محمد فوزي دياب
يعيش الكاتب والناقد ممدوح رزق حالة من التوهج الإبداعي اللافت حيث انتهى منذ فترة قصيرة من ورشته القصصية الثالثة، كما نشر مؤخراً أجزاءاً من مشاريع أدبية ونقدية وفلسفية يعمل عليها حالياً مثل (نصفي حجر)، (دكتور باركمان ومستر ويبستر)، (نبوءات لامرئية)، (مراوغة الإدراك في فلسفة شوبنهاور)، (البصق في البئر)، (النقد الإيروسي)، و(أحلام اللعنة العائلية). تتوزع هذه المشاريع بين المتوالية القصصية والرواية والنوفيلا، ومنها ما يوثّق اكتشافاً أدبياً، وآخر يصك مصطلحاً نقدياً جديداً. في نفس الوقت عُرض بمهرجان شيكاغو السينمائي الدولي وللمرة الأولى فيلم (مكان في الزمن) للمخرج الإماراتي نواف الجناحي عن قصة قصيرة لممدوح رزق، والذي يشارك أيضًا نخبة من الكتّاب والنقاد العرب في تحكيم جائزة أدب الخيال العلمي التي أطلقها بيت الفنون بواشنطن. في هذا الحوار يتحدث ممدوح رزق عن هذه الانشغالات المتعددة، وعن تأثير (كورونا) على مشاريعه، وكذلك توقعاته لما بعد صدورها.
ـ هل كان لـ (عزلة الجائحة) تأثير على عملك؟
بالتأكيد .. حتى شهر مارس من هذا العام كانت لدي خطة عمل مختلفة تمامًا ثم خلال مدة قليلة تغيرت كليًا .. بعد مرور ثمانية أشهر يمكنني القول إنه كان تغييرًا للأفضل، لكنني دون شك لم أكن أريده أن يحدث كنتيجة للوباء.
ـ هل لديك تصوّر معيّن حول ما سيحققه نشر (دكتور باركمان ومستر ويبستر)؟
يُفترض منطقيًا أن يحقق ما يليق باكتشاف يخص أحد أهم الألغاز الروائية في تاريخ الأدب العالمي، وهو الأصل الواقعي لرواية “دكتور جيكل ومستر هايد” .. اكتشاف يعتمد على التماثل الشامل مثلما ذكرت في الدراسة، أي أنه يتفوق على جميع الافتراضات والتخمينات الجزئية التي حاولت أن تُنسب للرواية عبر الزمن .. لكن بما أن الكتاب سيُنشر ـ حتى الآن ـ في “بلد عربي” فدعني أحتفظ بهذا التصوّر مؤقتًا لنفسي.
ـ وبالنسبة لـ (النقد الإيروسي) هل تتوقع أن يتم استخدام المصطلح في الدراسات النقدية بعد صدور الكتاب؟
في الحقيقة أنا غير مشغول بهذا .. ما يعنيني هو التطبيقات التي أمارسها بنفسي لهذا المنهج الجديد، الذي لا يخضع بالطبع للقواعد الصارمة في المناهج التقليدية .. نفس الأمر ينطبق كليًا حول أطروحتي عن شوبنهاور.
ـ ماذا عن تصنيف (سيرة الاختباء) التي تنشر حلقاتها منذ عام تقريباً؟ هل هي سيرة حياتية، أم أدبية، أم مزيج بين النوعين؟
بالنسبة لي هي سيرة فلسفية .. أولًا لأنها تستهدف الذاكرة الشخصية، التاريخ الثقافي، الحياة الأدبية المعاصرة .. ثانيًا لأنها تقوم على التشريحات التقويضية التي تستعمل موضوعات الفن والفكر المختلفة: التصوير، التحليل النفسي، السينما على سبيل المثال.
ـ يُلاحظ أن أعمالك السردية (قيد الكتابة) يجمعها تناول الماضي العائلي بطرق مختلفة، كيف ترى ذلك؟
هذا صحيح بدرجة كبيرة، ولكن بما أنها لا تزال مشاريع في مرحلة العمل سأجيب باختصار: رواية “نبوءات لا مرئية” تتعلق بالكيفية التي يمكن أن تجعل حدثًا في الذاكرة نبوءة غير مدركة لأحداث لاحقة ومتباعدة زمنيًا، أما قصص “أحلام اللعنة العائلية” فهي دمج سحري بين الذكريات وأحلامي بها ـ بالمعنى الأشمل للحلم ـ وبالمدينة بوصفها متاهة سرية للأشباح، وذلك كمطاردة تشريحية للجذور الغامضة التي أنتجت تاريخًا ملعونًا، أما رواية “نصفي حجر” فهي إعادة خلق أسطورية لحياة أخي الأكبر تبدأ من لحظة موته بين أصدقائه، واعتمادًا على اقتفاء أثر خطواته الجامحة في مرحلتي السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي.
ـ حدثنا عن (مكان في الزمن)، التحضير للفيلم، والتعاون مع المخرج نواف الجناحي، وعرضه في مهرجان شيكاغو؟
يكفي القول أن إعداد الفيلم استغرق سنوات طويلة، وأنني سعيد بالتعاون مع المبدع نواف الجناحي، وصدقني فأنا لم أشاهد الفيلم حتى الآن، حيث أنتظر مشاهدته برفقة نواف الجناجي حين يُعرض بمصر، ولكن ما شاهدته في الإعلان الدعائي يجعلني ممتنًا لنواف حقًا.
ـ ماذا تمثل لك تجربة تحكيم جائزة الخيال العلمي التي أطلقها بيت الفنون بواشنطن؟
ككل التجارب السابقة التي شاركت فيها تحكيم الجوائز؛ أجدها فرصة جيدة للتعرّف على بصمات كتابة مختلفة بصرف النظر عن ضرورة تقييمها، خصوصًا في مجال مثل الخيال العلمي.