محمود عزت
سينما على البحرْ
ليرى البحّارة من بعيد
إعلانات الأفلام الجديدة
المزيّنة بالنيون الأزرق والأحمر.
ويرى الواقفون على الشاطئ
وجوه هوليوود الوسيمة
غائمة ومموّهة على الموج.
سأعرض فقط الأفلام التي تروق لي
أو يرشحها أحدهم
أشارك أهل البلدة العرض الأول
ثم أصعد إلى بيتي
فوق السينما
أطل أنا وأنتِ من الشرفة
جوار الأفيشات الكبيرة ومصابيح النيون
نتأمل البحر والمراكب الصغيرة الطافية
نشرب الشاي
ونحكي عن حياتنا البلهاء القديمة
عن البشر العجيبة التي قابلناها
عن الأيام العجيبة التي كانت تتراكم حولنا
كقوالب الطوب الأحمر
المعدّة للبناء، والمتناثرة حولنا على الدوام.
التي لم نفلح في أن نصفّها حتى
بيننا وبين كلاب الشوارع
بينما نتجادل أمامها بحدة
كل يوم
عن خطط الفيلّا
الفيلا الأرستقراطية الأنيقة
الممتعضة المستاءة
على حافة الطريق.
هل كنا حمقى إلى هذا الحد؟
البلدة الصغيرة
مغروسة القدمين في الرمل أمام البحر
والتي يحبني كل سكانها
ماعدا واحداً أو اثنين
يعتقدون أنني زائفٌ بشكل ما
بينما يأتي الباقون إلى السينما
ويلوّحون لي من بعيد
ويدعونني إلى حفلاتهم الصغيرة
التي يناديني فيها الجميع: عزّت
هل رأيت ذلك يا عزت؟
ما رأيك في فلان يا عزت؟
ما هو فيلمك القادم يا عزت؟
عزّت صاحب السينما الصغيرة على البحر
وحرمه الرقيقة
التي تعدّ الكيك والحلوى للجميع
ويدعوان كل أهل البلدة مساءً
لمشاهدة الأفلام الجديدة
يفتحان الأبواب للجميع
ويوزّعان الشاي والكيك.
“عزت” الذي يكتب أحيانا قصائد لطيفة
يعلقها في نادي البلدة
بينما ترسم حرمه الرقيقة على الزجاج.
“عزت” الذي أتى من بعيد
اللطيف الخجول
الذي يحمرّ وجهه أثناء المديح
أو اللوم
أو النقاش
والذي لم تكن له منذ أن جاء إلى البلدة
أي مشاريع أو إنجازات أخرى
بخلاف سينماه المبهجة الصغيرة هناك
مكعبه البنفسجي المضيء
بالقرب من البحر.