منحت رأسي للفتاة في صالون الحلاقة
وضعت عليه شامبو من النوع الرديء
قالت لي: اغمضي عينيك
لم أفعل
احتجت سبباً للبكاء
على كرسي من الجلد الأسود
في صالون مبتذل
تغطي جدرانه صور لنساء اكثر ابتذالاً
بكيت
فيما كانت فتاه تزيل ما تبقى من أثر الشامبو
عن رأسي
دون أن يزعجها نشيجي المتواصل
فنجوت ليوم آخر
عند بائع الذخيرة العجوز
علقت رأسي على مشجب حديدي صدئ
خمسة وعشرون قرشاً هو ثمن الرصاصة الواحدة
قال العجوز
لرجل يرتدي سبحة من العاج في يده اليسرى
ويزين ذراعه اليمنى بوشم أزرق غير مفهوم
ساومه الرجل على خمس رصاصات بسعر أربعة
مصوباً سلاحه تجاه الرأس المعلق في واجهة المتجر
لاحقاً في مكان ما سيستخدم الرجل هـذه الرصاصات
وسيستغرقه استخدامها وقتاً أقل من الوقت الذي استغرقه شراؤها
لكنني هناك على المشجب الحديدي الصدئ
رحت أتأمل الصفقة دون أن أملك ايقافها
الرجل لم يطلق الرصاص
وأنا نجوت ليوم آخر
إلى جانب الطريق الصحراوي الذي صار ارتياده حكراً على الأرتال العسكرية
والفارين من سعير الحرب
دفنت رأسي
تحت كومة من الروث الآدمي
سمعت عويل النساء المكلومات
وأصغيت لصوت الرصاص
تجاهلتني دوريات حرس الحدود
لم أستوقف شاحنات موظفي الإغاثة
ابتلعت الكثير من الرمال
لسعني برد الصحراء وأنهكني قيظها
شاهدت الموت يلتقط أرواحا ويؤجل أخرى
يفصلني عنه سياج وكومة من الكثبان الرملية
لوحت له
أخبرني أنني في الجانب الآخر
الجانب الأكثر حظاً
حيث لا يملك صلاحية توزيع الأقدار
فنجوت ليوم آخر.
على كتف المدينة ألقيت رأسي
لم أسكب تفاصيل اليوم
ولم أنثر حزني وخيباتي
سخرت من كل شيء
وسردت واحداً و ثلاثي نحكاية
كفيلة بزغزغة المقاعد الحجرية عند موقف الباص
وإضحاك الجسور الأسمنتية لأمانه عمان
واحد وثلاثون حكاية
تحفظها المدينة عن ظهر قلب
سردتها تباعاً
حين انتهيت لم أستطع النوم
لكنني نجوت
على الأقل
ليوم آخر!