“إما “..” أو”، طور الوحشة أو دخول المحراب

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 102
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

كنا كطرفىْ حبل مشدود ومتين ولونه أبيض ناصع، بياضه يسترعى عينىْ كل ناظر إلينا، حتى أنه لا يلتفت بعيدا ولايشيح قبل أن يدرك أننا رأسان لجسم واحد، لو أن أحدهما، أحد الرأسين، انفرط وصار عاطفيا، لعله رأس أحمد،  لما استطاع الآخر إلا أن يتماسك ويبدى صلابته، لعله رأسى، عموماً كنا كطرفىْ حبل، لكن الزمن المتغطرس الأصلع الحافى القدمين، كان عندما يحنو ويحيطنا بأنفاسه، يتذكر أنه لابد أن يسعل كثيرا وينزف حبات عرقه وخطواته وثقل جسمه، ويدلقها فوق حبلنا المشدود الذى مع مرور الوقت ابتلّ وتراخى وكلح لونه، فأصبحنا هكذا، أصبحنا هكذا هكذا، كطرفىْ حبل رخو وهزيل ولونه رمادى، رماديته، فى آنات متفرقة، كانت تغزونى، ولما تغزونى كنت أحسها أكثر وطأة من أسراب جراد جائع، أكثر وطأة من جماعة أصوات، أكثر وطأة من الكتابة السوداء، ومن الوايلى وشبرا، ذلك إذا استسلمت للواقع، اما إذا استغرقتنى أحلامى، وهى ذى أوقاتى الحقة، وجدتنى أحب تروتسكى والمازنى و الخديوى اسماعيل وابراهيم ناجى وأحمد شوقى وجلال الدين الرومى وصادق هدايت وسنية صالح وسعدى يوسف وابراهيم أصلان ومحمد الماغوط وقتلى الطالبيين وبشير السباعى مثلما يحبهم أحمد طه، ووجدتنى أحب أدونيس وأنسى الحاج وصلاح عبدالصبور ونشيد الأنشاد وخالدة سعيد ويوسف الخال وسعيد تقى الدين وبلند الحيدرى وهدى بركات ونجاة الصغيرة وسعيد عقل وفيروز وسليم بركات وبيروت والحمرا والشيّاح أكثر مما يحبهم هو، ووجدتنى أكره القومية العربية وعمارة يعقوبيان ونادى السيارات وقصيدة لاتصالح وصوت عبدالرحمن الأبنودى وثقافة أحمد عبدالمعطى حجازى  وحكم العسكر فى العهود كلها وشعراء الثورات وورش الرواية واتحاد الكتاب وجوائز الانصار ووزراء الثقافة، وكل الإسلام السياسى، والشيوعيين ماركة يعيش مولانا الجنرال، ومظفر النواب وصلاح الدين الأيوبى وياسر عرفات وابا مازن، وأم كلثوم، وأم كلثوم، وأم كلثوم، أكثر وأقل مما يكره، ثم، فى الأخير، وجدتنى أحمل تحت إبطى وجهه الطفولى وقلبه التالف ولسانه المغسول ودواوينه الثلاثة (لاتفارق اسمى) و(إمبراطورية الحوائط) و(الطاولة 48)، فيما أقف على قارعة الطريق، أقف وحدى، أقف وحدى جداً، أنتظر أن أراه يمر أمامى وتحت إبطه حديقتان منزوعتان من قلبى وقلبه، تخرج منهما أغنيتان تذكّراننى، وربما تذكّراننا بمحبوبتينا الأوليين، هويدا التى تخصه، ومها التى تخصنى، بينما تقف أخواته الجميلات حياة وهند وبطة، خاصة حياة، بمرايلهن الزرقاء، يقفن فى شرفة غامضة ويلوّحن لزمان بعيد، زمان ما، كأنه الماضى، كأنه المستقبل، ويداعبننا ويدعوننا للدخول، ونكاد ندخل.

 

مقالات من نفس القسم