وتمرق

ahmed ragab shaltout
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

 أحمد رجب شلتوت

  صرخت القطة لثلاث ثوان فقط، قفزت خلالها قفزتين قبل أن تهمد تماما في منتصف الشارع، استعاد الكون هجوعه، وواصلت ظلال الأشجار وأعمدة النور استكانتها، الوريقات المتساقطة تغادر الأشجار بتكاسل، تكتم حفيفها وببطء تفترش الأرض، أرقبها وأحكم إغلاق سترتي الجلدية، لم تفلح الإضاءة الشحيحة في التخفيف من غبشة ما قبل الفجر، استعنت بالكشاف في مسح المكان الذي سمع صراخ القطة، رأيت ثعبانا يتمدد بتكاسل إلى جوار جدار، بدت خضرة جلده داكنة تميل إلى السواد، لم تره القطة سيئة الحظ في الظلام، لدغها وعاود سكونه، تأكدت من إغلاق سترتي، وعدت لصب البنزين في جوف دراجتي النارية، كانت جائعة فالتهمت زجاجتين إلا قليلا.

    عاودت النظر باتجاه الحائط، الثعبان لم يزل هاجعا، أقترب منه بحذر، أرشه بما تبقي من بنزين، يتراجع بجسده إلى الوراء، يلتصق بالحائط، بينما يمد رأسه إلى الأمام، أقذفه بإحدى زجاجتي البلاستيك وأعتلي الدراجة، أدير الموتور فيتبدد السكون، ضوء كشافات الدراجة يخترق أستارا مجدولة من الضباب والبرد، أعيد التأكد من إغلاق سترتي، أمسك بشفتي آخر سيجارة لدي، أهصر العلبة الفارغة بقبضتي، أصنع منها سدادة للزجاجة الثانية، أشعل السيجارة ثم السدادة، وقبل أن تسري النار في الزجاجة أقذف بها الثعبان المبلل بالبنزين تزأر الدراجة وتنطلق هاربة بي من الثعبان المشتعل المصر على مطاردتي.

مقالات من نفس القسم

تراب الحكايات
موقع الكتابة

تحقيق

سمية
تراب الحكايات
موقع الكتابة

عمو