ملابس المتزوجين الرسمية

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

تيسير النجار

 

أشارت بفخر، وتركت الدمية من يدها، فسقطت على الكنبة، وقالت:

-         ماما عندها نفس الطقم ده.

 أدرت رأسي ناحية التليفزيون، دهشت، كان إعلانًا للملابس الداخلية، سألت بتعجب:

-         مامتكِ بتلبس ده؟

 مازال أصبعها مفرودًا، أجابت:

 

-         أيوه، لكن بتاع ماما لونه سماوي، وفيه فيونكة هنا.

التفت نحوها؛ كانت كفها أسفل صدرها مباشرة، وضعت سيارتي جانبًا، واقتربت منها مستفسرة:

         بجد مامتكِ بتلبس كده؟

 هزت رأسها بنعم، وحملت دميتها لتبدل ثيابها، واصلت أسئلتي؛ وانصرف ذهني عن اللعب

         إزاي بتلبس كده؟ عشان أنتم نصارى؟ بس أنا عمري ما شوفتها لابسة كده؟

 بدا عليها الغضب، قالت:

         عشان مسيحيين يعني عريانين، بتلبسه لبابا يا فالحة، مش للجيران.

 ألقت الدمية وثيابها، أدلت ساقيها استعدادًا للرحيل، صحت:

         يوستينا، استني، ليه مامتكِ بتتعرى قدام باباكِ؟

 كشرت ملامح وجهها المستدير، قالت:

         كل المتجوزين بيعملوا كده، حتى مامتكِ وباباكِ، إنت هبلة يا بت..!!

 زادتني حيرة، استرجعت حياتي، لا يختلي أبي وأمي مطلقًا، لابد أن يوستينا تكذب كعادتها، سألتها بإلحاح: “كلهم؟؟”، وقفت بجوار الكنبة؛ تضبط طوق شعرها

         أووووف .. كلهم، أمال العيال بتيجي إزاي؟

 تذكرت يومًا سألت أختي فيه : العيال بتيجي إزاي؟

قالت ضاحكة: من عند الدكتور.

واصلت: ليه طنط ثريا معندهاش عيال؟

قالت : عشان معهاش فلوس، روحي إلعبي بقى.

 ذهبت وأنا أفكر كيف أن زوجة البواب لديها خمسة أطفال وهى فقيرة، سمعت أمي تقول إنني جئت بالخطأ؛ فقد نسيت أن تأخذ الحبة. انتبهت لحركة يوستينا وهى تحمل ألعابها، طلبت منها أن تبقى لنتناول الغداء معًا، لكنها أصرت على الذهاب، اعتذرت على قولي إنهم نصارى عرايا، صافحتني وأكدت ليس هناك مشكلة، نحن أصدقاء وجيران، خرجت، كانت جميلة وذكية؛ أبي لا يحب صداقتي لها؛ يقول إن أهلها متبرجون؛  يرى أنها ستفسدني، لا أدري كيف، فأنا ارتدي الحجاب ولا أقلدها. حديثها اليوم أربكني، هل تتعرى أمي؟ ترتدي الخمار عند الخروج من المنزل، تربط شعرها بإسكارف في المنزل، لا نشاهد أفلامًا بها أحضان أو قبلات، شاهدتها عند يوستينا مرة، أوضحت لي أن كل الأفلام هكذا، بدأت التركيز في المشاهدة، نعم أبي يبدل القناة عند ظهور مشهد حميمي.                                          

جلست بين أخوتي، حتى غفوت، كنا نشاهد التليفزيون، جاء إعلان بصوت عالٍ، أيقظني؛ لم أفتح عينيّ، سمعت أختي تهمس :”هياخد الحباية الزرقاء زي بابا”، ضحكت الأخرى، أنصت للإعلان ولم أفهم.

في المدرسة سألت يوستينا “إزاي بتيجي العيال؟” وضعت كفها على كتفي، دنت شفتيها من أذني

          بالبوس، يبوسها فتحمل.

         يبوسها فين؟

         في كل حتة؟

 بدا عليها الضجر مني، أجابت “أيوه”، كان سؤالي الأخير “في كل مكان”، “أيوه”، نادتها ماري صديقتها البدينة؛ تركتني وذهبت.                                             

ظللت شاردة طول اليوم، لم أسمع كلمة واحدة من الشرح، كيف أتأكد من كلام يوستينا؟ عدت إلى المنزل، في المساء أخذتني أمي في حضنها ونمنا، وضعت كفي عليها؛ حتى استيقظ إن قامت من جواري، كنت قلقة، شكوكي توخزني هل تتعرى أمي؟ تفعل ما تحذرني منه دائمًا ؟، وأبي كيف أن يصلي بهذا الخشوع وهو يقبل أمي في الأماكن المحرمة؟ أين يختبئان من الله؟، أغمضت عينيّ، تحركت أمي، انسحبت من يدي الممتدة عليها، أحكمت الغطاء فوقي، ومضت، انتظرت قليلاً؛ خرجت خلفها، دخلت غرفة أبي، حاولت سماع حديثها؛ كانت آهات متقطعة، أنه يعذب أمي ولا يقبلها، عدت لغرفتي، أخوتي نائمون هل يعرفون السر؟ حاولت النوم لكني فشلت، غفوت قليلاً؛ وددت أن أسأل أمي لأعرف وأرتاح، لكنها ستسأل من أخبرني، وتمنعني من معرفة يوستينا، شعرت بالاختناق؛ خرجت إلى الشرفة، كانت الشمس تلمع في الأفق، وأمي تلتقط ملابس بدت من ألوانها، وصغر حجمها أنها ملابس داخلية، كورتها بين يديها؛ وابتسمت في وجهي ودخلت.

 

 

 

 

 

 

مقالات من نفس القسم