“نافذة موقوتة” لمسيرة سنان.. عالم المهمشين الذي يوشك على الانفجار

نافذة موقوتة
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

جمال الطيب

“فى بلدٍ يتمدد فيه الفقر

كما يتمدد ثعبان فى الرمل

لا يوجد مستقبل”(1)

“نافذة موقوتة” هي العمل القصصي الأول للشاعرة والقاصة اليمنية “مسيرة سنان”، والصادرة عن “مؤسسة فكرة للنشر والتوزيع”- 2017. تحتوي المجموعة على (18) قصة، تتناول عالم المهمشين ومعاناتهم اليومية في سبيل الحصول على كسرة خبز تسد حاجاتهم، وتدفع بالدماء إلى شرايين وجودهم، حتى يأتيهم أجلهم الذي قد تكون فيه راحتهم بعد حياتهم الشقية؛ تتناول أيضًا حياتهم الاجتماعية داخل أسرهم والمجتمع من حولهم؛ كما تتناول الحروب التي تطفي على الأجواء كآبتها، وعلى النفوس الخوف والفزع والترقب والحذر، بالإضافة إلى فقد الأبناء في هذه الحروب العبثية، وما يخلّفه فقدانهم من أحزان وحسرة.

القصص التي تتناول حياة المهمشين (الراوي/ المؤلفة):

يستوقفك العنوان في قصة “رصيف موقوت” وتبدأ في التهيئة لسماع صوت انفجار مدوي يهز الأركان، حتى وإن لم تعرف مصدره، مما يجعلك تبدأ القراءة وأنت تتحسس حروف القصة توجسًا ورهبة. فهي تحكي عن “مراد” الذي يمتهن التسول من المارة الراجلين منهم وقائدي السيارات، وكلاهما يقابله بغلظة وخشونة، والأب من عمال اليومية الذين تقابلهم صباحًا في الأسواق، يفترشون الأرصفة يلتمسون أية أعمال يحصلون من ورائها على ما يكفي قوت يومهم. يعود “مراد” فرحا مبتهجا إلى والده القابع على الرصيف ينتظر ما لن يجئ ، يهرع إليه ليعطيه ما حصل عليه من هبات المارة .. بقايا طعام وبعض المال الزهيد، وأثناء عبوره للطريق متجهًا لوالده يصطدم به “باص” فيقتله ويقتل أحلامه وفرحته، وكأن هؤلاء المهمشين لا حق لهم حتى في لحظة سعادة يعيشونها. في الأحلام نجد ما نتمناه ونرجوه في الواقع والذي قد يُعدّ مستحيلاً، هذا ما تحكيه قصة “لا وقت للحلم”، والتي نجد فيها “سمير” ذلك الشاب الفقير الذي يرى في منامه “سمير” الذي يتمناه، يرتدي أفخر الثياب، وتفوح منه أرقى وأثمن أنواع العطور، الفتيات يحمن من حوله لثرائه ووسامته وحُسن ملبسه، وفي نهاية ساخرة تهزأ منه ومن أحلامه، يعود إلى واقعه ليجد نفسه مُلقى على الأرض بجوار سريره. يحوم الفقر حول أجواء قصة “شمعة قيد الانطفاء”، والتي تحكي فيها المؤلفة عن “محمد” الشاب ذو العشرين عامًا بائع الخضروات على عربة يقف بها على نواصي الشوارع، يرتزق من عائدها ما يسد به رمق أسرته المكونة من إخوته الخمسة، والأم المريضة التي تضطرها الحاجة والفقر الى العمل في حقول الآخرين، وهي التي تحتاج الى العلاج والراحة. تسقط الأم أثناء عملها، ينتابه هاجس بما حلّ بأمه يهرع إليها مهرولا، يتلقاها بين ذراعيه، تموت الأم وتلفظ أنفاسها وهي ممددة على الأرض تسند رأسها على حجره، يناجيها على أمل ان تفيق وتصحو، ولكن هيهات فقد حل الأجل… “لامست دموعه خدها، فمالت عنقها”!! (ص42). قصة “صور متحركة” تحكي عن سيدة ارستقراطية لا ترى في الطفل البائس الذي يبيع بضاعته المتربة على الرصيف نظير قروش قليلة زهيدة يسد بها رمقه وأسرته، لم ترى في هذا الطفل سوى وجه يصلح للتصوير!. قصة “زواج على ورق” تدور حول انتهاك واغتصاب حق المرأة في اختيار شريك حياتها أمام عجرفة الرجل وجبروته. يفرض الأب على ابنته “سماح” الزواج من “توفيق” ابن أخيه، والذي يعاني من اضطراب نفسي إثر إصابته برصاصة طائشة أثناء حضوره أحد الأفراح لنجل صديق من أصدقاء والده، والتي غالبًا ما تُطلق فيها مثل هذه الأعيرة النارية تعبيرًا عن الفرحة والابتهاج وكتحية للعريس. العروس تُقاد كالذبيحة الى ساحة الفرح، تُعاود “توفيق” النوبة بعد سماعه للطلقات النارية من المدعوين أصدقاء والده وعمه والد العروس، فينطلق صوته بالصراخ، لتتساءل ساعتها مخاطبة لوالدها عن صراخه، لتأتي إجابته بكل ما تحمله من غلظة وخداع “توفيق يعاني صدمة نفسية..”! (ص84).

قصص عن المهمشين على لسان بطلاتها:

“في خيمتنا” القصة الأولى في المجموعة والتي يشير عنوانها إلى الخيمات، وهي مساكن قاطني العشوائيات، الذين يتمركزون في أطراف المدن، في مجتمعات منغلقة عليهم، لا تطأها أقدام غرباء، إلا من رجال الشرطة، حيث تكثر فيها الجرائم على تباينها من تجارة المخدرات، والبلطجة، والدعارة. إذا قمنا بتكبير العدسة التي ننظر بها إلى هؤلاء المهمشين، فيمكن أن نطلقها على بلداننا العربية التي أصبحت تعيش على هامش اهتمامات العالم، دون اكتراث منهم أو اهتمام بالحروب الدائرة بين بلدانها، إلا بإمداد أطرافها بالسلاح اللازم لاتقاد نار الحرب. كذلك ينطوي تحت العنوان النازحين فِرارًا من نيران الحروب الدائرة في بلادهم، إلى بلاد مجاورة يعيشون فيها أيضًا في مخيمات على الحدود بين البلدين. تروى لنا “صباح” بطلة القصة هي وأسرتها كثيرة العدد، اثني عشر مهمّشًا، حيث لا مطبخ ويقضون حاجتهم في العراء، وتدرك بوعيها المبكر العلاقة الحميمية بين والدها وزوجته، وتعرضها للتحرش من شباب الجيران ومن زبائن وباعة سوق الخضر الذي ترتاده لجلب احتياجات أسرتها من هناك، وكذلك تعرضها للمساومة لبيع جسدها لذلك الثري الزبون الدائم للسوق، في مقابل مبلغ مادي كبير، ورفضها لهذا العرض الحقير بكل عنف، فتحدثنا عنه قائلة: “وحاول أن يصل بيده الخبيثة إلى صدري الذي لم يزل في باكورة نموه الأنثوي، صرختُ حينها، ورميتُ تلك الورقة في وجهه ومضيت”. (ص7). تحاول “صباح” الارتزاق بعيدًا عن مهنة التسول، فتعمل على تلبية طلبات الأسر من السوق، نظير مقابل مادي زهيد، يكفي ما تأتي به في طريق العودة بما يسعد أخوتها الصغار، الأب يعمل في السوق كحمّال لأكياس القمح وإنزالها للمحلات التي تتعامل بها في البيع والشراء، مقابل مبلغ من المال يلبي به طلبات مزاجه الخاص من دخان وخلافه. هكذا بكل ما تحمله القصة من مرارة ينطق بها لسان الراوي/ “صباح” نلمس مدى قسوة الحياة التي تعيشها وأسرتها كنموذج لساكني المخيمات في كافة المناطق والبلدان من المهمشين والمستبعدين من رغد المدن ونعيمها إلى أطرافها، وكأنهم وباء يُخشى من عدواهم. تختتم “صباح” قصتها بمقولتها التي تنطق حسرة وألم، فتقول: “وفي خيمتنا الصغيرة أسرة مهمشة وواقع لا يحصى- من الألم”. (ص8). قصة “موعد مع الصمت” ترويها المؤلفة على لسان “سلوى” الفتاة التي تتعلق بابن الجيران والتي تراقبه وتود أن تفتح بابًا تنسل منه إلى عالمه وقلبه، علّه يشعر بها وبمشاعرها تجاهه، فتلجأ إلى الحيلة وتختلق الصدفة ليلتقيا وتتحينها لجذب أطراف الحديث معه، ولكنه يلوذ بالصمت ويظل منكسا رأسه للأرض، ولم ينطق إلا بكلمة “لقد حدثتني والدتي عنكِ فأنتِ ابنة الجيران”، ويعود بعد هذه الكلمات المقتضبة إلى صمته منكسا لرأسه مرة أخرى، تمد “سلوى” يدها بكتاب لرواية “رشت عليها من عطرها الياسميني”، ولما لم تجد من ناحيته بادرة لتناوله منها، فظنته رفضًا منه لهديتها، وكانت صدمتها حين أخبرها بفقده لبصره. برعت المؤلفة في دقة وصفها للشاب الكفيف، فتارة تقول: “أحس بخطوتها فتوقف”. (ص17)…. “رد التحية، ونكس برأسه للأرض”. (ص18)… “مدت يدها، بقى صامتا ومنكس الرأس”. (ص19)، فتكرارها لرأسه المنتكسة والمتجهة للأرض، لم يجعلها تتمكن من رؤية عيناه، فلم تتبين عماه. قصة “غبار الذكرى” تحكيها “رباب” الفتاة الفقيرة التي أصبحت بلا مورد رزق يعينها وأسرتها على تحمل أعباء الحياة، بعد أن أُغلق محل الخياطة الذي كانت تعمل به. ترى أخاها يتسوّل المارين في الشارع ويعامل بإهانة وهو يمد يده طلبًا لجاجة يمنّ بها عليه قائدي السيارات الفارهة غلاظ القلوب، وعلى الجانب الآخر من الشارع وعلى الرصيف المقابل تجد أخاها يتقدم إلى سيدة عجوز مبتورة الأطراف، رثة الثياب ويمنحها النقود التي حصل عليها، فالفقر لم يخلع عنه إنسانيته. قصة “نافذة موقوتة” تحكيها المؤلفة على لسان “نجاة” الفتاة ذات الخامسة عشر من عمرها، حُرمت من التعليم بسبب جهل والدتها ورؤيتها في انحصار دور البنت كزوجة تلزم بيت زوجها وتقوم بتربية الأولاد، فلا حق لها في التعليم فهو مفسدة للأخلاق!… “حابه تروحي تفسدي أخلاقك، وتتركي العمل في البيت، وبعدين راح تتزوجي أيش الفائدة من هذا كله..؟”. (ص23). قصة “فقيد العودة” ترويها “مهجة” التي تنتظر رسالة من حبيبها الغائب بسبب الحرب يحملها إليها ساعي البريد، تملؤها الرسالة بالفرحة بعد أن حملت بين أسطرها ما يشير إلى زمن وتوقيت تقدمه للزواج وهو ما كانت تنتظره وتشتاق إليه.

قصص تتناول مآسي الحروب:

قصة “عطر المسك” تُروى على لسان مجهول، فالمؤلفة لم تسميه لنا، فالأسماء لا تهم في هذه الحكاية؛ فهي لقاء يتم بين شاب وزوجة أرملة في المقابر، الشاب أتى ليزور قبر والده، والزوجة لتزور قبر زوجها. نشتم في القصة رائحة البارود وطلقات المدافع ومآسي الحروب وما تخلّفه وراءها من قتلى دون ذنب اقترفوه، فهذا الشاب حُرم من أبيه، وهذه الزوجة فقدت زوجها، والمقابر حولهما مليئة بجثث الموتى، حتى لم يعد هناك قبر ليستقبل وافد جديد. إذن هي الحرب بكل شرورها ومآسيها وندوبها التي تترك آثارها في القلوب. قصة “في تابوت الانتظار” عن الحروب أيضًا وما تسببه من مآسي وأحزان، من خلال تلك الزوجة التي في انتظار زوجها العائد في أجازة قصيرة يقضونها معًا، تتأنق وتتزيّن في شوق ولهفة إلى لقاء بعد غياب قد يكون طال .. “مع كل دقة على الباب قلبها يدق بقوة وشوق، انتظار لمس كفه الحنون”. (ص20)، ولكنها تستقبل جثمانه يحمله زملاؤه، مُسجّى في صندوق مزيّن بعلم بلده، فقد أخبرها زميله باستشهاده. تعمّدت المؤلفة هنا أيضًا عدم ذكر أسماء الشخصيات أو الأماكن، وهنا ندرك السبب وراء عدم تسمية “مسيرة سنان” لشخوص قصتها، فالحرب ببشاعتها وقسوتها لا تفرّق بين إنسان وآخر ولا بين مكان وآخر، فالحرب فعل وحشي ضد الإنسانية. من خلال قصص المجموعة ترصد “مسيرة سنان” بعض الظواهر اجتماعية التي تفشت في المجتمع، ومن هذه الظواهر “عقوق الأبناء” والذي تسرده في قصة “أمنية مثقوبة”، والتي تحكي فيها عن “أم أحمد” التي فقدت ابنها وهو على قيد الحياة، بعد زواجه ورحيله مع زوجته إلى حيث لا تعلم، وتركه لها وحيدة، تعيش لحظات الانتظار أملًا في عودته، حتى تراه قبل مماتها كما تتمنى.. “عساه يجود بقبلة على جبين أمومتها النازفة”. (ص11). وفي صورة بالغة الحزن والأسى، تروي لنا الكاتبة معاناتها، فتقول: “تدير وجه السراج في العتمة مرات: وكأنها ترى ظلا يقترب ببطء.. تدير السراج وهي محدقة في ذلك الظل، وكلما أَمْعَنْت في النظر تلاشى في العتمة”. (ص12)، وكأنها تعدو نحو سراب. قصة “حين أغدو نجمة” تحكي الخالة عن “إسماعيل” ابن أختها التي رحلت وتكفلت هي برعايته بعد رفضها للزواج ممن تقدموا لخطبتها. الخالة أصبحت في الأربعين من عمرها ذبل شبابها وجفت عروقها..”بتُ أنظرُ لنفسي- في المرآة، فلا أجد سوى امرأةٍ بملامح شاحبة، وجفونٍ مهترئة”. (ص44). تبرع “مسنان” في سرد تفاصيل البيت الذي يجمع بين الخالة وإسماعيل: “كنا نعيش في بيت صغير، يتكون من غرفتين، وصالة ضيقة، والسقف كان محشوًا بالأعواد المتراصة بعناية، إنه منزل قديم وهو ما تبقى لنا من إرث والدي.. عندما تمطر السماء، فإن جميع أجزاء المنزل تمطر كذلك. أما مطبخنا فيقع في حوش المنزل الصغير، تنور طيني، وبعض أواني باتت بلون أسود غير لونها من جراء مزاولة الطهي في ذلك التنور الطيني”.(2) (ص45). تتيقن الخالة بعد سماعها لحديث النسوة عند البئر من الهواجس التي تدور داخلها باختفاء “إسماعيل” … “إذ بي أسمع أصواتًا لنساء قد سبقنني إلى البئر، يتحدثن عن ذهابِ معظم شباب القرية للهجرةِ عبر البحر، وبأن معظمهم يعودون في توابيت إلى أهاليهم”. (ص47)، تعود إلى البيت لقراءة الرسالة التي تركها قبل سفره، فتجده يقول لها فيها: “أمي أفتحي نوافذ المنزل، لكي يصلك نورُ النجمةِ التي ستعتلي السماء”. (ص49). كما ترصد الكاتبة أيضًا ظاهرة القسوة التي يتعامل بها بعض الآباء مع أبنائهم، والآثار السلبية التي تتركها هذه القسوة في نفوس الأبناء والتي تنعكس على تركيبتهم الشخصية، أو بتنامي شعور بالكراهية تجاه آبائهم، وهو ما ترويه في قصة “النهاية الحتمية” والتي تحكي فيها عن “منصور” ذلك الشاب الخانع أمام سلطة أبيه وقهره الدائم للأم وغلظته وتعنيفه لها، والذي يفتقد الشجاعة للدفاع عن أمه أمام سطوة الأب، ويتكرر الخذلان بعد رفض الأب لزواجه، حتى بعد أن سنحت له ظروفه المادية بالخروج من عباءة هذه السلطة الأبوية والتمرد عليها. تظل حالة الخذلان تلازمه حتى بعد عودته من سهرته مع صديقه محمد وأصدقاؤه التي جمعتهم فيها الخمر والحشيش، واستقلاله لتاكسي أجره في طريق عودته، كانت تستقله معه فتاة تجلس في الكرسي الخلفي، لم يبادر بالتساؤل، فقد تكون مخطوفة من قِبل سائق التاكسي..”ربما كانت روحها تطوف حولي، أو لربما كانت تحاول أن تقول لي شيئا، كــ أنقذني، مثلا، أو شئ آخر؟!”. (ص69)، عند عودته إلى البيت يقع الوالد فجأة أمامه فاقدًا للنطق والحركة، لم يشعر “منصور” بأية مشاعر حزن، ويبادر بإبلاغ الجار بوفاته..”هناك رجل متوف في ذلك المنزل الذي بجواركم أخذت ابنه إلى المشفى وتركنا الرجل ممداً، الرجاء أن تتكفل بكل شئ”. (ص75). يغادر بعدها الحارة وكأنه ينفض عن نفسه غبار السنين الفائتة ..”كنت أشعر وأنا أبتعد عن تلك الحارة أنني أخلعُ جلدي قطعةً قطعة، وكأنّ الأصوات تداخلت في بعضها، صراخُ والدتي وشتائم والدي وبكاء ذلك الطفل الذي كان يوماً ما أنا”. (ص75/76). جاءت لغة المجموعة بالفصحى، كما ابتعدت بها القاصة عن اللهجة المحلية، وكأنها قصدت أن ما تطرحه من خلال قصصها هي هموم وقضايا اجتماعية مشتركة لا تخص بلدٍ عربي بعينه، بل هي قاسم مشترك يجمع بينها. كما جاءت يغلب عليها الأسلوب الشعري والصور البلاغية، كما جاء في جملتها..”أحلامهم تشبه العصافير، تقف في منتصف الحنين ..وتوشوش للفرح عساه يأتي محملاً بالآتي الجميل” (ص40). يتعدد الرواة في المجموعة، فهناك قصص يأتي سردها على لسان المؤلفة، وأخرى تركت بطلاتها لرواية أحداثها، فكأنها أرادت أن تحولها إلى “فيلم تسجيلي” يقمن فيه بسرد حكاياتهن من خلاله دون التدخل تحريًا للصدق.

الختام.

 قصص المجموعة هي نافذة تأخذنا تجاهها “مسيرة سنان”، لننظر من خلالها إلى عالم المهمشين والتعرف على معاناتهم، وأيضًا تحمل بين طيّات سطورها رسالة تحذّرنا فيها من غضبهم إذا ما نفد صبرهم، فهم كما يحمل العنوان “قنبلة” موقوتة، وتدعونا إلى الإسراع بإبطال مفعولها قبل فوات الأوان، وقبل أن تنفجر في وجوهنا جميعًا، تجنبًا لحدوث ما لا نتمنى أو نرغب لأوطاننا.  

 

هوامش :

1- من مسرحية “ليلى والمجنون” للشاعر الراحل “صلاح عبد الصبور” .

2- من أنواع الأفران الطينية التي يخبز بها الخبز في العراق ودول عربية أخرى؛ في فلسطين يسمى طابون.

 

 

مقالات من نفس القسم