محمود عبد الدايم
مساء ليلة صيفية، أخبرتني، وعينها اليمني تلمع على غير المعتاد، أني إن استطعت استخلاص الملصق من زجاجة البيرة دون أن يمسسه سوء فهذا يعني أن «عام جنسي سعيد» بانتظاري.
ليلتها.. 3 ساعات انقضت وضعت خلالها على الطاولة خمسة ملصقات مكتملة، فكافأتني بضحكة مُربكة من نوعية الضحكات تلك التي اعتادت أن توزعها على الزوايا المظلمة حولنا في كل مرة وهي تحكي لي كيف حاول أحدهم التحرش بها.
صيف كامل، تلاه شتاء بارد جدًا، وكل ليلة ظلت تجمع أوراقي السليمة في حقيبتها الرياضية، بيتها المتنقل، فداخلها فرشاة شعر، فرشاة أسنان، مشط خشبي، زيت للشعر، ماكينة حلاقة، زجاجة عطر، وقميص نوم أزرق قصير، هديتي الوحيدة، قدمته إليها في ذكرى أحد أعياد ميلادها، لم أزل أتذكر ابتسامة البائعة وغمزتها الفاحشة لي بعدما دسست في يدها عشرون جنيها مكافأة لاختيارها لون كشف بياض باطن فخذها الأيمن الذي انعكس على مرآة البروفة، وجعلها – ولمرة وحيدة- تبتسم كما يليق بفتاة في مثل عمرها أن تبتسم.
10 سنوات مرت، أظنني حظيت خلالها بمائة عام من «الجنس السعيد»، وألف طريقة ذكورية وقحة للتحرش بامرأة نصف جميلة، نصف جريئة، وطريقة واحدة لمنع الأيدي الشبقة من العبث، بعدما أخبرتني أنها تحتفظ بدبوس وحيد تطمئن كل صباح لوجوده، وبوجوده، مغروسًا في جيب الحقيبة الخارجي من ناحية اليسار، دبوس يحمل عينات دم نصف رجال المواصلات العامة والشوارع المزدحمة.
في ليلتنا الأخيرة سويًا، حررت الحقيبة من «الدبوس»، رفعته أمامي، ونظرت إليه بفرحة طفولية، وقالت: «بإمكاني اليوم أن أتهم رُبع أصدقائي، نصف زملائي، وكل الغرباء الذين صادفتهم يوما ما، بارتكاب الفاحشة في الطريق العام، والمواصلات العامة، وأماكن العمل، والمصاعد، غير أني لن أفعل، يشبعني ما تركته على أجسادهم من جروح لن تندمل وما بين أرجلهم من رغبة لن تكتمل».