قصة: ريفكا جالشين
ترجمة: محمود فهمي
أجبت، نعم لقد قابلت ثلاثة أشباح.
هل كانوا ثلاثة؟
الشبح الأول ظهر على شكل كلب جبل بيرن. هذا ماحدث. كنت أقيم في بيت مع عائلة زوجي خلال عطلة عيد الميلاد. جاء هذا الكلب الكبير إلى الباب الخلفي، ربما كان وزنه مائتين وخمسين رطلًا. لم ينبح، نظر من وراء اللوح الزجاجي وانتظر بصبر. والد زوجي الذي أقام بهذا المنزل مع غزال وسنجاب طائر عندما كان طفلًا، فتح الباب.
صعد هذا الكلب الجبلي العملاق الدرج، قطع الغرفة، حياني بحركة من رأسه. نزل بأنفه إلى أسفل لتكون بين ساقيه الأماميتين، هز ذيله برفق. لقد اختارني. كان يزورني كل يوم طوال الأسبوع، ساعة أو ساعتين في الصباح، أو ساعة أو ساعتين في فترة بعد الظهر، كان يتبعني في كل أرجاء البيت، وفي الفناء أيضًا، كانت لي علاقة طيبة مع الكلاب عمومًا ولكن هذا الكلب كان شيئًا آخر، كنا نحب بعضنا، كان اسمه”كوش” هذا ما كان مكتوبًا على الطوق الخاص به، بالنسبة لبقية العائلة كانوا يرونه مهذبًا فقط.
لا أعرف كيف أشرح هذا، كانت روح أبي تسكن هذا الكلب، نعم، كان أبي أيضًا عملاقًا وطيبًا، كان أبي يزورني، كان الأمر غريبًا ولكنه كان واضحًا أيضًا، حدث هذا منذ حوالي خمسة عشر عاما. عندما التقيت كوش، كان هذا أول كلب أشاهده من هذا النوع .
طوال عام بعد اللقاء، بدا وكأنني ألتقي كلاب جبل بيرن في المصاعد والأرصفة طوال الوقت.
أين كل تلك الكلاب الآن؟ اشتهرت هذه السلالة، ثم على ما يبدو، اختفت.
الشبح الثاني قابلته في اجتماع لنادى الكتاب في مكتبة بولدر العامة. لم أكن أعيش في بولدر، كنت أمر من هناك، ولكن كانت هناك إشارة في الجريدة حول نادي الكتاب، اعتقدت أنا و زوجي أن الأمر يبدو ممتعًا. كنت شخصًا أفضل وأكثر انفتاحا عندما كنت أصغر. في نادي الكتاب كانوا يقرأون المعطف لنيكولاى جوجول، الفقير أكاكاي أكاكيفيتش أنفق كل مدخراته لشراء معطف جديد، ولكن المعطف سُرِق، وبعد سلسلة من المحاولات لاستعادة المعطف يموت من الحمى، ثم يظهر شبحه في سان بطرسبرج ويسرق المعاطف من الآخرين.
كانت هناك آراء مختلفة في نادي الكتاب. هل كانت قصة عن البيروقراطية؟ عن الغرور البشري؟ فولكلور؟ هل كانت هجاء أم مأساة، إلى آخره. كانت تلك هي المناقشات المعتادة. ولكن بعد ذلك وبخنا رجل نحيل يجلس في الزاوية لتفويتنا هذه النقطة.
قال: “الأشباح حقيقية”. كانت القصة عن شبح حقيقي و”لا أحد منكم يفهم ذلك”.
قال الرجل النحيف إنه يعرف أن الأشباح حقيقية لأنه عمل لسنوات في مسلخ في برومفيلد.
استقبلنا تعليقات الرجل بأدب، لكنه ترك الاجتماع محبطًا. عندما فكرنا، كان واضحًا لي ولزوجي أن الرجل من برومفيلد كان هو نفسه شبحًا، وهذا ما كان يحاول قوله.
الشبح الأخير كان لأم عرفتها قليلًا في فترة شبابي. كان زوجها عازف ترومبيت محترف. كنت أجلس مع طفليها لبعض الوقت. في المرة الأخيرة التي فعلت فيها ذلك، كانوا خارج السيطرة، عندما عاد أبويهما إلى المنزل لم يطلبا مني العودة إلى البيت مرة أخرى.
في وقت لاحق، حدث شيئان محزنان للغاية لتلك العائلة: توفي أحد الولدين في حادث سيارة، وأصيبت الأم بنوبة في الليل ووجد لديها ورم في المخ. في هذا الوقت، كنت أعيش في مدينة على بعد آلاف الأميال ولم أر العائلة منذ سنوات. ولكن في إحدى الليالي، بعد أكثر من عام من علمي بالورم، كان لدي حلم جميل جدًا مع ليونا – كان ليونا إسم الأم- رحبت بها وسعدنا كثيرًا برؤية بعضنا البعض. كنت سعيدة حقا. في اليوم التالي اتصلت بي والدتي لتخبرني أن ليونا قد ماتت. لم يكن لدي حلم مع ليونا من قبل، ولم يعد أرها في حلم آخر بعد ذلك.
لقد أجبت ابنتي عن الأشباح، لأنني أردت أن أكون صادقة معها. الأشباح ليست حقيقية، لكنها تبدو كذلك، أو شيء من هذا القبيل. أنا لا أعرف ما أريد أن أخبرها به. ربما كنت أتباهى. قلت ثلاثة أشباح. لكن ألم يكن ذلك مضللاً؟ لقد قضيت سنوات عديدة مهتمة بالأشباح والقتلى والأجداد الذين لم ألتق بهم من قبل، مهتمة بأي شيء حزين رحل، شعرت أن هذا العالم حقيقي بالنسبة لي. لكنني لم أر شبحا واحدا منذ أكثر من عشر سنوات. انتظر، لا، لقد أعدت الحساب. لم أرَ أحدًا في . . . العشر سنوات هي عمر ابنتي. الآن أقضي وقتي بشكل كامل بين الأحياء. إما ذلك أو مع شبح تلك الأيام.
…………………………….
ريفكا جالشين كاتبة كندية أمريكية ولدت في تورنتو بكندا فى 19/4/1976. نُشرت روايتها الأولى، اضطرابات الغلاف الجوي، في عام 2008 وحصلت على جائزة ويليام سارويان الدولية للكتابة.