CV
تبويب صارم للشهيق،
سنواتٌ على الشاشة، الشهاداتُ قبل الوظائف،
واللغاتُ بكل عذابها تحت خانة اللغات.
أين ذهبت كل تلك الأيام الضائعة، تجريب العمى
هلاوس تخبُّ على جدران الغرفة
أين الذنوب
والحزن المفاجئ أمام تل من الفاكهة على عربة يد في شارع منسيّ.
سنواتٌ بلا انتظار ولا جنازات،
خالية من الإحباط المقرف، من قضْم الأظافر
ومن نسيان مفتاح البيت داخل البيت.
ليس فيها حتى نافذة واحدة مفتوحة
ولا رغبة مؤجلة في القفز إلى الغياب
حياة متخمة بالإنجازات،
مغسولة من عكّ الحياة نفسها
كدليل قاطع على أنّ صاحبها
طمس أخيرا علاقته بالطين.
حكاية المرأة المكتئبة والضيْف الجشع
طقطقت أسنانها من البرد ففكّر أن هذا هو التعريف الممكن للوحدة، وعندما ذكّرها نُباحٌ بعيدٌ بكلابٍ مؤرقةٍ في عتمةٍ كانت فيها تائهةّ .. بدأ روايةً رديئةً عن تسعينيات القاهرة. المرأة المكتئبة التي تتحرك في المشهد ليست فقط امرأة وليست فقط مكتئبة، إنها تلك المغنية المعتزلة، أنتم تعرفون قصتها، المخبولة: ظنت أن لؤلؤاً يخرج من فمها وحتى لا يتاجر به الجمهور مضغت صوتها وبلعته. المكتئبة لا تريد أن تُهمهم وهي تقلّب القهوة حتى لايُشبّه ذو الفطنة البهجة بامرأة تدندن وهي تعدّ له القهوة. ذو الفطنة ما زال جالساً على الكنبة، يوثّق كل نأمة بمهارة آلة تسجيل، وسيدُس حنجرتها في جيبه لحظة الخروج كي يضيف عليها تأويلاته فيما بعد. بالطبع أنا لا أحكي لكم ما حدث من أجل نتيجة سخيفة من قبيل أن تتعاطفوا مع المخبولة أو الضيف الجشع، فالمخبولة ستقسم في المصحة بعد شهرين بالتمام أن كل ذلك لم يحدث. كما أن من حقكم تماماً أن تصدقوا أنه لم يكن هناك لؤلؤ.
الشرّ
كنت أظن أن هناك شراً كثيراً في العالم
فرغم أنني أكثر أصدقائي حناناً، لم أر وردةً على مائدة
إلا وطحنتُ طرْفها بين الإبهامِ والسبّابة
لأتأكّد أنها ليست من البلاستيك.
مؤخراً بدأت أشك في وجود الشرّ أصلاً
كأنّ الأذى كله يكون قد حدث بالفعل
في اللحظة التي نتأكد فيها
أن الكائنات التي أدميْناها كانت حقيقية.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
صدر عن دار شرقيات بالقاهرة، والتنوير ببيروت 2013