الرجل ذو الندبة

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

تأليف سومست موم

ترجمة طه عبد المنعم

كانت الندبة هي أول ما لاحظت فيه، لأنها عريضة وحمراء على شكل هلال في الصدغ إلي الذقن ، ويجب أن تكون حدثت من جرح مهيب مثل نصل سيف أو شظية قنبلة. كانت الندبة غير منسوجة مع وجهه ، فله وجه معتلي، طيب، ضاحك، ملامحه غير مميزة وتعبيراته خاليه في الخداع وأيضا وجهة غير منسجم مع ضخامة جسمه، كان رجل قوي طويل أكثر من أللازم.

 لم أره إلا في ستره رمادية رثه وقميص كاكي وقبعة كبيرة عسكرية، ملابسة توحي بأي شيء إلا النظافة دائما يأتي لفندق بالاس في مدينة جواتيمالا كل يوم في وقت تناول الكوكتيل ويحوم ببطء حول البار يعرض تذاكر أللوتري للبيع. لو كانت هذه طريقة تكسبه للمال فإنه لابد فقير، فلم أره يبيع تذكره واحدة إلي أي من الجالسين .

أحياننا يُعرض عليه شراب فلا يرفض وبعد ذلك يتمشى على مهل بين الموائد بطريقة يجعلك تشعر أنه معتاد على اجتياز مسافات طويلة على قدمه، يمر على كل مائدة وابتسامة خفيفة يعرض على الناس أرقام التذاكر التي يبعها، رغم إن أحدا لا ينتبه له، تظل الابتسامة على شفتيه حتى يخرج، اعتقد أنه أكثر حقاره من مشروب رديء .

في احد الأمسيات، كنت واقفا على البار ساندا قدمي على قضيب حديدي في أسلفه. بحكم معرفتي ببار فندق بالاس بمدينة جواتيمالا، فهو يقدم أفضل مارتيني من غير صودا، وللمرة العشرون أهز راسي بالنفي منذ قدومي إلي البار عندما يعرض على تذاكر أللوتري بإلحاح. 

لكن رفيقي التفت إليه بلطف:

Que tal , general ?”- كيف حالك جنرال , ما أخبار حياتك”

  – “ليس سيئا، العمل ليس جيدا، ولكن ممكن أن يصبح أسوء” .

–  “ماذا تريد جنرال ؟”

” –  مارتيني”

جرعها دفعة واحدة ووضع الكأس على البار والتفت إلي مرافقي:

–  Gra cais , hasta luego  شكرا , مع السلامة .

ثم استدار وعرض تذكرة لوتري على الرجل الواقف بجانبي، سالت مرافقي :

– “من صديقك !.. هذا ذو الندبة المخيفة على وجهة”.

– أنها لا تضغي جمالا على وجهة , اليس كذلك!  أنه منفي من نيكارجوا. غجري بالطبع وقاطع طريق ولكنه ليس رفيق سيء، أعطه بعض بيزوات من آن لأخر. كان جنرال من الثوار ولو لم تنتهي الذخيرة لكان الآن وزير حربية في الحكومة بدلا من بيعه اللوتري في جواتيمالا . قبض عليه وكل من معه وحاكموهم محاكمه عسكرية من تلك المحاكمات التي تحدث كثيرا في مثل هذه البلاد، أنت تعرف، وحكم عليهم بالإعدام عند الفجر، أعتقد أنه عرف ما سيحكمون به عندما قبضوا عليه. قضي الليل في السجن هو ومن معه كانوا كلهم خمسة امضوا الوقت كله في لعب البوكر. اخبرني أنه لم ينل حظا أسوء في حياته مثل تلك المرة، استخدموا علب الثقاب بدلا من الكروت، لعبوا ببضع أوراق وجاكات على المفتوح ولكنه لم ينل كرت واحد. في الفجر عندما حضر العساكر ليجلبوهم للإعدام، كان قد خسر أكثر مما قد يخسره إنسان عاقل طوال حياته.

قيدوا لساحة السجن وأوقفوهم بجانب الحائط وأمامهم فرقة إطلاق النار ولكن لم يحدث شيء سأل صديقنا الضابط المسئول عن السبب الذي يجعلهم منتظرين قال الضابط إن الجنرال الذي يرأس القوات الحكومية يرغب في مشاهدة الإعدام وهم في انتظاره وصوله.

” أى.. أنني أمامي وقت لتدخين سيجارة أخري ” قال صديقنا، كان دائما نهم للتدخين ولكنه ما كاد يشعلها حتى حضر الجنرال – أنه سان غجانكو بالمناسبة لا اعرف إذا كنت قابلته أم لا – وخلفه ياوره إلي ساحة السجن وسأل سان غجانكو المحكوم عليهم إذا ما كانت لهم أمنية أخيره قبل الإعدام أربعة في الخمسة الواقفون هزوا رؤوسهم نفينا إلا صديقنا ”   نعم أود أن أودع زوجتي “

Buemq” حسنا”  قال الجنرال “ليس عندي إعتراض أين هي”

” تنتظر بباب السجن “

” إذن لن يسبب تأخير أكثر من خمسة دقائق “

“أقل من ذلك Senor General سيدي الجنرال”

” إذا خذوه إلي الجانب الأخر “

تقدم اثنان من الجنود ووقف بينهم الثائر المحكوم عليه بالإعدام إلي المكان الذي أشار به الجنرال. أصدر الضابط  المسئول لفرفة إطلاق النار الأمر بالإعدام بإشارة من الجنرال وقع الرجال الأربعة عند إطلاق النار بدا وقوعهم غريبا، واحد بعد الأخر في حركة متنافرة عجيبة كأنهم لعب تقع على مسرح العرائس  توجه إليهم الضابط وأطلق رصاصتين في من مسدسه على أحدهم مازال على قيد الحياة. صديقنا أنهي سيجارته ورمي العقب بعيدا .كانت هناك جلبه خفيفة عند البوابة. دخلا سيده إلي ساحة السجن بخطوات سريعة وبدها على قلبها، توقفت فجاه وأطلقت صرخة وفتحت ذراعيها وجريت نحو صديقنا .

Garambq “ياإلهي” صاح الجنرال

كانت تلبس اسود بايشارب على شعرها ووجها شاحب كالموتى لم تكن أكثر من فتاه، مخلوق ضعيف، بملامح عادية وعين واسعه مذهولة من شقاء نفسي رهيب وبوجهه جميل مرسوم عليه لهفتها وفزعها جريت نحوه وفماها مفتوح لقبلة من حبيبها. الدهشة كانت مرسومة علي الجنود الذين يحدقون فيها. الثائر تقدم خطوتين لملاقتها ورمت نفسها في أحضانة وبصوت مبحوح من البكاء والألم

Alma De mi Carazon “حبيب قلبي”

ضغط بشفتيه وقبلها بقوة

وفي لمح البصر أخرج سكين من قميصه الممزق – لم أذكر لك كم هو غيور ولا يسمح لأحد الاحتفاظ بما يملكه – وطعنها في عنقها الدماء انفجرت من الوريد المقطوع وصبغت قميصه باللون الأحمر. احتضنها بقوة وقبلها ثانية قبلة طويل .حدث ذلك بسرعة حتي إن معظم الجنود لم ينتبهوا إلي ما حدث ولكن منهم من أطلق صيحة فزع ووثبوا عليه وامسكوا به، خلصوا الفتاة من حضنه ولولا الباور لوقعت علي الأرض، مددها علي الأرض وكل الوجوه تنظر حوله بارتعاب إلي ما حدث الثائر عرف تماما أين يصيب في مقتل لأنه كان من المستحيل إيقاف النزيف

” لقد ماتت “

قال الباور وهو راكع بجانب الفتاة المحددة علي ظهرها ورسم الثائر الصليب، سأله الجنرال في دهشة:

” لماذا فعلت ذلك “

” أحببتها “

مرت بين الرجال المتجمعين تنهيده صافيه وهم يشاهدون منظر غريب لقاتل بسبب الحب. حدق الجنرال فيه للحظه وقال: ” لقد كان تصرف غاية النبل “

لا أستطيع أن أعدم هذا الرجل ” ووجهة كلامة إلي الباور خذ سيارتي وأطلق سراحه علي الجهة الأخرى ” وأكمل كلامة إلي الثائر: Senior” سيدي أنا أعرض عليك عهد من رجل شجاع إلي رجل شجاع بإطلاق سراحك “

سرت همهمة استحسان من الجنود مزقت الصمت أوثق الباور الثاني من معصمه وأقدتاة بين جنديين الى العربة.

صديقي توقف وكأنه انهي حكايته ولكني للحظات ظللت منصت، أحب أن أوضع أنه من جوا تيماه ويتكلم الأسبانية وبكل وضوح استطعت أن أترجم كل كلمة يقولها بأمانة ولم أقاطعه، حتي في تدفق كلامة ولأجل الحقيقة خيل إلي أن الحكاية أكتملت

فسألته: “والندبة “

” اة لقد انفجرت زجاجة خمر في وجهة عندما كنت افتحها “

قلت:” لم تعجبني هذه النهاية”

 

خاص الكتابة

 

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون