إنّه مطمئنّ، الآن، فما تزال الطبيعة تخدمُ روحه… تفتديه بأرواح كائناتها الصّغيرة التي لا تعلمُ شيئاً… وها هي، كما فعلت بالأمس، تقدّم فِدْيَة حياته، في يومِهِ هذا، لمن نزل، أسودَ الطيلسان، على بابه قبيل الفجر كما فعل بالأمس، وَهَمَّ باختراق الباب، لكنّه تراجع عنه مكتفياً بالرّوح الخضراء التي انتزعها من الضفدع الفادي على حجر العتبة الأملس… ليس عليه، الآن، إلاّ تبجيل الفادي بدفنه كما يليق… يستعين بالمالج القديم المنتظر إلى جوار آخر القبور… يحفر قبراً ويُوسّد الضفدع المصعوق تراب قبره… شيء آخر لا بدّ منه…. تاج على هامة القبر الصغير… الشاهدة… لن يكون الأمر شاقاً… قطعة الخشب المعاكس التي نشرها أمسِ على شكل مضرب كرة الطاولة معدَّة ومركونة في زاويةٍ أسفل السّلم في آخر الصّالة… وهناك أيضاً علبة البويا السوداء، والفرشاة النّاعمة…
الشاهدة تكتمل:
الضفدع جمال
2011- 2012
…
يستيقظ فجراً… يندفع حافيَ القدميْن… يجتاز الصّالة خافتة الضوء… يفتح الباب… يرى على حجر العتبة قطّاً صغيراً… يرفع القطُّ بوزه… تلتمع عيناه في الضوء… ترتعش أذناه… يهتزّ ذيله… يموء… ينتصب على أطرافه…
يرفع قدمَهُ اليمنى ثمَّ يضعها فوق ظهر القطّ في ما يُشبه مداعبة… يشعرُ القطُّ بألمِ المداعبة كُلّما ضاقت المسافةُ بين القدم التي على ظهره وحجر العتبة الأصمّ…
يُرسل عينيْه في الأجواء الخالية فوق حديقته… بقعٌ من رماد تصْفرّ وتتسع…
يغلق الباب… يسند ظهره إلى الباب… ينتظر في ضوء الصّالة الخافت…
تشرين الثاني 2012
ـــــــــــــــــــــــــ
كاتب عراقي
خاص الكتابة