حاورها: محمد عبد الحافظ ناصف
تعد نجلاء علام واحدة من أبرز الكاتبات في الجيل التسعيني، حيث صدرت لها المجموعة القصصية ” أفيال صغيرة لم تمت بعد ” عن الهيئة العامة المصرية للكتاب عام 1996 ، و أعيد طبعها عام 2002 في مشروع القراءة للجميع ؛ مكتبة الأسرة ، و صدرت لها رواية ” نصف عين ” عن هيئة الكتاب عام 2000 كما أنجزت نجلاء دراسة مهمة بعنوان ” تطور مجلات الأطفال في مصر و العالم العربي ” في جزءين ، عام 2006 م ، و مجموعة قصصية أخرى بعنوان ” روح تحوّم آتية ” عام 2005 م ، و ترجمت بعض أعمالها للإنجليزية ، و حصلت نجلاء علام على العديد من الجوائز ، مثل : جائزة أخبار الأدب للقصة القصيرة عام 1994 ، و جائزة محمود تيمور كأفضل مجموعة قصصية من المجلس الأعلى للثقافة عام 1997 م ، و جائزة سعاد الصباح عام 2000 م ، بالإضافة لبعض الجوائز المحلية ، و عملت لمدة عشر سنوات مديرة لتحرير كتاب ” قطر الندى ” الخاص بإبداع الأطفال .
و مؤخراً صدر لها الجزء الثاني من دراستها عن تطور مجلات الأطفال في مصر و العالم العربي . و حول هذه الدراسة ، و العديد من الموضوعات ، كان لنا معها هذا الحوار :
* هل الرواية فعلاً أصبحت ديوان العرب ؟
– أطلق العرب هذه التسمية على الشعر في وقت من الأوقات لأنه كان الوسيلة الوحيدة لتدوين تاريخهم ، فعن طريق الشعر عرفنا حروب العرب ، و طبائعهم ، و أحوالهم الاقتصادية ، و الاجتماعية ، أما الآن فأصبحت هذه الوسائل كثيرة ، و متاحة ، و ربما اتجه النقاد إلى هذه التسمية ، لتتواكب مع الانفجار الروائي ، الذي حدث مؤخراً ، و جعل الكثير من الشعراء يكتبون الرواية .
حيث اتجهت الرواية لتسجيل الأحداث الآنية المتلاحقة ، و اهتمامها بتفاصيل الحياة اليومية المعاصرة ، كل هذا جعلها أقرب فنون الكتابة للتعبير عن عصرنا ، و يزاحمها في هذا بشراسة ” الميديا ” التي أصبحت النموذج الذي يسعى إليه العرب ، فلا نستطيع انكار أن عيون الأطفال و الشباب متعلقة بالميديا و ما تقدمه ، و لهذا أعتقد أن الميديا الآن أصبحت ديوان العرب !
* و ماذا عن صدى التراث و الفولكلور الشعبي في أعمالك ؟ –
– أتصور أن الفولكلور هو ثقافة شعب و أسلوب حياته ، و طريقة توافقه مع بيئته ، ليبدع في النهاية تميزاً خاصاً يجعله متفرداً بين الشعوب الأخرى ، و أرى أن شعبنا حفر لنفسه ثقافة متفردة ، فعمل الفلاحة على النول لصنع السجاد ثقافة ، و العاشق والمعشوق في فن الأرابيسك ثقافة ، و الأماكن من حولنا بزخمها ، و ما تثيره في النفس من مشاعر ثقافة ، فكيف أكون ابنة هذا التراث ، و أكفر به ، و هذا الميراث الثقافي يستحق أن يقف عنده المبدعون ، فعلى سبيل المثال حاولت المزج بين القصة القصيرة ، و عدة فنون من الفولكلور المصري مثل الموال ، و قدمت قصة ” موّال للحاوي” ، و أيضاً قصة أم الرجال ، و هي مستوحاة من البيئة البدوية .
* الترجمة حلم يراود كل المبدعين ، فهل راودك هذا الحلم ؟
– بالقطع هو حلم مهم ، و لكن أريد أن تترجم أعمالي و تصل إلى القارئ الغربي ليرى فيها عملاً إنسانياً يستحق أن يبقى في ذاكرته ، و ذاكرة الزمن و لا أريد أن تترجم أعمالي لتظهر كالقرد الذي يرقص مع الحاوي في الشوارع ليلتف حوله المارة كشئ غريب و لافت بغض النظر عن القيمة الفنية للعمل ، خاصة أنني أؤمن أن الهموم الإنسانية واحدة في الشرق و الغرب ، بدليل أن الأعمال الخالدة في الغرب يعرفها رجل الشارع البسيط في الشرق .
* انتهيت مؤخراً من كتابة دراسة مهمة حول تطور مجلات الأطفال في مصر و العالم العربي ، بماذا خرجت منها ؟
– ظهرت مجلات الأطفال في مصر عام 1870 م على يد رفاعة رافع الطهطاوي الذي أصدر مجلة” روضة المدارس المصرية ” ، و تلتها مائة مجلة للطفل صدرت خلال 130 عاماً حتى عام 2000و هذه نسبة ضئيلة للغاية مقارنة بعدد الأطفال العرب البالغ أكثر من 90 مليون طفل عربي .
و ذلك من خلال أول ببليوغرافيا قدمتها لحصر مجلات الأطفال التي صدرت في مصر و العالم العربي ، لاحظت ندرة المجلات المتخصصة للطفل رغم أن العالم الآن يتجه للتخصص ، و هناك مرحلة سنية لا يلتفت إليها داخل مجلات الأطفال العربية ، و هي مرحلة ما قبل المدرسة ، و رصدت من خلال هذه الدراسة العديد من الملاحظات الخاصة بمجلات الأطفال بمنهج تحليلي يفسر أسباب ابتعاد الأطفال العرب عن القراءة عموماً.
* في الوقت الذي يسعى فيه البعض من جيلك لمنصب ثقافي، تستقيلين من منصبك كمديرة لتحرير كتاب ” قطر الندى ” فما هي الأسباب ؟
– عملت كمديرة لتحرير كتاب ” قطر الندى ” لمدة عشر سنوات ، قدمت فيها ما أستطيع تقديمه في هذا المجال ، و تركته و هو مطبوعة ناجحة يوزع أعلى توزيع بين كتب الأطفال ، و حصل على جائزة سوزان مبارك ، و جائزة الدولة التشجيعية عدة مرات من خلال كُتّابه ، و رسّاميه ، و لكني رأيت أن هناك مجالاً آخر يجب الانتباه إليه ، و هو مجال نقد ، و تقييم الأعمال المقدمة للطفل سواء كانت كتباً أو مجلات أو برامج تلفزيونية و إذاعية و غيرها من الوسائل التي يقبل عليها الطفل ، و أعتقد أنه حان الوقت ليكون عندنا منهج نستطيع من خلاله دراسة الأعمال التي نقدمها لطفلنا اليوم ، و كتاب ” تطور مجلات الأطفال ” ، هو خطوة أولى على هذا الطريق بالنسبة لي كباحثة في مجال الطفولة .
……………..
نُشر هذا الحوار بجريدة البورجريه ، سبتمبر 2008 .