أديب كمال الدين
البحرُ خرافةٌ قديمة
لا تؤمنُ بها سوى السُّفن والنِّساء.
*
للبحرِ لحيةٌ بيضاء
تظهرُ عندَ الفجرِ للمجانين
وتظهرُ عندَ الغروبِ للمنفيين.
*
ألبسني الحرفُ قُبّعةً
بأكثر من عشرين ريشة وريشة
لكنْ لم يشهدْ هذا التكريم الملوكيّ أحد
سوى النُّقطة.
*
ضاعتْ آنيةُ الوردِ الفضّيّة
بعدَ أن قدّمتُ لكِ فيها بيدين مُرتبكتين
قلبي مَقطوعاً،
كالزهرةِ مَقطوعاً.
وكيفَ لكِ أن تفهمي قلباً من هذا النوع
يا صاحبةَ القلبِ الحجريّ؟
*
مرَّ ألفُ شتاء.
سيأتي في العامِ القادم
شتاءٌ لا يذهبُ أبداً.
سيجلسُ في الشّرفة
ويمطرني ليلَ نهار
بألف قصيدة حُبٍّ كُتِبَتْ بلُغاتٍ لا تُقْرَأ،
كُتِبَتْ بحروفٍ لا تفهمها حتّى النّار.
*
في القاعةِ كنتُ لوحدي أقرأُ شِعْري،
إذ حضرَ رجلٌ يشبهني
وجلسَ في الصفِّ الأوّل
وأخذَ يُبدي حركاتِ الإعجابِ بشِعْري.
قلتُ له: مَن أنت؟
قال: أنا ظِلّك!
قلتُ له : لا ظِلّ لي فأنا شبحٌ!
بل أنا شبحٌ ميّت!
هل سمعتَ بظِلٍّ لشبحٍ ميّت؟
*
طلبَ المُخرِجُ منّي الطيران!
قلتُ له : كيفَ أطير؟
قال: الأمرُ سهلٌ جدّاً!
فضحكتُ بل قهقهتُ في المشهدِ الأوّل،
وبكيتُ في المشهدِ الثاني،
وفي المشهدِ الثالثِ صَمَتُّ مائة عام.
*
لماذا طلبَ المُخرِجُ منّي الطيران؟
سؤال أسألهُ بهدوء أسْوَد.
لكنْ ما مِن أحدٍ يردُّ عليَّ،
أو يؤمنُ، مثلي، بعذابِ الهذيان.