جميع البلدان دون عقد وحتي البلدان التي لم تصوت لي لأن هذه هي الديمقراطية، كان التصويت سريا. الأمر الأكيد هو أنني اليوم سأعمل مع الجميع ومن المهم بعد العملية الانتخابية أن نطوي هذه الصفحة فهذه انتخابات ككل انتخابات، فيها الرابح والخاسر. ولكن من المهم أن أقول إنني أتفهم الخيبة لكل هؤلاء الناس الذين عملوا من أجل إنجاح السيد فاروق حسني ولكن من المهم في اعتقادي أن نطوي الصفحة وأن نعمل سويا.

 

> ما الرسالة التي توجهينها إلي فاروق حسني وكل أنصاره في العالم العربي؟

 

– أن نعمل جميعا وأن نطوي صفحة الانتخابات وأود هنا أن أقول أمرا مهما وهو أني تلقيت في الأيام الأخيرة رسالة من السيد بطرس بطرس غالي الذي أتي بعدها للقائي، وهو شخص يحظي بالكثير من الاحترام وأنا أعرفه طبعًا كشخصية وكأمين عام سابق للأمم المتحدة، كما كنت قد التقيته في العديد من المرات لما كان الأمين العام للمنظمة الدولة للفرانكفونية ولما التقينا بعد انتخابي تحادثنا لمدة ساعة حول دور اليونسكو وقضية الحوار الثقافي ومستقبل اليونسكو، وكنت سعيدة جدا بهذا اللقاء من رمز ثقافي في العالم العربي، وقد وجه لي دعوة رسمية لندوة في القاهرة في بداية ديسمبر المقبل وأنا وبكل ترحاب قبلت الدعوة من أجل تجاوز أثار الانتخابات خاصة بالنسبة لأصدقائنا المصريين ومرة أخري أريد من خلالكم أن أتوجه إلي العالمين العربي والإسلامي، بعد كل هذا اللغط الذي حدث، بأني سأمد يدي من أجل أن نعمل سويًا ومن أجل إزالة كل أشكال سوء الفهم وأريد من خلالكم أيضا أن أقول إن لي علاقات صداقة شخصية وثقافية عميقة مع العالم العربي وأنه ليست لي أي أفكار مسبقة مهما كان نوعها لأني أعرف هذا العالم وثقافته ولي الرغبة في أن أبث رسالة إيجابية عنه.

 

> نفهم من حديثك وخلال دعوة بطرس بطرس غالي أن القاهرة ستكون محطتك الأولي في زيارتك المرتقبة إلي العالم العربي؟

 

– كما تعلمون فإني لم أباشر بعد مهامي حتي أنجز برنامج عملي للأشهر المقبلة فتلزمني التزكية النهائية من المجلس التنفيذي لليونسكو يوم 15 أكتوبر المقبل لمباشرة العمل يوم 15 نوفمبر، ولذلك أي قرار في الوقت الحالي لا أعتقد أنه في أوانه.

 

> سؤالي الأخير يتعلق بقضية مهمة جدا بالنسبة لنا في العالمين العربي والإسلامي والذي نعتبره من صميم مهمة اليونسكو هو المحافظة علي التراث العربي والإسلامي لمدينة القدس أمام عمليات التهويد التي تقوم بها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة خاصة أن هناك تلميحات كثيرة برزت قبيل عملية انتخابك أن اللوبيات المرتبطة بإسرائيل عملت كل ما في وسعها من أجل الإطاحة بفاروق حسني من رئاسة اليونسكو من أجل مواصلة عمليات التهويد دون أي رقابة، فما رأيك؟

 

– أود القول بكل وضوح إنني أرفض الخضوع لمنطق اللوبيات مهما كان اتجاهها وفي عملية انتخابي بالذات لم أكن رهينة مثل هذه اللوبيات التي تتحدث عنها.

 

ثانيا وفيما يخص مدينة القدس أريد التذكير أنها موجودة في قائمة المدن ذات التراث العالمي والتي يجب المحافظة عليها وبالتالي فإن أي إخلال بمعالمها الحالية هو إخلال بالمعاهدات والمواثيق الدولية التي تحمي المعالم التاريخية، وأريد أن أضيف أن مهمة اليونسكو لا تتوقف علي حماية هذا التراث العالمي لمدينة القدس بل من أجل لعب دور الوسيط بين الثقافات التي تتعايش في المدينة والتي تتميز بتنوعها الثقافي والديني الإسلامي والمسيحي واليهودي ويجدر بنا هنا التذكير بالقرارات التي اتخذتها اليونسكو سنة 1968 بدعوة إسرائيل إلي عدم تغيير معالم المدينة بحجة التنقيب وكل الإجراءات غير المشروعة التي ترمي إلي تغيير معالمها الفنية والتاريخية والدينية

مقالات من نفس القسم