وما هو أيضا معروف أن جوائز الدولة تمنح أحيانا بالوساطة والدور ، بمعنى أن يقال للأديب ( الدور عليك استعد ستنزل للملعب )، وحتى لا يكون كلامي مجرد كلام ، سأضرب أمثلة منذ ثلاثة أعوام تقريبا أعلن أن جائزة الدولة في الشعر ستمنح لشعراء العامية ، وتقدم أصدقاء لي وزملاء يكتبون العامية بأسلوب وفنيات عالية جدا ، وكانت المفاجأة طبعا لم يفز منهم أحد لكن كان الفائز الشاعر فولاذ عبد الله الأنور، لا اعتراض على فوز فولاذ ولا غيره ، ولا اعتراض حتى على المرحلة العمرية لفولاذ ولا غيره ، لكن ما يمكن أن نعترض عليه وأن يثير العجب والتساؤل أن الشاعر فولاذ كما نعلم جميعا لا يكتب إلا الفصحى وديوانه الفائز ديوان فصيح ، إذا افترضنا أن المتقدمين جميعا لم يتقدم منهم شاعر من شعراء العامية مع استحالة ذلك لأني أعلم من تقدم في هذا العام وأعرفهم شخصيا إذا افترضنا هذا فأين الإدارة ولماذا لم ترفض أن يتقدم شاعر يكتب الشعر الفصيح وقد أعلن عن شرط العامية.
أحد الشعراء هذا العام وكان فعلا سيفوز بالحائزة بدلا من الشاعر البشبيشي وليس لي الحكم الآن وإن كنت أميل للشاعر الذي لم يفز فهو شاعر بحق شاعر لكن لماذا حجبت عنه الجائزة والحمد لله قبل أن تعلن لأن تاريخ رقم الإيداع قديم بينما الديوان طبع بعد هذا التاريخ فدخل في عام آخر كيف استلم المسئول منه طلب التقدم ، وهنا انتفى شرط ولماذا لا يشترط تاريخ الطباعة لا رقم الإيداع فكثير من الناشرين يأخذ أراقم الإيداع قبل الطباعة فإذا تصادف انتهاء العام يختلف تاريخ الطباعة ,
حدث هذا أيضا معي بشكل مغاير وعجيب تقدمت هذا العام بقصة علمية للأطفال مطبوعة في مكتب التربية العربي للخليج بالرياض وكانت الشروط أن تكون القصة علمية وألا يكون قد مر على طباعتها ثلاث سنوات ولكن المسئولة رفضت أن تقبل طلبي مع أن القصة طبعت عام 2006 قلت لها لم تنتهي الأعوام الثلاثة قالت حين تعلن النتيجة سيكون مر عليها أكثر من ثلاثة أعوام ، وتعجبت كل الجوائز تشترط العمر أو تاريخ الطباعة مع نهاية الإعلان عن الجائزة وليس الإعلان عن الفائزين ، المهم أن من فاز بها هذا العام صديق أحبه وهو كاتب كبير يفضلني رحمه الله وانشغالي بمرضي جعلني لا اعلم بموته إلا متأخرا هو الكاتب فريد معوض رحمه الله رحمة واسعة كان صديقا عزيزا وكاتبا رائعا .
مثل أخير في انتخابات اتحاد الكتاب منذ أقل من عامين وهد أحد الكتاب وهو صحفي معروف ويعمل في جريدة قومية وعد كاتبا كبيرا بالجائزة التقديرية في مقابل أشياء انتخابية وتوفي الرجل قبل أن يحصل عليها رحمه الله، وعلى رأي صلاح جاهين رحمه الله أيضا، وعجبي
نأتي إلى هدوء القتلة
لا أعلم كيف حدث هذا الذي حدث وكيف تم الإعلان عن الجائزة ثم سحبها ولماذا حدث كل هذا .
شخصيا أعترض بشدة عن كل ما حدث ، لو أن المجلس دقيق ما حدث هذا ، معروف أن من يتقدم للجائزة يدخل عمله مرة ثانية في العام التالي إذا لم يفز في نفس العام الذي تقدم فيه ، ومن هنا لا غبار على طارق إمام هو تقدم ولم تفز روايته في العام الماضي وكأي مبدع لا يثق كلية في ما يحدث ، وفاز بجائزة أخرى ، هنا نقول أين المتابعة من المجلس الأعلى للثقافة ومن المحكمين ، من المفترض أن هناك قاعدة بيانات وهناك اختراع وصل إلينا في أقصى الصعيد ويقال أنه وصل آخر بلاد المسلمين أيضا اسمه الانترنت فإذا أردت معلومة عن أي إنسان في العالم من السهل جدا أن أحصل على سيرة ذاتية كاملة عنه حتى لو كان بائع الجرائد الصباحية بجوار الحزب الوطني عمي عبد الحميد الذي يحمد للحزب الوطني منجزاته الرائعة ، ويبيع الجرائد بجواره لأنه يعلم أن الرزق يدخل الحزب أولا ثم يوزع بعد ذلك ، لو أن لدينا ما يمكن أن نسميه النظام أو الاجتهاد في إنجاز أعمالنا حين نجد أن عملا رشح للفوز يطلب من المسئول البحث عن هذا العمل هل كل الشروط تنطبق عليه أم لا وتراجع وتخاطب جميع الجهات المعنية بالجواز الأخرى .
إن ما حدث دليل على إهمال الجميع ، وأرجو أن يتراجع المجلس عن سحبه للجائزة ، وأتمنى أن تكون الجائزة التشجيعية لمن هم دون الأربعين وإن كان هذا سيمنعني من أن أحصل عليها ، لكن وكما قال طارق إمام لجيله : فوزي هو فوز لكم جميعا ، فمن حصل على جائزة الدولة التشجيعية من جيلي هو فوز لي أيضا فقد فزت حين فاز عماد غزالي مثلا ، وهكذا .
هكذا القتلة يشحذون سكاكينهم في هدوء ويقتلون الفرح في قلب الشباب في هدوء كما هم يقتلون الشاب أمثال خالد ، لكن سيظل الأمل الذي رأيته في عيون أولئك الذي وقفوا واقفة احتجاجية من أجل خالد . واليوم يحتج كل الشباب من أجل طارق وكلنا معكم يا شباب .
سؤال أخير متى سيتم الإصلاح الإداري والثقافي والاقتصادي والتنموي في مصر أخشى أن ينتظر أبناؤنا وأحفادنا ومن بعدهم هذا الإصلاح .
ويظل القتلة في هدوء قاتل .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*شاعر مصري