من أثر الرسول

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام


لديه الحنين 
التكرار المتفجع
 وأنا

كلما هو هو
لديه العينان الجديدتان وجوع لحظة النهاية
الساقى نبتة 
تخليتُ عنها حين حملتُها 
بيأسٍ
إلى حمام غير مُستعمل 
الرجل الأبدى الرسام عازف الكمنجه الطبيب
الذى يمنحنى سره
والآن يريد كلانا
نفس الشىء ،
أهدانى حبًلا طويًلا
ثم شده منى 
فظللتُ أحفرُ بالقلمِ وأظافرى
لأتمَ شيئًا
لا يبدأ 
وأبدأ شيئًا
 بلا نهاية

أتعرفُ عليه
بعد الفوات
على طاقة الحب
و معنى الجينات
 و تبديل الآلهة

فأؤمن

. . .


أراك
وأشيرُ إلى رأسك
لم أغطك من البرد
لأنهم تأخروا
وعوضتك
حين غطيتك مبعوثًا 
بأروابى
فقط لأحمى عَرَقك
 من هواءٍ مؤذٍ

. . .

لأننى
ما زلتُ رغم الفهم
لم أفهم
و رغم الموسيقى
لا أسمع
و لم أمنحك وأنت تنظر إلى الساندويتش 
فى يدى 
 لقمة لموتك

أَهجرُ الأطعمة
والمشروبات
 التى كنتَ تحبُها

دمك المُسمَم
" الأنظف منى "
أظافر قدميك الباردتين
كل القساة مثلك 
تسيل من عيونهم
المُغمضة بغيبوبة
دمعة
 تكفى لتخريب الحياة

تأتى
كطائرٍ هندى يحبُ المزمار
والليل العاتى
كأنك ترفع سبابتك للشهادة 
لكنك لم تفعل
أو ربما حدث ذلك
فى نومك المنتظِر
تتكرر ، أتنفس 
أتكرر ، لا أتنفس 
تدعو علىّ 
أدعو علىّ 
الرضيعة التى تغسلُ حفاضاتَها 
الشابة التى تغسلُ حيضَها
الدواء الذى كنتَ
تبخلُ به 
على البروستاتا 
طقس الصلاة بالشورت
وجلستى على وركيك
 فى التليفريك

تأتى
لأننى لن أزور قبرك
أو لأنى قاربت على الانتحار
 أو لأن شيئًا حدث فى العمل

لم أعد 
الصغيرة التى تنتظرك
على سلم الخشب
وتُسبب
سقوط ركبتك .. 
الركبة
 التى أعدتها مكانَها بقبضة محترف

وجهى يطول
كى يستقبل كفك النازلة
عليه بلا إحساسٍ
منى 
كنتُ أتجهز 
لنومتى النهائية 
وأمى اخترقت المشهد 
بالحساء
باستغاثة و سؤال
وأنت دائما تتدخل
أحَبكَ شعَرى فانشبكَ فى الكف
و طست القىء
الذى امتلأ
بحبوب الفحم والمِلح الإجبارى
و دمِ الحلق 
شعَرى أحب يدك
فطار مُشكّلا لوحة سريالية 
تروح يمينًا 
فيروح
تعود على الخد الآخر
فيعود
وأنا دائخة 
بنبضٍ ينخفض
تساعدنى إلى الحمام
التشنجات هى البداية
ثم تستغفرُنى 
 فى المستشفى

تلك اليد
تمسح على نفس الشَعر
وتدعو على نفسِها
يدٌ متخصصة
يلمعُ خاتم زواجِها
الذهبى كلما دخل صاحبها 
غرفة العمليات
تتحمل لفت النظر 
من الاستشاريين
 للتمسك بالخاتم فى غرفة التعقيم

يا ليتها دامت
قبل الضرب
 أو بعده

أنا ابنة عازف الكمنجه
التى سقاها 
دواء أبيض للحصبة 
 فطابت

فاتكَ بعض الأحفاد 
والأحداث
 ولم يفتك شىءٌ آخر

بخاتم زواجِك 
الذى بحجم إصبعى الآن 
بعدما كَبِرتُ
وأنا أدافع عن حقى الأخير
فى الندم
وغرفة لا نشتاق فيها
لأحد
 .. حتى ... لا نتذكر

. . . .

أرى نصف اسمى
عبر اسمك الذى أحمله 
ملصقًا على بلاستر
يُحكِمُ الملاءةَ على جسدك 
المُكَفَّن
بلا ألقاب
كأنك لم تذاكر يومًا
ولم نغتربَ معك 
وتعانى 
فراق الأبوين
كنتَ تفضلُ الظل 
كالملاك الحارس
ترسمُ أمى عارية
أو راقصة
ترسمُ أمك و أباك بالفحم
 ترسمُ الفلاحين تحت الشجر بالناى

بصوتك الأخير
واهنًا
ممتلئًا بالسُم
تصيحُ فى الممرضة
و يسافرُ أخى
خارج الوطن 
 لدواءٍ منعته الوزارة

فى لحظة 
رأيتَ الغرغرينا 
و شخصتَ حالتك
قبل المستشفى
فى البيت تقول
" فات الوقت "
وأسألك
لماذا يفوت 
لماذا تموت
لماذا أنقذتنى
لماذا كنتُ أقول لأمى
 " هو " وأنت جالس بجانبنا ؟

أسأل لوحة عملاقة 
فى متحف الفنون
لماذا اسمُك
يُطِل من البرونز
لماذا يطل
من اليافطات الزجاجية والمعدنية والخشبية
التى كانت 
لعياداتك
لماذا أقَسَمتْ أمى
أن تكون آخر مرة
أشترى فيها " جيل " السونار 
فيستجيب الله 
لماذا أسرح
فى صوت خشخشة المفاتيح
كلما أتى أخى
لماذا جعلتُ موتكَ
عيدًا للفقراء
و لم يبقَ ما نتبرع به 
سوى أثاث البيت 
لماذا رأيتُ وحدى 
آخر دمعة
تسقطُ من عينك وهى تمارس الموت
لماذا شككتُ
أنهم نزعوا جهاز التنفس الاصطناعى
بعد عراكى
مع الطبيبة
لماذا رأيتُ – صدفة
جانبًا من عضوِك
العجوز
من شورت برتقالى
كنت أهديتك إياه
لماذا أهديتنى كارتَ عيادتك
- بعد الموت -
حين لم أجد ما أدون عليه
قصيدة فى الشارع
لماذا وجدتُ
بعض الفكة
بعد الموت
فى المحفظة التى اشتريتها لك
بعد مساومة ناجحة
فى سوق الحميدية 
لماذا صمم الله 
على اختراع الموت 
لماذا هذا الاستمتاع
بقتلنا جميعا ؟
 

أردتُ أن أنال
المتبقى من لُعابِك 
بينما أخرجوك
 لعيوننا 
 من الثلاجة

( أعرفك 
 لا تحب البرد )

عُد
عُد
سأفعل أى شىء
سأتحمل تكرار 
كل ما حدث من الناس
كى يعودَ زمنك
كى تخلعَ عن أمى السواد
قم
القبور للموتى يا حىّ 
ألا تسمع
ألا تصحو 
ألا تشتاق للمِبضع 
ولنا ؟
ألا تشتاق للقشدة 
التى نازعتك فيها
أزمنة
حتى تركتها لى
ألا تشتاق لجذبى من على الباب
 كى لا أخرج للأشرار ؟

سأولدُ ثانية
و أكونُ ابنتك
ستكونُ أمى 
غير ما كانت عليه
سأتركك تنامَ بجوارها
فى السريرِ الذى استبعدتُك منه بحُجةِ الحر 
لن أكون عاقة 
لن أهجركما لأحد 
 لن أجعلك تبكى مرة أخرى

عُد
لأعود صغيرة 
أتزوج وأنجب لك أحفادًا
وأطبخ لك
بلا تأفف
 لم أتلمس وجهك 
 بما نبتَ من لحية فى الغيبوبة 
كنتُ مُنفِذة
لأحكام أطباءٍ أعداء 
والمصحف الصغير
يدلنى على ما سيحدث
شفتاى - بالكاد - تمسان
يدَك الراقدة
تحت مراقبة أمنية 
يدَك الرافضة
لكل العالم الآن
و نبضَك الأخير
 30

أحبك
كنتَ تؤمنُ بالعكس
و بخلتُ عليك 
بالتوكيد
غاضبة مما رأيته ابتزازا
لم أنتبه
 لكونك تصدق المأساة

.. لو تعلم !

سواءٌ كنتَ
ما زلتَ ترتدى الحذاء الرياضى
الرخيص
حذاء السائس
أو 
هربتَ إلى مكان
يمنحُك بنتًا غيرى
وبيتًا
غير بيتِنا للرسم
أحبُ أن تعرف
أنا الآن
كما أردتَنى دوماً :
لا أخافُ من شىء
ولا أريدُ تغيير
 أثاثِ البيت .

 

 

مقالات من نفس القسم

خالد السنديوني
يتبعهم الغاوون
خالد السنديوني

Project