مرور الكرام

رحاب إبراهيم
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

رحاب إبراهيم

في 2014 فاجأنا المجلس الأعلى للثقافة بتخصيص جائزة الدولة التشجيعية فرع القصة القصيرة للمجموعة القصصية القصيرة جدًا. استاء الكثير من الأدباء وانتشرت الاحتجاجات والمطالبات بالتفسير، فعدد كتّاب القصة القصيرة أصلًا في ذلك الوقت كان محدودًا للغاية بالمقارنة بالرواية. تم جمع توقيعات للمطالبة بإلغاء الشرط، ونُشرت بعض التحقيقات والمراجعات الصحفية للبحث عن الأسباب.

لم يستجب المجلس الأعلى للثقافة. ورغم أن الشرط لم يتكرر في العام التالي، فإنّ المجموعة القصصية الفائزة كانت تُصنَّف كقصصٍ قصيرةٍ جدًا. مع إعلان شروط الترشح لجوائز الدولة التشجيعية للعام الجديد، عاد الشرط المريب للظهور، ليقتصر التقدم لفرع القصة القصيرة على القصة القصيرة جدًا، كما تم حذف جائزة شعر العامية. ظهرت بعض الاعتراضات التي تستنكر حذف شعر العامية من قائمة الجوائز.. أما بالنسبة للقصة فقد ساد صمتٌ تام.

هنا من حقّنا التساؤل عن عدد المجموعات القصصية القصيرة جدًا التي سوف تتنافس على الجائزة ونسبتها إلى عدد المجموعات القصصية بشكل عام، مع ملاحظة أننا نتناول فترة زمنية محددة وهي ثلاث سنوات، وفئة عمرية محددة وهي تحت سنّ الأربعين كما تقول الشروط.

القصة القصيرة جدًا معروفة منذ سنوات طويلة تحت المسمّى الأشمل والأعم وهو القصة القصيرة، ولم ينفرد كتابها بفصلها عن سائر القصص في المجموعة نفسها. على سبيل المثال أذكر «ارتحالات اللؤلؤ» للكاتبة الراحلة نعمات البحيري، و«شهوة الملايكة» للكاتبة سعاد سليمان، وغيرها. فالعبرة في النهاية بقدرة الكاتب على إيصال فكرته بشكل محكم، سواء تمّ هذا في نصف صفحة أو في عشر صفحات.

وعلى فرض وجود خصائصٍ تنفرد بها القصة القصيرة جدًا، ممّا يميّزها ويفصلها عن القصة القصيرة، فالواجب عندئذٍ استحداث فرعٍ جديد للجائزة باعتبارها فنًّا قائمًا بذاته، وليشرح لنا النقّاد تلك الخصائص والميزات التي تنفرد بها ولا توجد في القصة القصيرة.

جوائز الدولة يجب ألا تخضع للأهواء الشخصية، بل لمعايير نقدية واضحة وإحصائيات دقيقة تتناول الكتب المنشورة سنويًا وتصنيفها. لقد ثار الكتاب—وأنا منهم—ونشروا البيانَات الاعتراضية ضد إغلاق مقرات قصور الثقافة، التي ندين لها نحن أبناء مدن مصر في كل المحافظات بدورها في تشكيل وعينا وصقل تجربتنا وإتاحة الفرصة للاشتباك مع دائرة أوسع من المبدعين. ولكن تبقى حقيقة أن البعض يتصرف مع مؤسسات الدولة كما لو كانت ملكًا خاصًا وحقوقًا مكتسبة.

الأمر نفسه ينطبق على المطبوعات الثقافية الحكومية؛ فهل يعقل أن مجلةً صادرةً عن هيئةٍ حكومية يقوم رئيس تحريرها بنشر ثلاثة مقالات باسمه في نفس العدد، وتضمّ أكثر من مقال لنفس الكاتب في نفس العدد أيضًا؟ — أحتفظ باسم المجلة ورقم العدد لمن يود الاطّلاع.

نحن نتباكى حين يقوم البعض بالتقليل من شأن مصر ومحاولة تقزيمها، وهي الكبيرة المتجددة الغنية بإبداعاتها وفنونها وتاريخها. لكننا نفعل ما هو أخطر حين نخفض سقفَ الإبداع ونضيّق على مبدعيها، وخاصة الشباب منهم.

مقالات من نفس القسم